تعليق: انقلاب مصر لصالح الديمقراطية؟
٤ يوليو ٢٠١٣أولاً حسني مبارك والآن محمد مرسي. للمرة الثانية يقرر الجيش المصري في اللحظات الأخيرة الوقوف إلى جانب المتظاهرين في ساحة التحرير وتنحية رئيس فقد شعبيته. في هذه المرة تمت تنحية رئيس انتخب ديمقراطياً، لكنه بدأ بقيادة البلاد والشعب باتجاه المزيد من الاستقطاب الخطير.
النتيجة واضحة تماماً ومتناقضة: فالجيش يبقى القوة الحاسمة في مصر، ويمنع في الحالات الطارئة انهيار الدولة. وفي نفس الوقت لا يكشف لأحد أوراقه، ويضمن لنفسه بشكل ذكي دور المنقذ في الأزمات الصعبة التي تمر بها البلاد، هذا إلى جانب السيطرة السياسية الدائمة في المسائل الهامة، وفي ذات الوقت يضمن مصالحه الاقتصادية.
تقدير لشجاعة المواطنين
إن الأمر ليس ديمقراطياً، لكن ما هي مكانة ثقافة الديمقراطية في مصر هذه الأيام؟ فالذين تظاهروا سلمياً في الأيام الماضية مطالبين باستقالة مرسي، أظهروا شجاعة كبيرة ويستحقون التقدير. لا أحد يؤمن بالديمقراطية والتعددية، يمكن أن يقبل بسياسي مثل محمد مرسي رئيساً لمصر. الذي يمكن تفهم الشك في نواياه بشأن إفراغ قيم الديمقراطية من محتواها وتعيين مؤيديه من جماعة الإخوان المسلمين في المؤسسات الحكومية، رغم "براغماتيه" بعض الأحيان.
لا شك أن الكثيرين من المتظاهرين، الذين دفعوا الجيش من خلال حضورهم القوي، إلى الإطاحة بمرسي؛ يؤمنون من حيث المبدأ أن الاسلام يتوافق مع الديمقراطية مثلما المسيحية. وبالعكس من ذلك فإن الإخوان المسلمين لديهم ريبة كبيرة تجاه النهج الديمقراطي، ولو أن هذا لا ينطبق على جميع مؤيديهم. لكن بينهم نسبة مثيرة للقلق، ممن هم مستعدون للعنف. في الجهة المقابلة أيضاً يوجد بين مناهضي مرسي في الشارع المصري، من الليبراليين و"الثوار" والشباب اليائسين ومؤيدي نظام مبارك، كراهية رهيبة واستعداد للعنف. وبذلك ليس هناك سوى أثر بسيط للثقافة الديمقراطية لدى الطرفين، والاجراءات التعسفية الأولية تجاه الإخوان المسلمين ومطالبهم وتجميدهم سياسياً، تظهر ذلك.
استقطاب خطير
إنه من مصلحة مصر أن مرسي لم يعد رئيساً، ويمكن أن يكون على المدى الطويل إشارة مشجعة لكل المنطقة أن أغلبية الشعب في أهم بلد عربي ترفض سيطرة الاسلاميين. لكن الأمر بالتأكيد ليس كذلك، فهناك استقطاب خطير بين الشعب المصري، والوضع الاقتصادي المتردي يمكن أن يفجر الأجواء العدوانية مستقبلاً أيضاً.
وهكذا يبقى انقسام عميق: إذ أن تدخل الجيش في الظرف الراهن كان ضرورياً، لكنه في نفس الوقت انتكاسة للعملية الديمقراطية. ربما تكون الثورة المصرية قد بدأت للتو، وهناك ما يكفي من الاستعداد للعنف.