توظيف سياسي للمسلسلات الرمضانية في مصر
١٢ يوليو ٢٠١٤في العام الماضي كانت الموضوعات السياسية حاضرة بقوة في المسلسلات الرمضانية. في هذه السنة يلاحظ تراجع الإقبال عليها بشكل طفيف، غير أن هذه الموضوعات لازالت في دائرة الاهتمام. أبرز الاعمال الدرامية السياسية هذا العام تتجلى في مسلسل تفاحة آدم، الذي يعكس مدى كذب رجال الجماعات الإسلامية على شبابها للدفع بهم إلى مواجهات مع الشرطة، وقيام جماعة الإخوان المسلمين بعقد صفقات مشبوهة مع قيادات الداخلية، أو التقصير الأمنى للشرطة منذ جمعة الغضب في 28 يناير 2011.
ويتناول مسلسل "إمبراطورية مين"، الأوضاع في مصر بعد ثورة 25 يناير في إطار كوميدي ساخر. وهناك مسلسلات أخرى، وهي الأكثر انتشارا، تناولت الوضع في فترة حكم مبارك وفساد رجال الأعمال، ومنهم مسلسل السيدة الأولى، التي تشير إلى شخصية قرينة الرئيس الأسبق مبارك، ومسلسل الإكسلانس، الذي يرصد رجل أعمال فى ظل حكم الإخوان لمصر، وتوريطه في معترك السياسة، فيما يركز مسلسل "الصندوق الأسود" على رموز الفساد من بين رجال أعمال ومسؤولين فى عدد من الوزارات خلال فترتي مبارك ومرسي. وفي الوقت ذاته، مُنع عرض مسلسل أهل إسكندرية في رمضان، للمؤلف بلال فضل، والذي يتناول موضوع ضابط فاسد في فترة ما قبل الثورة.
الشناوي: الإحساس بالبطولة اقل هذا العام
الناقد الفني المعروف طارق الشناوي، يقول في حواره مع DW/عربية، إن هناك دعم مالي قوي للفضائيات لانتقاد الإخوان المسلمين و ثورة 25 يناير. واعتبر الشناوي أن "الموقف الآن هو عبارة عن تعرية نظام سياسي، قامت الجماهير بإسقاطه وأصبح منتهيا بحكم القانون وليس فقط الشعب. وبالتالي، فالإحساس بالبطولة أقل هذا العام"، حسب الشناوي.
ويندهش الشناوي من التوازن الحاصل في انتقاد مسلسل تفاحة آدم لوزارة الداخلية، حيث يعكس موقف تعاطف مع وزارة الداخلية وليس إدانتها. وتابع " لم يكن هذا التوازن موجودا حتى قبل ثورة 25 يناير، والدليل على ذلك هي الفوضى التي كشفت مدى إنتهاك الشرطة لحقوق الإنسان". والأدهى من ذلك، وفقاً للشناوي، هو الترحيب السابق لعدد من المثقفين لهذا التقييد، بحجة ربط وضبط الأعمال الدرامية.
وأشار الشناوي إلى الصلات القوية بين الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي والإعلام، والتي لم تكن موجودة في عهد مبارك، حيث لم يقابلهم كما يفعل السيسي. ويشرح هذه العلاقة القائمة من خلفية إيمان السلطة الحالية بقوة الفضائيات ودورها في ثورة 25 يناير و 30 يونيو. فعندما مُنع مسلسل "أهل إسكندرية"، قيل إن السبب يعود إلى أن ابطاله من الرموز التي شاركت في ثورة 25 يناير. ولكن المخزي وفقا للشناوي هو التكتم الإعلامي الذي صاحب قرار المنع، خلافا لقرار الحكومة المصرية عندما منعت فيلم حلاوة روح.
ويعتقد الشناوي أن الأمور الآن مازالت في وضع ضبابي، حيث إنه لايستطيع التوقع ما اذا كان هذا الاتجاه سيستمر أم لا.
إجازة من السياسة
في مسلسلات رمضان هذا العام هناك رغبة بعدم الحديث في القضايا السياسة بشكل مباشر، على عكس مسلسلات ما قبل ثورة 30 يونيو. غير أن الصحفي محمد عبدالرحمن، يلاحظ في حواره مع DW/عربية أن السياسة رغم كل ذلك "موجودة في كل المسلسلات، حتى في مسلسلات الكوميدية التي تتم تغذيتها من الشارع السياسي". وبالمقابل يتحدث مسلسل السيدة الأولى، عن كواليس الحكم، ولكن في سياق درامي غير سياسي. وبذلك يهدف صناع الدراما إلى تجنب تهمة استهداف شخصيات معينة. وشدّد المتحدث على ارتباط السياق الدرامي بالأحداث في مصر، حيث كان في العام الماضي توجّه لفضح الإخوان، ولكن بعد رحيل نظام مرسي، لم يعد هناك خصم سياسي لتناول ذلك، لأن الصراع أصبح مع الإرهاب.
ويرى المتحدث عبد الرحمن أن تناول الموضوعات السياسية في المستقبل ستكون محدودة، والسبب في ذلك يعود إلى أن القنوات معظم الفنانين يؤيدون النظام الراهن، مستشهدا في ذلك بمسلسل أهل اسكندرية. فالغرض من منع ذلك المسلسل عمد إلى عدم التذكير بالأحداث التي تثير مخاوف المصريين، مثل عودة رموز ما قبل 25 يناير خاصة الضباط ورجال الأعمال منهم. كذلك الأمر بالنسبة لمسلسل الاكسلانس الذي يتناول رجال الأعمال الفاسدين في عهد مبارك، " فهو أيضا جاء في إطار درامي لا يدين أحدا".
التهكم على الإسلاميين بضاعة زائفة
ينتقد الدكتور وليد سيف، رئيس قسم النقد السينمائي بأكاديمية الفنون المسلسلات التي تتناول الاسلاميين بسخرية و"تتهكم عليهم باعتبارهم بضاعة زائفة". وقال في حديثه مع DW/عربية" الجمهور لا يتمتع بالسخرية من ناس تم هزمهم. إن ذلك النوع من السخرية لا يجذب المشاهدين".
ريهام مقبل - القاهرة