تصريحات ترامب تجد ترحيب متشددين في إيران
٨ يناير ٢٠١٧"إذا انتخب حسن روحاني لولاية رئاسية ثانية في مايو/ أيار 2017، فسنرى خلال خمس إلى ست سنوات إيران أخرى مختلفة". هذا ما يتنبأ به اللواء هيرزي هاليفي، رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في محاضرة له بجامعة تل أبيب. فالرئيس الإيراني حسن روحاني فهم احتياجات مواطنيه بشكل أفضل من أي سياسي إيراني آخر. لكن هل سيعاد انتخاب روحاني؟ إنه أمر غير واضح، ففي مجال السياسة الداخلية يواجه روحاني انتقادات حادة. والآن، بعد نجاحه الخارجي الأكبر والأهم وهو التوقيع على الاتفاق النووي، وبعد رفع العقوبات، فإن هذا الأخير مهدد بالانهيار.
الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، سعى طوال ولايته للتوصل إلى هذا الاتفاق، الذي وصفه بأنه يجعل العالم "مكانا آمنا". أما خلفه المنتخب دونالد ترامب، فإنه - وعلى العكس منه - أعلن أكثر من مرة عن نيته في إلغاء هذا الاتفاق مع طهران، حيث يعتبره "أسوأ صفقة تم التوصل إليها". ويشاطره في هذا الرأي المتشددون في إيران أيضا، حيث كان حسين شريعتمداري قد صرح موجها كلامه لترامب قائلا: "حررنا من الاتفاق النووي" وشريعتمداري، هو رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المحافطة الواسعة الانتشار ومستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامينئي. وكان قد رحب مع العديد من المتشددين في إيران بفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.
الحكومة الإصلاحية والضغوطات
في حال إن قام ترامب بتنفيذ تهديده وإلغاء الاتفاق النووي فعلا، فسيصبح روحاني في وضع صعب جدا في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في مايو/ أيار القادم. فمراكز القوى المحافظة، تسعى لمنع إعادة انتخابه رئيسا للبلاد، حيث يرفضه جميع حراس الثورة المحافظين ويواجهونه. فهؤلاء يستفيدون منذ 30 عاما من اقتصاد الظل الذي ازدهر خلال فترة العقوبات التي كانت مفروضة على إيران والتي شملت مختلف القطاعات والتي تنوعت بين إنشاء الطرق أو استخراج النفط. وقد يضر كل تطبيع في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة بمصالح المستفيدين من اقتصاد الظل، ومنها خطط الرئيس روحاني الرامية إلى تحرير الاقتصاد في أسرع وقت ممكن.
الاتفاق النووي يشكل بوابة انفتاح إيران على الخارج. فهو يسمح بإعادة تخصيب اليورانيوم الإيراني . وبحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة النووية فقد أنتجت إيران في الأعوام الأخيرة موادا قابلة للانشطار بما يكفي لانتاج سلاح نووي. وإذا تم إلغاء الاتفاق، وهو ما يخشاه الغرب، فقد تستأنف إيران من جديد العمل في برنامجها النووي. ولذلك فإن ثلاثين من كبار العلماء الأمريكيين وجهوا رسالة لترامب وطالبوه بالالتزام بالاتفاق وعدم إلغائه.
رغبة المجتمع في استمرار الحوار
تصريحات ترامب تقلق المجتمغ المدني في إيران، "لقد دعمنا الاتفاق النووي لأننا لا نريد الحرب" تقول نسرين سوتوده في حوار مع DW، وهي محامية ومدافعة معروفة عن حقوق الإنسان في طهران، حيث أعربت - مع 27 من النشطاء المعروفين - عن الأمل في نجاح مفاوضات الاتفاق النووي. وكان العديد من هؤلاء قد تم اعتقالهم في السابق مرات عديدة.
وتلاحظ سوتوده قائلة: "لم نكن نصدق أن التوقيع على الاتفاق النووي سيؤدي بشكل آلي إلى تحسين وضع حقوق الإنسان" في إيران وهذا ما لم يحصل فعلا. ولكننا لم نعد نقف على عتبة حرب. ومازلت آمل - بعد التوقيع على الاتفاق - في أن تدخل الحكومة في حوار مع منتقديها في الداخل"
تخوفات من عقوبات جديدة
بعض منتقدي الحكومة الإيرانية في المنفى ينظرون إلى الأمر بطريقة مختلفة، حيث يرون أن حل المشاكل يتم من خلال تغيير الحكومة في طهران، كما يرون سياسة روحاني التصالحية عقبة في طريق تحقيق ذلك. قبل فترة قصيرة وجه 30 من المعارضين الإيرانيين في الخارج رسالة إلى ترامب، ناشدوه فيها بإلغاء الاتفاق النووي وفرض عقوبات على حكومة إيران من جديد.
لكن ليس لهذه المجموعة من المعارضين في الخارج مؤيدون داخل إيران، فبعد ساعات قليلة على نشر رسالتهم هذه، جاءت 5 آلاف تغريدة (75 بالمائة من داخل إيران) على تويتر تتضمن انتقادات حادة. وأشار العديد منهم إلى معاناتهم في ظل العقوبات وخاصة نتيجة نقص في التزويد بالأدوية، إذ إن العقوبات زادت من صعوبة حياة العديد من المرضى ومن معاناتهم ولاسيما بالنسبة لمرضى السرطان.
"سنواصل الدفاع عن هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد سنوات من المفاوضات" يقول تريتا بارسي، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، وهي منظمة غير حكومية مقرها واشنطن وتعتبر من أقوى المنظمات المؤيدة للاتفاق النووي. ويؤكد بارسي في حوار مع DW قائلا: "عام 2015 كان يعني بالنسبة لنا: الحرب أو السلام (...) إن هذا الموقف لم يتغير حتى يومنا هذا".
شابنام فون هاين/ عارف جابو