جدل حول حظر النقاب في الجامعات المصرية بعد تعنيف شيخ الأزهر لتلميذة منقبة
٦ أكتوبر ٢٠٠٩أثارت الأنباء التي تفيد باعتزام شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي إصدار قرار يمنع ارتداء النّقاب في المعاهد التابعة لجامعة الأزهر ردود فعل مختلفة من قبل علماء دين مسلمين ومنظمات حقوقية. وكانت صحفية "المصري اليوم" قد ذكرت أن طنطاوي سوف يصدر قرار في هذا الشأن خلال الأيام القليلة القادمة، وتفيد بعض المصادر إلى أن هناك بالفعل تعليمات بمنع دخول المحجبات إلى المؤسسات التعليمية والمساكن الجامعية التابعة للأزهر. وكانت الصحيفة نفسها قد كشفت عن واقعة قيام شيخ الأزهر بأمر طالبة بالمرحلة الإعدادية، خلال جولة تفقدية قام بها في أحد المعاهد الأزهرية بداية هذا الأسبوع، بخلع النقاب، وبأنه قال لها إن النقاب "مجرد عادة ولا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد"، وزعمت الصحيفة أن طنطاوي عنف التلميذة بعبارات محرجة.
"عادة جاهلية" يترتب عليها عزلة اجتماعية"
وفيما أبدى البعض تأييده لمنع النقاب وبالتالي لوجهة نظر الأزهر، رفض البعض الأخر ذلك بحجّة أنّه يتنافى مع مبدأ الحرية الشخصية. في هذا السياق دعا عالم الدين السعودي، محمد النجيمي، شيخ الأزهر إلى العدول عن قراره "حتى لا يقع في مصيبة" وإلى ضرورة "احترام الأديان والمذاهب"، مشددا، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، على أن النقاب ورد ذكره في الحديث النبوي.
لكن أستاذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر، سعاد صالح، أيدت، في لقاء مع دويتشه فيله، فكرة حظر النقاب في الجامعات، مبرّرة ذلك بالقول إنه "ليس بفرض ولا واجب وليس بسنّة"، معتبرة أن ارتداءه "مجرّد عادة جاهلية موروثة قبل الإسلام." وقدمت صالح بعض الأسباب التي تبرر منع الحجاب منها أنه يترتّب عليه عزلة اجتماعية للمنقبات، حيث يشكل "جدارا عازلا بينهن وبين محيطهن الاجتماعي"، كما إنه ـ والكلام مازال لصالح ـ يجسد نظرة سلبية لغير المنقبات "لا تمت إلى الدين بصلة"، بأنّهن "مخطئات وآثمات ويجب معاقبتهن". وتضيف أستاذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر بالقول بأن ما يزيد الأمر حساسية هو أن بعض التيارات في مصر، دون أن تحدّد هويّتها، تروّج لفكرة ارتداء النقاب.
"ترويج لإسلام سلفي"
وعلى الرغم من أن ظاهرة ارتداء النّقاب في الجامعات المصرية تعود إلى الثمانينات، إلاّ أن سعاد صالح ترى بأنها انتشرت بسرعة. وتوجّه أصابع الاتهام في ذلك إلى بعض القنوات التلفزيونية، التي تقول عنها بأنّها "تروّج لإسلام سلفي"، إلى درجة أن بعضها أصبح "يتبنّى فرضية ووجوب ارتداء النقاب على المسلمات"، الأمر التي تصفه بأنّه يتعارض مع الدين الإسلامي.
"إقصاء المنقبات من الجامعة سلوك تمييزي"
ومما زاد من حدة الجدل حول موضوع النقاب في مصر، أن وزير التعليم العالي المصري، هاني هلال، كان قد قرر منع الطالبات المنقبات من الإقامة في المدينة الجامعية التابعة لجامعة القاهرة، وفقا لما ذكرته "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" أمس الاثنين، مشيرة إلى أنها بصدد اتخاذ إجراءات قانونية ضد الوزير. ويهدف الحقوقيون من وراء ذلك إلى الحيلولة دون صدور قرار من شيخ الأزهر وإبطال قرار ووزير التعليم العالي. في هذا السياق يقول حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في مقابلة مع موقعنا، إن منظمته تستند في هذا الشأن إلى حكم أصدرته المحكمة الإدارية المصرية قبل سنتين، تقول فيه إنّه لا يجوز فرض حظر مطلق على ارتداء النقاب في الأماكن العامة، لأن ذلك من شأنه أن يتنافى مع الحريّة الشخصية والحق في المساواة المكفولين بموجب الدستور.
ويشدّد الحقوقي المصري على منظمته لا تدعم ارتداء النقاب، ولكنّها تدافع عن "الحرّية الشّخصية والحق في اختيار الزي الذي يتماشى مع المعتقدات الدينية"، حتى وإن لم "تكن هذه المعتقدات الدينية محل اتفاق فقهي وديني". ويصف بهجت إقصاء المنقبات بأنّه "سلوك تمييزي ويخالف الدستور والقانون". وعلى الرّغم من أنه يتفق مع الأزهر في أن "النّقاب لا علاقة له بالدين الإسلامي وأنه دخيل على الثقافة المصرية"، إلاّ أنّه يشدّد في الوقت نفسه على أنّه "لا يحق للأزهر أن يفرض رأيا دينيا معيّنا على المسلمات"، مشيرا إلى أنّه "ليس له سلطة في إصدار تفسيرات ملزمة للإسلام".
الكاتبة: شمس العياري
مراجعة: عبده جميل المخلافي