وجهة نظر: سياسة ميركل على المحك!
٥ أغسطس ٢٠١٦سيدفع استطلاع الرأي، الأخير، الذي أجرته شبكة "اي ار دي" التلفزيونية العامة، المستشارة نفسها إلى التفكير ملياً، وهي التي تقول مراراً وتكراراً أنها لا تقيم وزناً كبيراً لاستطلاعات الرأي. فقد أظهر الاستطلاع أن 65 بالمائة من المُستطلع آراؤهم غير راضين عن سياسة اللجوء التي تنتهجها المستشارة، وهي نسبة أعلى بسبعة بالمائة عما كانت عليه في شهر إبريل/نيسان الماضي. إلام يعود ذلك؟ الإجابة في جزء آخر من الاستطلاع، حيث يُعزى هذا التراجع إلى حدوث الهجمات الإرهابية في فورتسبورغ وأنسباخ واعتداء ميونخ في الفترة الفاصلة بين الاستطلاع السابق والحالي. إذ يظهر الاستطلاع أن التأييد لأداء المستشارة تراجع من نسبة 59 بالمائة إلى 47 بالمائة. في المقابل ارتفع تأييد الألمان لرئيس حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" هورست زيهوفر، وهو من أشد المنتقدين لميركل، بنفس نسبة انخفاض التأييد لميركل. وبذلك يقف زيهوفر تقريبا على قدم المساواة مع غريمته ميركل. وهذا ينطبق على كل ألمانيا، وليس فقط في ولاية بافاريا، معقل زيهوفر وحزبه.
الرجاء أخذ المخاوف على محمل الجد!
بالطبع، لا علاقة لهجوم ميونخ بسياسة المستشارة للجوء، كما أن الإسلاميين المتطرفين الاثنين، منفذي هجومي أنسباخ وفورتسبورغ الإرهابيين، كانا موجودين في ألمانيا وبعكس ما يقوله منتقدو ميركل، منذ مدة طويلة قبل أن تفتح أبواب ألمانيا وتدفق اللاجئين. الآن بوسع المرء تلمس مخاوف الألمان، إذ يخشى 76 بالمائة منهم، وهي نسبة معتبرة، من هجمات واعتداءات أخرى. ويسود شعور أن المستشارة لا تأخذ مخاوف الناس على محمل الجد. ويُعزى سبب هذا إلى أسلوب المستشارة السياسي، الذي يقوم على التريث. فالمستشارة لم تعد إلى برلين من إجازتها لتوضيح موقفها في مؤتمر صحفي إلا بعد أيام من وقوع الاعتداءات. ويظهر هذ الأمر أن ميركل تمتلك أعصابا قوية وترغب بتجنب إثارة حالة من الهستيريا. غير أن هذا الأمر ربما يفوق طاقة المواطنين على التحمل.
هل ينتهي عهد ميركل؟ لا...
والآن؟ هل ينتهي عهد المستشارة أنغيلا ميركل بعد أحد عشر عاما من الحكم؟ لا، حيث أن الأرقام لا تشير إلى ذلك. غير أن المواطنين يراقبون بدقة. وهورست زيهوفر الذي أصبح متساويا مع ميركل بازداد التأييد له بشكل كبير، يرى 64 بالمائة أن حزبه الاتحاد الاجتماعي المسيحي يعير أهمية أكبر مصالحه مقارنة بما يعيره لنجاح الحكومة.
وحتى عندما يزداد انتقاد ميركل، يبدو أن الألمان لا يرون بديلاً لها. ورغم تراجع شعبية ميركل، فإن المزاج السياسي العام يتمير باستقرار محير، بحيث إذا جرت انتخابات برلمانية الآن، سيحصل حزبا ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وريهوفر، الاتحاد الاجتماعي المسيحي، على نسبة 34 بالمئة من الأصوات، وهي نفس النسبة الحالية للحزبين في البرلمان. وحزب البديل من أجل ألمانيا اليمني الشعبوي، لم يستفد من أجواء الخوف من الأعمال الإرهابية، وبقيت نسبة تأييده ثابتة عند 12 بالمائة، وبالتأكيد فإن الخلافات العلنية بين أعضاء الحزب ساهمت في عدم استفادة الحزب من هذه الفرصة.
وبعبارة أخرى يظهر استطلاع الرأي ما يلي: سيدة ميركل لك بطاقة صفراء واستمري في الحكم، ولكن سنراقب، ولتعلمي أننا (المواطنون) قلقون.
موقف واضح من أردوغان
قد يزداد الأمر صعوبةً على ميركل، إذا استمرت (وهذا ما يبدو) بالتمسك بالاتفاقية الخاصة باللاجئين مع تركيا. الألمان يجمعون على إدانة ما يجري في هذه الأيام في تركيا. ويرى 90 بالمائة أن الديمقراطية مهددة في تركيا، ويطالبون الحكومة بسياسة واضحة، حتى وإن اقتضى ذلك أن تقوم ميركل بإلغاء الإتفاق. وبكل الأحوال يجب عدم إعفاء الأتراك من تاشيرة الدخول، وهذا هو ما عبره عنه 70 بالمائة من المشاركين في استطلاع الرأي.
ببساطة لا يوجد أحد يثق به الألمان غير ميركل لاستلام زمام الأمور. لكن على ميركل ألا تركن إلى ذلك بعد الآن.