تنامي دور محكمة العدل الأوروبية في حياة الأوروبيين وجوارهم المتوسطي
١٣ أبريل ٢٠١٠يتزايد دور محكمة العدل الأوروبية في حياة المواطنين بالدول السبعة والعشرين الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، ويرى قضاة في المحكمة ان تزايد عدد القضايا التي تعرض أمامها يُظهر أهمية دورها في ترسيخ الوحدة الأوروبية من خلال ملائمة التشريعات الوطنية للدول الأعضاء مع قوانين الاتحاد الأوروبي. وقال فاسيليوس سكوريس رئيس المحكمة الأوروبية في حوار أجرته معه دويتشه فيله في مقر المحكمة في لكسمبورغ، ان "صلاحيات المحكمة أصبحت تشمل ميادين واسعة بفضل الإصلاحات التي أدخلت على منظومة المؤسسات الأوروبية بمقتضى معاهدة لشبونة "التي دخلت حيز التنفيذ بداية العام الحالي. وتنظر المحكمة الأوروبية سنويا في حوالي 600 دعوى قضائية، ومن بين القضايا التي باتت تطرح بشكل متزايد أمامها ملفات تتعلق بالهجرة واللجوء، وملفات تهم علاقات دول الإتحاد الأوروبي بدول الجوار الأوروبي في جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط.
معاهدة لشبونة تقوي دور المحكمة
في قلب مدينة اللكسمورغ تنتصب بناية شاهقة وذهبية اللون تبدو لزائر المدينة، وكأنها مقر لإحدى المصارف أو المؤسسات المالية العديدة التي تتخذ من هذا البلد الأوروبي الصغير مركزا لها. ومنذ نشأتها اتخذت المحكمة من مدينة لكسمبورغ مقرا لها، وبقيام الإتحاد الأوروبي أخذت المحكمة في عام 1989 وضعها الحالي كأعلى هيئة قضائية في الإتحاد. وتتألف هيئة المحكمة من 27 قاض و8 نواب يمثلون الإدعاء، ويساعدهم في أداء مهماتهم حوالي ألفي موظف.
وبارتفاع عدد القضايا التي تعرض أمام المحكمة والتي تقارب سنويا 600 دعوى قضائية، أصبح تأثير المحكمة في تزايد ملحوظ في سير مؤسسات الإتحاد الأوروبي وبمثابة الشريان في حياة الأوروبيين. وتخول معاهدة الإتحاد الأوروبي لمختلف مؤسسات الإتحاد والدول الأعضاء والأفراد أن يتقاضوا أمامها. وتنظر المحكمة في ملائمة التشريعات المحلية للدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي مع توجيهات وقوانين الإتحاد، وفي غالب الأحيان ترفع المفوضية الأوروبية أو المؤسسات الأوروبية دعاوى قضائية ضد دول أعضاء بسبب مخالفتها للقوانين الأوروبية.
و"بفضل إجراءات التطوير والتبسيط في النظام القضائي للإتحاد الأوروبي، التي جاءت بها معاهدة لشبونة اكتملت صلاحيات المحكمة في ميادين كانت محدودة في السابق" كما يؤكد رئيس المحكمة فاسيليوس سكوريس موضحا ان "تطويرا واضحا حدث ويتعلق بالخصوص بأوضاع تعتبر مهمة جدا بالنسبة للأفراد، أو ما نطلق عليه قضاء الشؤون الداخلية ويهم الحقوق المدنية والجنائية والأحوال الشخصية".
وحسب أحدث تقرير سنوي للمحكمة فإن النسبة الأكبر من القضايا التي عرضت أمامها خلال العام الماضي شملت ميادين الزراعة والطاقة والبيئة وحرية المؤسسات وتنقل الأفراد والممتلكات وحقوق الملكية الفكرية والضرائب وحقوق المستهلكين.
أولوية حماية حقوق الأفراد
تكتسي قضايا حماية حقوق الأفراد والضمان الإجتماعي وحماية المستهلكين والبيئة أهمية خاصة في عمل المحكمة الأوروبية، ويؤكد رئيس المحكمة ان "حماية حرية الأفراد وحياتهم اليومية تشكل عنصرا أساسيا في عمل المحكمة" معربا عن أمله بأن يتمكن الأفراد والمؤسسات في الدول الأعضاء من "استخدام الوسائل القانونية التي أصبحت متاحة لهم وهي وسيلة ناجعة لتنمية حقوق الأفراد داخل الإتحاد".
وحول مدى وجود تداخل أو تنازع في الصلاحيات بين محكمة العدل الأوروبية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي يوجد مقرها في ستراسبورغ (فرنسا) وخصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا تهم الحريات أو مكافحة الإرهاب، يرى سكوريس ان محكمة ستراسبورغ متخصصة في قضايا حقوق الإنسان وتشمل صلاحياتها الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي ( 56 دولة)، أما محكمة لكسمبورغ فصلاحياتها عامة وتهم الدول(27) الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، واستبعد القاضي سكوريس وجود "تنازع في الصلاحيات بين المحكمتين" مبرزا أن الأمر يتعلق ب" تعاون وتكامل" وخصوصا في القضايا المتشابهة التي تعرض أمام الهيئتين القضائيتين.
قضايا اللجوء والهجرة في صلب عمل المحكمة
وتتزايد أعباء محكمة العدل الأوروبية ليس فقط بسبب توسع الإتحاد الأوروبي وتنوع القضايا القانونية التي تنتج عنه في علاقة الدول الحديثة العضوية مع مكونات الإتحاد الأخرى ، بل أيضا للتزايد الملحوظ في عدد القضايا التي تطرح أمام المحكمة وتتعلق بمشاكل تحدث بين الإتحاد الأوروبي ودول الجوار، ومن بينها على الخصوص بلدان جنوب وشرق المتوسط.
وتشكل قضايا اللجوء والهجرة ومكافحة الإرهاب وأنظمة التصدير والاستثمار من الملفات التي تنظر فيها المحكمة الأوروبية في السنوات القليلة الأخيرة بشكل متزايد وهي تشكل حوالي 10 في المائة من مجموع القضايا التي تطرح أمام المحكمة، كما يقول القاضي ايغيل لوفيتس وهو رئيس غرفة بالمحكمة في حوار مع دويتشه فيله، مؤكدا أن "هذه القضايا مهمة جدا بالنسبة للمحكمة الأوروبية، لأن الإتحاد الأوروبي لديه اهتمام متزايد بقضايا الهجرة واللجوء وهو باستمرار بصدد تطوير قوانينه المتعلقة بحقوق المهاجرين واللاجئين، بالإضافة الى قوانين إقامة الأجانب داخل الإتحاد".
من جهته أكد رئيس المحكمة الأوروبية ان قضايا اللجوء والهجرة "تكتسي أهمية كبيرة جدا وهي تهم مجموعات كبيرة من الأشخاص" مشيرا الى قضايا أخرى طرحت في الآونة الأخيرة أمام المحكمة وتتعلق بأنظمة التصدير بين الإتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط، إذ أصدرت المحكمة في نهاية شهر فيبراير /شباط الماضي حكما يقضي بعدم إمكانية إستفادة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية من النظام الجمركي التفضيلي الذي يمنحه الإتحاد الأوروبي لإسرائيل.
الكاتب : منصف السليمي / اللكسمبورغ
مراجعة: طارق انكاي