تشديد القوانين ـ هل يحمي ألمانيا من الإرهاب؟
١١ أغسطس ٢٠١٦أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير عزمه العمل على الحد من مخاطر الهجمات الإرهابية باقتراح حزمة من الإجراءات الأمنية الموسعة. وأعلن الوزير، العضو في الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، نيته تشديد الإطار القانوني ضد الأجانب المتورطين في ارتكاب جرائم جنائية والذين يُصنفون كـ"مصدر خطر". وإلى جانب هذا الإجراء هناك عدد من الاقتراحات الأخرى بهذا الشأن أثارت جدلا بين الأحزاب السياسية وبعض الخبراء تتعلق على سبيل المثال بحظر النقاب أو إلغاء الجنسية المزدوجة.
وفي حديث مع DW، رأى نبيل يعقوب العضو السابق في مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان والخبير في شؤون الاندماج أنه "من المفهوم، في ظل تتابع الأحداث الإرهابية وأحداث العنف في عدة مدن ألمانية وفي بلدان أوروبية أخرى أن ينشأ خوف عام وسط المواطنين ويطالبون بإجراءات تعيد الأمن والأمان"، إلا أنه تساءل عن جدوى بعض الإجراءات وعدم نجاعتها وحذر من الفقاعات الشعبوية بهذا الشأن.
إسقاط الجنسية المزدوجة؟
من بين أهم الإجراءات التي اقترحها توماس دو ميزيير هناك إسقاط الجنسية عن الجهاديين الذين يحاربون في الخارج إذا كانوا يحملون جنسية مزدوجة. وأوضح بهذا الصدد أن "الألمان الذين يشاركون في المعارك في الخارج لحساب ميليشيات إرهابية ويحملون جنسية أخرى يجب أن يخسروا في المستقبل جنسيتهم الألمانية". ويُذكر أن ما لا يقل عن 820 جهاديا توجهوا من ألمانيا إلى سوريا والعراق وفقا لبيانات أجهزة الاستخبارات الألمانية في أيار/ مايو الماضي. وعاد ثلث هؤلاء إلى ألمانيا فيما قُتل حوالي 140 منهم. ولا يزال 420 في سوريا والعراق. وكانت تقارير صحفية ذكرت أن وزراء داخلية الولايات المنتمين للتحالف المسيحي يعتزمون أيضا المطالبة بإلغاء الجنسية المزدوجة باعتبارها تمثل عائقا كبيرا أمام الاندماج.
غير أن زيغمار غابريل، نائب المستشارة ميركل، ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي استبعد أن يوافق حزبه على إلغاء ازدواجية الجنسية. وأكد في تصريح لصحيفة "برلينر تسايتونغ" أن الإقدام على هذه الخطوة سيكون "رسالة خاطئة تماما" مضيفا أن من يضع على سبيل المثال الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود في دائرة الاشتباه العام "يلعب بدون قصد نفس لعبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي مفادها أن من ليس معي فهو ضدي". من جهته، تساءل نبيل يعقوب حول الطريقة التي "سيُنفذ بها هذا الإجراء، هل سيشمل المسلمين فقط، أم الجميع؟ وفي كل الحالات فهو سيمس الملايين من الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالعنف".
تضييق الخناق على "مهددي الأمن العام"
ومن التدابير الأخرى المقترحة هناك ادراج "تهديد الأمن العام" كسبب للاعتقال والطرد السريع للأجانب الذين يشتبه في أنهم يحضرون لهجمات. واقترح الوزير عقوبة جنائية تشمل "أي تعبير عن التعاطف مع الأعمال الإرهابية"، إضافة لاختصار فترات السماح المؤقت للأجانب الملزمين بمغادرة البلاد إذا أعطوا على سبيل المثال بيانات خاطئة بشأن هويتهم. ويعتزم الوزير كذلك، التشاور مع ممثلي الأطباء للتوصل لآلية تسمح بالتعرف المبكر على المضطربين نفسيا ومدى احتمال لجوئهم لارتكاب أعمال عنف مع الحفاظ في الوقت نفسه على مبدأ حق المريض في أن يحتفظ طبيبه بسرية معلوماته الشخصية.
واقترح دي ميزيير أيضا تخصيص توظيف عدد من الخبراء الأمنيين للعمل كمحققين مستترين في شبكات الإنترنت السرية المعروفة بـ "دارك نت" أو "الشبكة المظلمة" وذلك لملاحقة المجرمين الذين يتواصلون مع بعضهم عبر هذه الشبكة. وسيكون من ضمن مهام هؤلاء الخبراء على سبيل المثال التعرف على صفقات الأسلحة غير الشرعية أو تتبع الاتصالات بين إرهابيين. ويعتزم الوزير الألماني في سبيل تحقيق هذا الهدف تحسين التعاون مع بقية الجهات الأمنية المعنية في ألمانيا.
جدوى حظر البرقع؟
ومن اقتراحات وزراء داخلية التحالف المسيحي الديمقراطي أيضا هناك اقتراح لحظر ارتداء البرقع غير أن نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي رالف شتيغنر قال إن حظرا كهذا لا يتوافق مع الدستور. وقال شتيغنر "أنا أيضا لا تعجبني تغطية جميع الوجه.. ولكن ليس بوسع الإنسان أن يحظر كل ما لا يعجبه". أما نبيل يعقوب فيرى أن "العديد من العلماء المسلمين شككوا في حقيقة أن النقاب واجب ديني (..) إن وجه المرأة ليس عيبا ولا عورة. ولابد للمرأة إن أرادت أن تكون لها مكانة في المجتمع أن تظهر وجهها، وعلى الرجال فهم أن الضغط على المرأة لارتداء الحجاب هو عمل متخلف".
ودعا يعقوب الدولة الألمانية ألا تتسرع وأن "تعمل كما كانت دائما تفعل، أي دعوة الأطراف المعنية بالموضوع لنقاش عام تشارك فيه أطياف المجتمع بما في ذالك نساء مسلمات وغير مسلمات (..) وبعد ذلك يمكن أن يُتخذ القرار".