Das europäische Menschenrechtssystem
٢٣ فبراير ٢٠٠٩في الثالث والعشرين من شهر فبراير/شباط عام 1959 تم إنشاء مؤسسة فريدة من نوعها في العالم وهي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. واتخذت المحكمة الجديدة، التي أُسست بمبادرة من مجلس أوروبا، من مدينة شتراسبورج مقراً لها. وباتت الملجأ الأخير للكثير من الأشخاص، في حال عجزوا عن الحصول على حقوقهم داخل بلدانهم، حيث يمكنهم تقديم شكوى ضد دولهم أمام تلك المحكمة.
"لا هتلر بعد اليوم"
وجاءت فكرة إنشاء هذه المحكمة مع نهاية الحرب العالمية الثانية، رغبة في ألا يكون هناك "هتلر" مرة أخرى وألا تكون هناك معسكرات اعتقال مثل "أوشفتيس" من جديد. وخطا مجلس أوروبا، باعتباره أول منظمة أوروبية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، خطوة مهمة في طريق رفع شعار العدالة من خلال تأسيسه للمحكمة. فمنذ نشأته سعى المجلس، الذي يضم 47 دولة، إلى إيجاد اتفاقية لضمان حقوق الإنسان بشكل أفضل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948. وبدأ بالفعل العمل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1953، مخصصاً لجنة لمراقبة تنفيذ تلك الاتفاقية. وفي عام 1959 أتت الخطوة الثانية من خلال إنشاء محكمة أوروبية لضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان على المستويات المحلية.
"حتى القتلة من حقهم أن يحاكموا بطريقة عادلة"
وفتحت المحكمة أبوابها لكل مواطن يشعر بانتهاك لحقوقه داخل بلده وأن يتقدم بشكواه إليها. ويقوم 600 موظف من جميع الدول الأوروبية تقريباً بدراسة القضايا المقدمة سعياً لتحري الحقائق وتحقيق العدالة. وتتعدد هذه القضايا في تفاصيلها انطلاقاً من جرائم الحروب وانتهاءً بالتعذيب مروراً بالقيود الموضوعة على حرية التعبير. وكان بعض من تقدموا بشكواهم من المتهمين بالإرهاب أو الإسلاميين المعتقلين، الذين يقدمون شكاوى ضد بلدانهم لما يتعرضون له من ظروف سجن "غير إنسانية".
ومن ضمن القضايا مثلاً، قضية رفعها ماجنوس جيفجن، المُدان بقتل طفل في الحادية عشر من عمره في 30 سبتمبر/أيلول عام 2002، ضد جمهورية ألمانيا الاتحادية متهماً مسئوليها بانتهاك قانون منع التعذيب. وفي هذا الإطار تقول القاضية الألمانية ريناته ياجر: "إن أحد أهداف إنشاء هذه المحكمة هو التأكد من أن الموظفين والمحاكم على المستوى المحلي تراعي قواعد حقوق الإنسان. فحتى أي قاتل من حقه أن يحاكم بطريقة عادلة".
قضايا كثيرة يقدمها ضحايا الحروب وكبت الحريات
وهذه القضايا الخاصة بقتلة أو إرهابيين تعد استثناءات، فمعظم القضايا يرفعها الصحفيون الذين يضطرون إلى الصمت في الدول المختلفة أو المعارضون للنظام التركي، الذين يتم اعتقالهم من دون محاكمة أو يتعرضون للتعذيب بالإضافة إلى عدد كبير من ضحايا الحروب.
وتأتي شكاوى كثيرة مثلاً من ضحايا الحرب الأخيرة بين روسيا وجورجيا، ومن بين هؤلاء إحدى السيدات التي تروي كيف رأت جرائم الحرب، التي تمت بحق أطفال ونساء في مدينتها. لكن مثل هذه الحالات تخرج عن اختصاصات المحكمة حسبما يؤكد رئيس المحكمة جون بول كوستا، الذي يضيف قائلاً: "إن محكمة حقوق الإنسان ليست مقامة للحكم على قضايا الحرب والسلام. بالتأكيد هناك علاقة وثيقة بين حقوق الإنسان والسلام، لكن المحكمة لا يمكنها إصدار أحكام سياسية في حالات الصراعات المسلحة".
أهمية متزايدة على المستوى الأوروبي
وعلى الرغم من أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تفتقد إلى السلطة التنفيذية التي تمكنها من فرض أحكامها، إلا أن قراراتها تتمتع بثقل وبقدر كبير من الاحترام من معظم الدول الأعضاء، فعلى سبيل المثال تدفع هذه الدول على الفور أغلب ما يتم فرضه من غرامات. ومع أن بعض الدول، التي لا تلتزم بقرارات المحكمة، إلا أن أكثر ما يؤكد نجاح هذه المحكمة هو عدد الشكاوى التي تصلها، والتي تتزايد بشكل مستمر على مر السنوات.
فبينما أصدرت المحكمة 837 حكماً منذ نشأتها وحتى عام 1998، نطقت المحكمة بحكمها رقم 10 آلاف في سبتمبر/أيلول من عام 2008، ووصل عدد الشكاوى المقدمة لتلك المحكمة حتى الآن إلى نحو 100 ألف شكوى. وهو ما تجده القاضية الألمانية ييجر علامة إيجابية على ثقة المواطنين فيها. كذلك تتضح أهمية تلك المحكمة، في القيمة التي تعطيها المفوضية الأوروبية لتقييم تلك المحكمة. فرأي محكمة حقوق الإنسان يشكل الخطوة الأولى، التي تتخذ لقبول انضمام دولة ما للاتحاد الأوروبي قبل بدء المفاوضات معها.