"تناول فيلم حياة الآخرين لأسئلة إنسانية ساعد على نجاحه عالميا"
٣٠ يناير ٢٠٠٧بعد الإعلان عن ترشيح فيلم حياة الآخرين لجائزة الاوسكار لأفضل فيلم أجنبي الأسبوع الماضي انتعشت آمال صناع السينما الألمانية في الحصول على جائزة الأوسكار للمرة الثالثة في تاريخ الجائزة. فحتى الآن لم تحصل ألمانيا على جائزة الأوسكار سوى مرتين: الأولى عام 1980 عن فيلم الطبلة الصفيح للمخرج فولكر شلوندورف، والثانية عام 2003 التيه في أفريقيا للمخرجة كارولينا لينكس. مخرج فيلم حياة الآخرين فلوريان هينكل فون دونارسمارك يتحدث في حواره مع موقع دويتشه فيله عن مصاعب تسويق الفيلم الألماني عالميا، وعن خصوصية فيلمه التي أهلته للترشيح لجائزة الأوسكار.
دويتشه فيله: تهانينا الخالصة لترشيح فيلمكم"حياة الآخرين" لجائزة الأوسكار. كيف كان وقع الخبر عليكم؟
فلوريان هينكل فون دونارسمارك: تلقيت الخبر بارتياح بالغ، خاصة لمعرفتي أن الكثير من جمهور الفيلم ينتظر هذا الترشيح. وعلى كل حال أعتقد أن هذا التتويج ليس لشخصي وإنما هو تتويج لأسرة الفيلم بأكملها. هنا في تولوز حيث أتواجد حاليا تم عرض الفيلم للمرة الأولى ليلة أمس، وفور سماع الخبر قام موزعو الفيلم بتغيير اللافتات بحماس ووضعوا لافتات جديدة مكتوب أسفلها أن الفيلم مرشح لأوسكار.
كيف كان تواصل الجمهور الفرنسي مع الفيلم؟
جيد جداً. فالجمهور الفرنسي على إطلاع واسع بموضوع الفيلم، الأمر الذي شجع موزعي الفيلم على عرضه بشكل واسع، حيث تجاوز عدد نسخ الفيلم التي ستعرض في فرنسا 120 نسخة، أي عدد مقارب لما كان عليه الحال في ألمانيا. كما أن رأي النقاد الفرنسيين مهم على الساحة الفنية ويأخذ به عالميا. على سبيل المثال بعدما اكتشف النقاد الفرنسيون المخرج النمساوي ميشائيل هانيكه بدأنا في ألمانيا نهتم بأعماله حتى أصبح واحدا من المخرجين المهمين.
هل هناك إقبال على الأفلام الألمانية بالخارج؟
من غير المعتاد أن يقبل المشاهدون في الخارج على مشاهدة أفلام أجنبية بترجمة أسفل الشاشة. فمثلا أفلام هوليود تتم غالباً دبلجتها إلى كل اللغات العالمية. كما أن المشاهد الأمريكي تعود على مشاهدة الأفلام مدبلجة باللغة الإنجليزية، وفي حالة ترجمة الحوار عن طريق وضع شريط أسفل الصورة فإنه يجد صعوبة في القراءة ومتابعة المشاهد في نفس الوقت. ولهذا فان نجاح الأفلام الألمانية في الخارج، مهما كبر، لا يمكن مقارنته بنجاح الأفلام الأمريكية. على سبيل المثال يُعد فيلم "السفينة" أنجح الأفلام الألمانية في أمريكا، حيث حقق ايرادات تجاوزت 11 مليون دولار، غير أن هذا الرقم لا يزال محدودا بمقاييس السينما الأمريكية، بل أن الفيلم الأمريكي الذي يحقق مثل هذه الإيرادات لا يعد فيلما ناجحا. لذلك علينا أن نكون واقعيين فيما نأمل في تحقيقه، لكن من ناحية أخرى يجد الفيلم الألماني طريقه إلى نخبة من الجمهور منفتحة على ثقافة الآخرين، وهو أمر يدعو للسرور.
أليس من الضروري الإلمام بالحقبة التاريخية التي تدور فيها أحداث الفيلم كشرط لاستيعاب مضامينه؟
لا يحتاج فهم هذا الفيلم إلى معرفة جيدة بالتاريخ الألماني، والا سيكون مخصصا فقط للنخبة ذات التكوين الأكاديمي. بل لدي شعور بأن فكرة الفيلم وطريقة عرضه للأحداث والوقائع حظيت بإعجاب الجمهور الأمريكي بسبب تجنبه لتقسيم العالم إلى أخيار وأشرار. أعتقد أن الأمريكان لديهم شعور بأن تقسيم العالم إلى معسكرين، وهو الأمر الذي تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية عندما تتحدث مثلا عن محور الشر، هذا التقسيم لم يسفر عن نتائج إيجابية. وأعتقد أن هذا الأمر يصب في مصلحة الفيلم، حيث أن الأمريكان أصبحوا اليوم أكثر انفتاحا على الأسئلة الأخلاقية والسياسية كتلك التي يتناولها الفيلم.
ما هو سر نجاح فيلمكم؟
الفيلم الذي قمت بإخراجه لا يقتصر على تناول أحداث تدور في حقبة تاريخية معينة، بل يناقش كذلك أسئلة إنسانية نصادفها في حياتنا اليومية. من قبيل: كيف يشعر الإنسان عندما تجرح كرامته؟ كيف يشعر الإنسان عندما يتم التعدي على حياته الشخصية؟ كيف يشعر الإنسان عندما تكون لديه سلطة مطلقة؟ هذه الأسئلة ومثلها تلقى صدى كبير عند جميع الناس باعتبارها أسئلة إنسانية، مما ساعد في نجاح الفيلم عالميا وأسهم أيضاً في ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار وجعله في مصاف خيرة الأفلام التي تم إنجازها السنة الماضية.
في 25 فبراير سيتم الإعلان عن الفيلم الأجنبي الذي سيفوز بجائزة الأوسكار. ما هي استعداداتكم؟
حقيقة أشعر بنوع من الإثارة، لكن أحاول تهدئة نفسي. لأن الأمر في كلا الحالتين ليس بيدي ولا سلطة لي عليه، الأمر حالياً كله يتعلق بالمشاهدين ونظرتهم للفيلم. ومدى تأثير الفيلم وقدرته على مخاطبة أحاسيس الجمهور بغض النظر عن كل العوامل الخارجية. لكن في حالة حصولي على الأوسكار، سيكون لذلك أثره الكبير في حياتي لما يمنحه هذا التتويج من شهرة عالمية.
نبذة عن الفيلم: الفيلم الدرامي "حياة الآخرين" هو فيلم من إخراج فلوريان هينكل فون دونار سمارك. وقد تم عرضه في 23 مارس 2006 في دور السينما الألمانية. وحصل الفيلم على العديد من الجوائز سواء على المستوى الألماني أو الأوربي. وتدور أحداث هذا الفيلم في سنة 1984 في شرق مدينة برلين عاصمة ألمانيا الشرقية آنذاك. وهو يعالج عدة أحداث وقضايا خلال احتدام الصراع بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي حيث كانت مدينة برلين بؤرة هذا النزاع.