تويتر يشتعل بين "مخون" و"مبرئ" لساحة السيسي
٢٢ يونيو ٢٠١٦احتفى العديد من المصريين بقرار مجلس الدولة المصري القاضي بإلغاء اتفاقية منح الحكومة المصرية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية. خبر فاجأ الكثيرين بقدر ما أفرحهم وخاصة رواد وسائل التواصل الاجتماعية. إذ اعتبر بعضهم القرار "إنصافا للتاريخ ولسيادة مصر وعودة الحق لصاحبه". ويمكن القول إن هذه الفرحة تحمل في طياتها دلالات أخرى، فهي أيضا تعبير عن رفض شعبي لقرار الرئيس السيسي بالتخلي عن الأرض المصرية.
وهو ما يخالفه أنصار الرئيس المصري من المغردين على تويتر. فهم رفضوا طعن المحكمة و لهم حججهم الكثيرة في ذلك. إذ أن الكلمة الأخيرة تعود دوما إلى الرئيس أو لمجلس النواب على حد تعبيرهم. رصدنا لكم أبرز هذه ردود الأفعال المختلفة وأكثرها جدلا على تويتر.
لخص أحد المغردين أجواء الفرح التي غمرت مصر بعد إصدار مجلس الدولة المصري بتغريدة تحمل وسم #تيران_وصنافير_مصرية وصورة لمظاهر الاحتفال على طريقة أهل الصعيد في الجنوب المصري.
أما المغرد عمرو مختار فاختار حس الدعابة للتعبير عن ردة فعل الملك سلمان بن عبد للعزيز على قرار المحكمة المصرية. استخدم مختار وسم #تيران_وصنافير_مصرية وعبر في تغريدة تحمل صورة الرئيس السيسي في حيرة من أمره وفي حوار مع وزير خارجيته سامح شكري الذي يبلغه بأن السعوديين يطالبونه بأموالهم.
فما كان على الرئيس السيسي إلا الإجابة بأنه في انتظار أن تبيع الحاجّة زينب "حلقها". ويعرف عن الحاجّة زينب لدى المصريين أنها سيدة تبرعت بحلق ذهب إلى صندوق تحيا مصر، الذي دعا الرئيس السيسي لإنشائه قصد دعم الإقتصاد المصري.
فيما رحب الكوميدي الساخر باسم يوسف هو بدوره بقرار المحكمة واستغل الفرصة للمطالبة بإطلاق سراح الناشط الحقوقي والمحامي مالك عدلي. وكانت السلطات المصرية قد اعتقلت عدلي مع حوالي ناشطين آخرين بتهمة نشر شائعات عن بيع الرئيس السيسي للجزيرتين وأيضا بتهمة التحريض على التظاهر ضد القرار.
رواد تويتر استخدموا أوسمة #الحرية_لمالك_عدلي و#خرجوا_اللي_حموها_واسجنوا_اللي_باعوها احتجاجا على تواصل اعتقال السلطات المصرية لما بات يعرف بمعتقلي الأرض والمطالبة بسجن من بادر ببيع البلاد على حد تعبيرهم.
أما المعارض المعروف وزعيم حزب غد الثورة أيمن نور فانتقد نية الحكومة المصرية الطعن في قرار مجلس الدولة المصري وذلك على لسان المستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية. الحكومة المصرية تنوي إعداد مذكرة وافية للطعن كما أنها تستعد لطرح المشروع على مجلس النواب للمصادقة على الاتفاقية. وردا على ذلك قال نور في تغريدة على تويتر أن الطعن لا يوقف نفاذ قرار المحكمة. تصريحات قد تنبأ بدخول مصر في صراع سياسي وقانوني بين السلطات الثلاثة: التنفيذية والتشريعية والقضائية.
يُذكر أن الحكومة المصرية كانت قد تنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير إلى الحكومة السعودية في إطار اتفاقية لترسيم الحدود البحرية وُقِّعت في حضور الملك سلمان بن عبد العزيز خلال زيارته إلى مصر في شهر نيسان/أبريل الماضي. في المقابل تعهدت السعودية بدعم الاقتصاد المصري بمساعدات مالية تصل إلى 27 مليار دولار. وفي محاولة لتسليط الضوء على الحقائق التاريخية للجزيرتين، أعد عضو مجلس النواب مصطفي بكري كتابا يؤكد فيه ملكية المملكة العربية السعودية للجزيرتين. إلا أن مغردين أبدوا سخريتهم من الكتاب ومن صاحبه.
لكن مصطفى بكري طعن من جهته في قرار المحكمة وقال في تغريدة له إن "الحكم يخالف المادة 151 من الدستور والتي تنص على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب". ما يعني أن رئيس الجمهورية أعلى من القضاء الإداري في هذه الحالة. كما أضاف بكري أن القرار باطل لأنّ "المحكمة غير مختصة".
شباب حركة 6 أبريل المعارضة فضلت استخدام وسم #عواد_لازم_يتحاكم وذلك في إشارة للرئيس السيسي. ويعيد هذا الوصف إلى الأذهان وسم #عواد_باع_أرضه الذي تصدر تويتر بعد قرار تنازل الحكومة المصرية عن الجزيرتين. هذا الوسم صار شعارا ردده المحتجون في شوارع مصر خلال احتجاجات قمعتها السلطات المصرية وهو مستنبط من حكاية من الفولكلور المصري عن فلاح يدعى عواد باع أرضه. لكن إزاء تلك الاحتجاجات أكدت الحكومة المصرية مرارا أن الجزيرتين تعودان في الواقع إلى المملكة السعودية التي طلبت من مصر تولي حمايتها عام 1950.
إلا أن أنصار الرئيس السيسي لم يبقوا مكتوفي الأيدي، إذ استمات الإعلامي المصري المعروف معتز الدمرداش في الدفاع عنه على تويتر مستخدما في ذلك وسم #السيسي_لاعمره_باع_ولاخان. وانتقد الدمرداش خصوم السيسي ممن يصفونه بالخيانة بسبب تنازله عن سيادة أراضي مصرية.
وتزامنا مع هذا الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعية قضت محكمة الجنح في القاهرة بتبرئة ذمة 22 شابا من متظاهري "جمعة الأرض" كان قد ألقي القبض عليهم في شهر نيسان/ أبريل الماضي خلال الاحتجاجات العارمة التي تبعت توقيع الاتفاقية.
ووعد المحامي خالد علي الذي تقدم بالشكوى أمام مجلس الدولة المصري بتقديم وثيقة ذات 21 صفحة تحتوي على تفاصيل القضية كاملة توثيقا "للتاريخ ولحفظ حقوق الأجيال القادمة"، بحسب رأيه:
من جهته لم يعلق الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد على قرار مجلس الدولة المصري لا على موقع تويتر ولا لوسائل الإعلام المصرية. لكن ماهو معلن إلى الآن هو أن حكومته ستقوم بالطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية "صاحبة الفصل في القضية"، وستقدم كل "الوثائق التي تحت يديها لبيان سلامة وقوة أسانيدها".