مصر مضطربة ومنقسمة في ذكرى عزل مرسي
٣ يوليو ٢٠١٤مع مرور الذكرى الأولى على عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي من قبل الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي -الرئيس الحالي- بعد مظاهرات شعبية لا يزال مشهد الانقسام مسيطرا على الحالة المصرية.
وخلال العام المنصرم انهار التحالف الذي أدى إلى عزل مرسي، خاصة أن كثيرا ممن دعوا للنزول في 30 يونيو محبوسون حاليا في السجون، معظمهم بسبب خرقهم لقانون التظاهر، الذي أصدره الرئيس المؤقت، رغم أن عزل مرسي كان بتبرير المظاهرات الحاشدة المطالبة بإسقاطه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وبينما يحيي الإخوان هذه الذكرى بالتظاهر والحشد لـ"انتفاضة شعبية"، فيما اكتفت قوى سياسية معارضة ببيان مندد بأساليب النظام في مواجهة المعارضين، في الوقت الذي دعت فيه أحزاب مؤيدة للسيسي للاحتفال في محيط قصر الاتحادية.
الإخوان يحشدون لـ"ثورة جديدة"
كعادتهم كل يوم جمعة، نظّم مؤيدون للرئيس المعزول محمد مرسي، فعاليات احتجاجية تنوعت بين مسيرات وسلاسل بشرية في عدة مدن، إلا أنهم دعوا لما وصفوه بـ"انتفاضة شعبية" في 3 يوليو المقبل، تزامنًا مع ذكرى مرور عام على عزل مرسي من قبل الجيش.
وكان التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب قد وجه رسالة لأنصاره، قبلها بيوم قال فيها: "انطلقوا في أسبوع ثوري تحضيري لانتفاضة 3 يوليو تحت شعار سنحيا كراما، واستقبلوا شهر رمضان ببرنامج إيماني ثوري متتابع، واصنعوا منه شهرًا فارقًا في تاريخ الثورة.. لنجعل ذكرى الانقلاب الأولى كابوسًا على خونة الوطن من الانقلابيين يلعنون فيها أيامهم السابقة واللاحقة".
وتكررت مثل هذه الدعوات خلال العام الماضي، إلا أنها لم تفلح في ظل وجود مواجهة شرسة من قبل قوات الأمن للتظاهرات.
وبدأت صفحات الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي في دعوة المواطنين للنزول في ذكرى عزل مرسي للمطالبة بسقوط النظام، فيما كتب بعض أنصارهم عبارات على الجدران الشوارع مثل "اغضب.. انزل.. احشد ل3/7".
ولا يتوقع أن يعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة حكمه، حيث كان قد قال في مقابلة تليفزيونية أثناء فترة ترشحه للانتخابات "لن يكون في عهدي شيء اسمه جماعة الإخوان المسلمين".
الإخوان: المرحلة المقبلة ستشهد توسعا في الحراك الثوري
فيما قال أحد القيادات الشابة من الإخوان لـDWإن إدارة الإخوان في مرحلة ما بعد عزل مرسي تطورت وأعتقد أنهم سيتطورون أكثر.. تطورنا في مواجهة قوات الأمن وفي المسيرات وفي التواصل مع القوى الأخرى كما أنه أصبح هناك مشاركة أكثر للشباب ".
ويوضح "كان في البداية تتم مواجهة أي مسيرة بالعنف من جانب البلطجية والأمن.. أما الآن فأصبحت لسلميتنا أنياب والبلطجية الآن لا يستطيعون مواجهة الإخوان".
ويضيف أن الشباب يبحث حاليا عن وسائل أكثر إبداعا للاحتجاج، وستشهد فترة ما بعد 3 يوليو مرحلة جديدة من "الثورة على النظام.. من الممكن أن تأخذ وقتا تمتد لسنة أو سنتين، لكن ستزداد المعارضة في الفترة المقبلة وستشهد المرحلة المقبلة توسعا في الحراك وتغيرا في الأساليب".
معارضون يكتفون ببيانات احتجاجية
وبعد عام من عزل مرسي انضم لمعارضة النظام الجديد عدد من القوى السياسية الليبرالية التي شاركت في الدعوة لعزل مرسي من منصبه، خاصة الشبابية منها بسبب الانتهاكات الحقوقية ضد المعارضين واعتقال الآلاف منهم.
ويقول محمد كمال المتحدث باسم حركة 6 أبريل لـDWإن "تحالف 30 يونيو انهار تماما ولم يعد لديهم القدرة على الحشد الجماهيري.. 30 يونيو كانت موجه ثوريه ضد فشل حكم الإخوان... وانقضت المؤسسه العسكريه عليه لتمهد الطريق لقائد الجيش ليتولى السلطه.. اذا 30 يونيو موجه ثوريه اتبعها انقلاب عسكري صريح في 3 يوليو"، مؤكدا عدم مشاركة الحركة في أي فعاليات في ذكرى عزل مرسي "لان ذلك سيزيد الاستقطاب" حسب قوله.
ويتوافق معه في الموقف حزب مصر القوية، حيث قال الدكتور محمد عثمان عضو المكتب السياسي بالحزب لـDW"لن نشارك في أي فعاليات.. فقط سننشر بيانا وسنحدد فيه مطالبنا في المرحلة القادمة خاصة المتعلقة بعودة الحريات، خاصة أن المجال العام يسير نحو الأسوأ والثورة المضادة تتملك المشهد الآن لكني لا أتوقع أن تطول هذه الحالة".
الحزب الديمقراطي: نأسف أن تأتي ذكرى 30 يونيو والشباب في السجون
فيما أعرب الحزب المصري الديمقراطي -في بيان رسمي له- عن تحفظه وأسفه أن يأتي الاحتفال الأول بـ30 يونيو و"الشباب الذين كانوا في طليعتها محبوسون أو ملاحقون بسبب تمسكهم بحقهم في التعبير عن رأيهم، والحريات التي ناضل المصريون من أجلها وتمسكوا بها في دستورهم الجديد يجري التضييق عليها، وأحكام الإعدام الجماعية تتوالى، وقانون التظاهر يمنع حق التظاهر السلمي، بينما قانون الانتخابات البرلمانية يدفع لتشكيل برلمان ضعيف ولا يمثل الشعب تمثيلا سليما."
وكان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي قد شارك بقوة في الاحتجاج ضد الحكم ألإخواني وشارك في أول حكومة أعقبت عزل مرسي، كما شارك ممثلون عنه في وضع دستور جديد للبلاد.
النظام مهدد إذا استمرت الضغوط الاقتصادية
"هناك حالة موت للحالة الحزبية بشكل واضح"، هكذا يصف حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الوضع السياسي في مصر، إلا أنه يحذر في الوقت نفسه من استمرار الضغوط الاقتصادية على المواطن المصري.
ويوضح حسني في حديث لـDWأن السبب في موت الحياة الحزبية يعود إلى خوف الأحزاب من عودة الإخوان مرة أخرى لأنهم أضعف من أن يواجهوا الإخوان فاتجهوا لأن يكونوا في جانب الجيش طواعية حتى تكون لديهم القدرة على البقاء في المشهد، فضلا عن وجود أحزاب مصطنعة وعودة بعض الوجوه المحسوبة على نظام مبارك للصدارة".
وأضاف أن موت الحياة الحزبية في مصر ليس معناه موت الحراك السياسي فهناك حالة من الصخب السياسي خارج إطار هذه الأحزاب سواء من أطراف غير شرعية مثل جماعة الإخوان أو الحركات الشبابية أو حتى بعض المثقفين الذين يعترضون على سياسة النظام الجديد.
وحول مستقبل الحالة السياسية المصرية قال حسني " مصر لا تزال تبحث عن نفسها لكن إذا استمرت الحالة الاقتصادية المتدهورة فالمصريون لن يتحملوا كثيرا وسيصبح هناك تهديد حقيقي يستهدف استمرار النظام".