تعليق بشأن تشكيل الائتلاف الحكومي الألماني
١٣ نوفمبر ٢٠٠٥ساد جو من البهجة والسرور المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزبان الديمقراطي المسيحي والديمقراطي الاشتراكي وأعلنا فيه توصلهما الى اتفاق بشأن الائتلاف الحاكم, وبدت المستشارة القادمة انجيلا ميركل في احسن مزاج, دون ان يعني هذا وقوع َ طرفي الائتلاف في غرام بعضهما البعض, لان ما يربط بينهما ليس سوى علاقة ِ عمل ٍ موضوعية ٍ وجافة, وهو ما بدى واضحا في بنود الاتفاق المكون من مائة صفحة.
الاتفاق جاء خاليا من أحلام الليبرالية الجديدة التي نادى بها حزب ميركل في الحملة الانتخابية, كما جاء خاليا من وعود الديمقراطيين الاشتراكيين بان الاصطلاحات لن تطال مصالح المواطن العادي بسوء. ستمضي السنة الأولى قبل البدء بتطبيق الإصلاحات الجذرية التي جرى الاتفاق بشأنها, ويُؤمل ان يتحسن وضع الاقتصاد في هذه السنة ومع مطلع عام 2007 سيتم البدء في تنفيذ بنود الاتفاق الذي سيكون قاسيا على الجميع، اذ سترتفع ضريبة القيمة المضافة على المواد الاستهلاكية بمقدار ثلاثة بالمائة لتصبح تسع عشرة بالمائة, كما سترتفع اقساط تأمين صندوق التقاعد وسيتم تقليص الميزانيات العامة, وايضا ستطال الاصلاحات الجديدة حقوق العمل وحماية المستخدَمين من الطرد.
واذا كانت مباحثات حزبي الائتلاف قد تميزت بشئ فانها تميزت بان الطرفين قررا مواجهة الحقيقة وعدم َ تجميل الأمور وخاصة وضع الميزانية, لقد شخصا مشكلة البلاد وهذا يدفع الى الامل بان الأمور ستبدأ الآن بالتغير. فابتداء من مطلع العام القادم سيتم الغاء الدعم الذي يحصل عليه الراغبون ببناء بيت, وسيتم الغاء دعم تكاليف المواصلات الى مكان العمل وسيقتصر الدعم على الفئة التي تسافر مسافات بعيدة الى مكان عملها فقط, كما سيتم البدء في تطبيق اصلاح النظام الفيدرالي الالماني, وهذه امور ثلاثة بدا تنفيذها ولفترة طويلة شبه مستحيل.
اما مواضيع اصلاح النظام الصحي وجعل المانيا بلدا خاليا من المفاعلات النووية فقد تم ارجاء البت فيها الى وقت لاحق, ربما لان اتفاقا بهذا الشأن سيؤدي ايضا الى الغاء الفروق بين الحزبين الاكبر في المانيا وهو ما قد يفيد الاحزاب المنافسة الصغيرة. في حملته الانتخابية صور الحزب الديمقراطي الاشتراكي انجيلا ميركل بانها مملة وتتصف بالبرودة وخالية من المشاعر ووضع مقابلها غيرهارد شرودر بصفاته المعاكسة, لكن ميركل ربحت الانتخابات ومن الممكن الان ان تتصف حكومتها بصفاتها: باهتة وبدون بريق, واقعية وتفتقر الى الخيال. لكن ليس بالضرورة ان تكون هكذا حكومة سيئة للبلاد.
تعليق: عبدالرحمن عثمان