تركيا وطن بديل للاجئين السوريين بعد تبدد الحلم الأوروبي
٨ أبريل ٢٠١٦أميرة التي تبدو منهكة، أثناء وقوفها تحت أشعة الشمس الحارقة خارج مكتب حكومي محلي في أزمير، تقول "لم أستطع السفر مع زوجي، لأنه لم يكن لدي المال الكافي" وتتابع "الآن يتم إغلاق الحدود، ويتم كذلك إغلاق الطريق البحري، ولا توجد طريقة لنلتحق به".
وقفت أميرة وأطفالها الأربعة خارج مكتب الحكومة المحلية في انتظار تسجيلهم كلاجئين، حتى يتسنى لهم البقاء بشكل قانوني في تركيا، والحصول على مساعدات وخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم. إلا أنه بالنسبة لها ولخمسين لاجئ أخر غيرها، فإن التسجيل والحصول على أوراق بات في حكم المستحيل تقريبا. وتقول "إذا كنت متزوجة من شخص تركي، ستحصلين عادة على الإقامة خلال دقيقتين، إلا أنه بالنسبة لنا السوريين، فالأمر مختلف".
عائلة مشتتة وحياة صعبة
ومع وجود زوجها في ألمانيا، وقلة فرص عمل السوريين الذين لا يملكون أوراقا في تركيا، فإن عائلة أميرة تكافح من أجل العيش. فإبناها الأكبر وعمره 17 سنة والآخر وعمره 13 سنة، وجدا عملا صعبا في أحد مصانع النسيج المحلية ويكسبون 500 ليرة أي حوالي 200 يورو شهريا. إلا أن العائلة تحتاج إلى مبلغ أكبر من هذا، حتى وان كانت تسكن في أحد الضواحي الفقيرة في أزمير. وتقول أميرة "بالنسبة لي وبناتي، فنحن نبقى في المنزل فقط"، وتضيف "نحن ننام وننام ونصاب بالاكتئاب من عدم قيامنا بأي شيء".
ابنتها نادية (20 عاما|) كانت تدرس الهندسة في جامعة حلب، ولكن الحرب جعلتها تقطع دراستها خلال سنتها الأولى. وعلى الرغم من ذلك فإن نادية تأمل أن تكمل دراستها يوما ما، إلا أن أملها الأكبر حاليا هو أن ترى والدها مجددا وأن يلتئم شمل الأسرة من جديد. وتقول "أشتاق لأبي، ونحن نتحدث معه يوميا عبر تطبيق WhatsApp " وتتابع وهي تحتضن والدتها "عندما يكون هناك وسيلة، سوف نذهب. وبطبيعة الحال سوف نذهب."
من الجنون الذهاب الآن
وعادة ما يكون الوقت الحالي بداية "موسم الذروة" للمهربين الذين يعملون على تهريب البشر عن طريق اليونان، حيث الشمس مشرقة والبحر هادئ. وكثير من اللاجئين مثل أميرة وأسرتها يشعرون بالخوف من إغلاق الحدود بشكل نهائي على طول طريق البلقان الرئيسي. إلا أن التشديدات الأخيرة دفعت بالعديد من العائلات إلى تغيير رأيها، وتفضيل الانتظار.
العمل تباطأ بشكل كبير في ساحة بسماني في مدينة إزمير، والذي بات يعرف باسم سوريا الصغرى، وذلك لعدد السوريين الكبير الذين يتجمعون أمام المسجد هناك لإجراء اتصالات مع المهربين وشراء سترات النجاة والتحضير للسفر، خاصة بعد أن أغلقت الحدود المقدونية. كما أن الشرطة المحلية بدأت بتضييق الخناق على المهربين العاملين في أزمير.
ويعلق حسام علي، وهو سوري يعمل في متجر لبيع الملابس وسترات النجاة وأجهزة العوم في ساحة بسماني "كنت أبيع 100 سترة نجاة في اليوم، العام الماضي ... أما الآن فأنا لم أبع سترة واحدة منذ أسبوعين" ويتمتم "إنه من الجنون محاولة الذهاب في الوقت الحالي."
وعلي ليس الوحيد الذي بات يشكو من قلة العمل. فالمحلات الكبيرة التي كانت تبيع القوارب المطاطية ولوازم العوم للمهربين، باتت شبه مغلقة الآن بالرغم من قرب قدوم موسم الصيف والترفيه.
الحياة للسوريين في تركيا لم تصبح أسهل
على الرغم من أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يردع تماما اللاجئين الذين يودون العبور إلى اليونان، حيث أن الجزر اليونانية استقبلت أعدادا متزايدة من اللاجئين قبيل تطبيق الاتفاق وبعده، إلا أن التشديد جعل الكثير من اللاجئين السوريين، يودون بدء حياة جديدة بعيدا عن المشاكل والصراع .
منذ قدومنا إلى تركيا قبل ثلاث سنوات ونحن نحاول أن نسجل أنفسنا كلاجئين، يقول مصطفى البالغ 35 عاما والقادم من مدينة حلب، ويضيف "لم نستطع أن نسجل أنفسنا، والآن لا نستطيع حتى الذهاب إلى أوروبا". وعندما سئل عما يعتزم القيام به بعد ذلك، قال ضاحكا "من يدري؟ ربما سنذهب سباحة".