تقرير: ترجيح أمريكي باقتراب نشوب الحرب بين إسرائيل وحزب الله
٢٧ يونيو ٢٠٢٤دعت السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون، اليوم الخميس (27 يونيو/ حزيران 2024)، إلى حل الصراعات في غزة وعلى الخط الأزرق الحدودي جنوب لبنان بسرعة ودبلوماسية، وأعلنت أن بلادها تركز على منع المزيد من التصعيد.
وقالت السفيرة جونسون في كلمة لها خلال حفل استقبال أقامته سفارة بلادها في لبنان بمناسبة الذكرى الـ 248 لعيد الاستقلال الأمريكي: "هذه اللحظة حاسمة في المنطقة أيضا. لقد استمر هذا الصراع بما فيه الكفاية، ونحن، بدءا من الرئيس بايدن إلى كل موظف في هذه السفارة، نركز على منع المزيد من التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي ينهي المعاناة على جانبي الحدود".
وتشهد المناطق الحدودية في جنوب لبنان توترا أمنيا، وتبادلا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد إعلان إسرائيل الحرب على غزة، إثر هجوم حماس الإرهابي على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الاول/أكتوبر 2023. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
غالانت يهدد لبنان بـ"العصر الحجري"
وتصاعدت حدّة التوترات بين الطرفين في الأيام الأخيرة مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب واسعة قد تشعل نزاعاً إقليمياً.
ومن جهتها، رجحت المخابرات الأمريكية اندلاع مواجهة واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله في الأسابيع القليلة القادمة، إذا فشلت إسرائيل وحماس في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
ومن جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأربعاء في ختام زيارة استمرّت عدّة أيام إلى واشنطن، إنّ "حزب الله يدرك جيّداً أنّنا قادرون على إلحاق أضرار جسيمة في لبنان إذا اندلعت حرب". وأضاف "لدينا الإمكانية لإعادة لبنان إلى العصر الحجري لكننا لا نريد القيام بذلك"، مؤكداً أنّ الحكومة الإسرائيلية "تستعدّ لكلّ السيناريوهات". وأصر غالانت على أن حكومته تفضل الحل الدبلوماسي لمعالجة التوتر عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
ويحاول المسؤولون الأمريكيون إقناع الجانبين بوقف التصعيد - وهي مهمة ستكون أسهل بكثير في ظل توفر وقف لإطلاق النار في غزة. لكن مازالت هناك مفاوضات تتسم بالتوتر بشأن التوصل لهذا الاتفاق، وتساور المسؤولين الأمريكيين الشكوك بشأن إمكانية موافقة إسرائيل وحماس في المستقبل القريب على الاتفاق المطروح على الطاولة.
"خطر الحرب أكبر من أي وقت مضى"
ونقل موقع بوليتكو الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى مطلعين على المعلومات الاستخبارية قولهما إن الجيش الإسرائيلي وحزب الله، من ناحية أخرى، قاما بوضع خطط قتالية وهما بصدد محاولة شراء أسلحة إضافية.
ورغم أن الجانبين، إسرائيل وحزب الله، قد أوضحا علنا أنهما لا يريدان خوض حرب، فإن كبار مسؤولي إدارة بايدن يعتقدون بشكل متزايد أن قتالا عنيفا من المرجح أن يندلع رغم الجهود المبذولة لمحاولة منعه.
ونقل موقع بوليتكو عن مسؤول أمريكي رفيع، طلب عدم الكشف عن هويته لكي يتمكن من الحديث بحرية بخصوص معلومات استخباراتية حساسة، قوله إن الخطر الآن أصبح أعلى من أي وقت مضى في الأسابيع الأخيرة.
ويتسم تقدير الموقف الذي تتبناه المخابرات الأمريكية بقدر أكبر قليلا من التحفظ مقارنة بالتقديرات القادمة من دول أوروبية. ووفقا لتقديرات بعض الدول الأوروبية، فإن الحرب بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن تندلع خلال أيام. ونصح كثير من الدول مواطنيهم بمغادرة لبنان. وتستعد كندا أيضا لإجلاء آلاف من لبنان.
وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم الخميس تحذير سفر للمواطنين الأمريكيين، حثتهم فيه على "إعادة النظر بجدية" في السفر إلى لبنان. وشدد اثنان من كبار المسؤولين على أنه من غير الواضح موعد اندلاع الحرب على وجه التحديد، لكنهما أشارا إلى أن إسرائيل تحاول إعادة بناء مخزوناتها وقدرة قواتها بسرعة.
كما قالت وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الخميس إن باريس تشعر بقلق بالغ إزاء خطورة الوضع في لبنان، ودعت الطرفين إلى ممارسة ضبط النفس.
هجمات على الجانبين الخميس
وميدانيا، أعلن حزب الله مساء الخميس أنّه قصف قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل ردّاً على غارتين إسرائيليّتين أدّت إحداهما إلى مقتل أحد عناصره. وقال الحزب الشيعي الموالي لإيران في بيان إنّه قصف "القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا بعشرات صواريخ الكاتيوشا".
وإثر هذا القصف قال الجيش الإسرائيلي إنّه رصد "إطلاق حوالى 35 قذيفة صاروخية من لبنان، حيث اعترضت الدفاعات الجوية معظمها بدون وقوع إصابات".
والخميس، استهدفت غارة إسرائيلية بلدة سُحمر في شرق لبنان، وذلك غداة غارة استهدفت مدينة النبطية في جنوب لبنان وأدّت لإصابة 20 شخصاً بجروح. وأعلن حزب الله مقتل أحد عناصره في سُحمر.
وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية فإنّ الغارة في سحمر نفّذتها طائرة مسيّرة استهدفت رجلاً كان يستقلّ دراجة نارية.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي "القضاء على أحد عناصر حزب الله في غارة جوية بمنطقة سحمر"، مشيراً إلى أنّ عدداً من طائراته الحربية استهدفت "منشآت عسكرية" في جنوب لبنان.
وأعلن حزب الله أيضاً أنّه نفّذ الخميس هجومين آخرين على موقعين عسكريين إسرائيليين، أحدهما بطائرات مسيّرة، في حين أفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية بوقوع غارات إسرائيلية على جنوب لبنان. وقال الجيش الإسرائيلي إنّه تمّ الخميس "رصد إطلاق مسيّرتيْن لحزب الله سقطتا في منطقة رأس الناقورة بدون وقوع إصابات".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأغلبية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
وأدّى العنف المستمرّ منذ أكثر من ثمانية أشهر بين حزب الله والجيش الإسرائيلي إلى مقتل 482 شخصاً على الأقلّ في لبنان، أغلبيتهم من مقاتلي حزب الله و94 مدنياً، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس. وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل ما لا يقلّ عن 15 عسكرياً و11 مدنياً، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ص.ش/ع.ش (أ ف ب، د ب أ، رويترز)