تفعيل الدور الألماني في الشرق الأوسط في صلب زيارة شتاينماير لواشنطن
٨ ديسمبر ٢٠٠٦وصل وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير أمس إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء جولته الشرق أوسطية الأخيرة. وتدخل هذه الزيارة في سياق تحرك دبلوماسي مكثف تقوم به الحكومة الألمانية على عدة أصعدة قبل تسلمها مهام الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي في مطلع العام القادم. وسيقوم وزير الخارجية الألمانية بإجراء سلسلة من المباحثات مع عدد من المسؤولين الأمريكيين بشأن جملة من القضايا الدولية الساخنة، حيث من المرتقب أن يستهل المسؤول الألماني تلك المحادثات بلقاء يجمعه مع أعضاء اللجنة المكلفة بالشؤون الخارجية داخل الكونغرس الأمريكي، قبل أن يلتقي بوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس. وفيما يتعلق بفحوى هذا اللقاء لم يستبعد مراسل دويتشه فيله في واشنطن، دانييل شيشكيفيتز، أن يناقش الطرفان عددا من القضايا المرتبطة بالوضع في الشرق الأوسط وأفغانستان وتقرير لجنة بكير حول الإستراتيجية الأمريكية في العراق.
زيارة في مرحلة فاصلة
تأتي زيارة شتاينماير إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نظر المرقبين السياسيين في إطار التحضيرات التي تجريها ألمانيا قبل توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع العام المقبل وترأسها قمة دول الثماني الصناعية الكبرى. كما أنها تأتي في مرحلة تشهد فيه الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي تطورات سياسية متسارعة يشوبها جدل سياسي داخلي هناك بشأن صياغة إستراتيجية عسكرية وسياسية جديدة تخرج الولايات المتحدة الأمريكية من مأزقها الراهن في عراق ما بعد صدام. وعلى الصعيد الرسمي تعتبر كل من الحكومة الألمانية والخارجية الأمريكية لقاء شتاينماير مع رايس، الذي سيستغرق خمس ساعات، بمثابة فرصة مهمة لتبادل الآراء ووجهات النظر بشكل مفصل حول مجموعة من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.
وفي سياق متصل، أشار جاك ينس، الخبير السياسي في معهد الدراسات الألمانية المعاصرة في واشنطن أيضا إلى أهمية هذه الزيارة، حيث اعتبر أن العلاقات الألمانية الأمريكية وصلت إلى نقطة فاصلة، لأنها "فترة ستتولى فيها ألمانيا رئاسة الإتحاد الأوروبي وقمة الثماني، لكنها أيضا فترة تشهد فيها واشنطن تحولات سياسية كبيرة". ولعل أهم تلك التحولات التي تحدث عنها الباحث الأمريكي هى التغيير في موازيين القوى في واشنطن بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي والتي قلبت موازين القوة لصالح الديموقراطيين. وعن الفرص التي تحملها هذا التحولات يقول ينس: "سيتم خلط الأوراق السياسية من جديد في واشنطن. وهذا ما سيوفر بالتأكيد مناخا مناسبا لتفعيل حوار من أجل التوصل سويا إلى حلول مشتركة."
حضور ألماني متميز على الساحة الدولية
يرغب شتاينماير، العائد قبل بضعة أيام من جولة شرق أوسطية شكلت سوريا المحطة الأخيرة فيها، خلال اجتماعه مع رايس في التعرف على المحاور التي ستتبناها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الثانية من جملة التوصيات التي قدمتها لجنة دراسة الوضع في العراق التي يرأسها وزير الخارجية الأمريكي السابق جيمس بكير. ويجدر الذكر في هذا السياق أن صلب جملة التوصيات، التي تقدمت بها اللجنة في تقريرها هذا الأسبوع، تمثل في دعوة البيت الأبيض للدخول في مفاوضات مباشرة مع سوريا وإيران بهدف إشراكهما في التوصل إلى حل إقليمي ودولي للسيطرة على الوضع في العراق.
وحول الإمكانيات التي تتمتع بها ألمانيا للعب دور الوسيط بين دمشق وواشنطن قال ينس: "الأمر واضح للغاية. لقد ساد الاعتقاد هنا في واشنطن بأنه ليس من المجدي فتح حوار مع طهران ودمشق." كما يضيف الخبير السياسي في الإطار ذاته: "حين يأتي الآن شتاينماير أو ساسة ألمان آخرين إلى واشنطن ويتحدثون عن جدوى فتح هذا الحوار، عندئذ يجب عليهم أيضا أن يحملوا معهم الدلائل التي تفيد بأننا سنستفيد من هذا الحوار." وعن الموقف الأمريكي من فتح مفاوضات مع دمشق يقول الباحث الأمريكي في ختام تعليقه: "ينبع الموقف الأمريكي المتردد بخصوص فتح هذا النوع من الحوار من الانطباع العام لدى الأمريكيين بأن سوريا ساهمت في تأجيج الوضع داخل العراق."