"تحديات المياه والمناخ في منطقة الشرق الأوسط من أبرز محاور مؤتمر ستوكهولم"
١٣ أغسطس ٢٠٠٧تستضيف العاصمة السويدية ستوكهولم حاليا الملتقى الدولي السنوي السابع عشر الخاص بمبادرات التنمية المستدامة للموارد المائية، الذي يشارك فيه ما يقرب من 2500 خبير من 140 دولة بينها عدة دول عربية. ويعقد مؤتمر هذا العام الذي سيستمر لمدة أسبوع تحت عنوان "التقدم والآفاق في قطاع المياه: من اجل تنمية مستدامة في عالم متغير".وسوف تقام خلال هذا المؤتمر العديد من الفعاليات وورش العمل التي يديرها ممثلون وخبراء من القطاع الحكومي والشركات الخاصة والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية والأمم المتحدة.
وسيركز المؤتمر على التغيرات المناخية ودورها في شحة ونضوب مصادر المياه مستقبلاً وخاصة في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا. وستكون مشكلات توزيع المياه بين الدول التي تتقاسم مصادر المياه في صلب اهتمام هذا اللقاء الدولي. واعتبر الخبير في هيئة العلوم الجيولوجية والمواد الأولية الألمانية BGR الدكتور رالف كلينجبايل، في مقابلة مع موقعنا من مقر المؤتمر في ستوكهولم، أن مؤتمر هذا العام "محوري"، من حيث القضايا التي سيتناولها، مشيرا إلى أنه يجمع بين المسؤولين في الدول والمنظمات الدولية المانحة مثل وزراء التنمية والبنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية ومؤسسات الأمم المتحدة من جهة، وبين ممثلي الدول المتلقية للمساعدات وبالتحديد دول إفريقيا ودول منطقتي الشرق الأوسط والأدنى من جهة أخرى.
منطقة الشرق الأوسط أمام تحديات كبيرة
وفيما يتعلق بمشكلة المياه في منطقة الشرق الأوسط أعرب الخبير الألماني الدولي المختص بشؤون إدارة موارد المياه الجوفية عن أن قضية المياه في هذه المنطقة ستكون من محاور ملتقى ستوكهولم، مشيرا في هذا السياق إلى أن هناك عدة تحديات تواجه هذه المنطقة فيما يتعلق بالمياه والمناخ. في مقدمة هذه التحديات هي أن المياه وبالذات المياه الجوفية أضحت في الوقت الحالي شحيحة نسبيا، لكن المشكلة تزداد تعقيدا في نظر الخبير الألماني على خلفية الضغط السكاني المتزايد الناجم عن ارتفاع عدد المواليد في كثير من الدول النامية. وهو ما سيعني، بحسب كلينجبايل، أن المياه لن تكون كافية للشرب والزراعة وإنتاج الغذاء مستقبلاً.
أما المشكلة الأخرى التي تواجه هذه المنطقة فتتمثل في غياب سياسة مائية رشيدة، لأن صانع القرار السياسي لابد وأن يضع سياسة مائية تأخذ في الحسبان الموارد المتاحة وطرق استغلالها والكيفية التي يتوجب بها إشراك المجتمع في جهود الحفاظ على المياه. ويشير الخبير الألماني إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار نتائج أي سياسة مائية، فمثلا ماذا لو أن إحدى حكومات المنطقة قررت استغلال المياه الجوفية غير القابلة للتجدد، السؤال الذي سيطرح نفسه هنا عن البدائل المطروحة في حالة نضوب هذا المورد المائي.
وهناك تحد أخر وهو أن منطقة الشرق الأوسط وفقا لسيناريوهات التغيرات المناخية الحالية، ستتأثر بشكل كبير بهذه التغيرات، مما يعني ـ في نظر كلينجبايل ـ أن بعض دول المنطقة ستتعرض لندرة شديدة في الأمطار وبالتالي ندرة المياه، أما بعضها الآخر فسوف يتعرض لموجات أمطار شديدة مما سينجم عنه فيضانات وأعاصير مدمرة. ويضرب الخبير الألماني مثلا على ذلك لإعصار الذي ضرب سواحل سلطنة عمان قبل أشهر قليلة، والذي تعتبر في رأيه مؤشرا أوليا على التغيرات المناخية الحالية التي تهدد المنطقة.
ألمانيا شريك رئيسي للدول العربية
ونظراً لتجربة ألمانيا الرائدة في مجال الحفاظ على الموارد المائية وإداراتها بطريقة رشيدة، وكذلك في مجال الحفاظ على البيئة وحماية المناخ، فأن من الممكن أن تكون هذه الخبرات ذات أهمية كبيرة بالنسبة للدول النامية ومنها بطبيعة الحال الدول العربية. في هذا السياق يقول كلينجبايل إن بلاده لديها مشاريع تعاونية عدة مع دول المنطقة العربية منذ أمد بعيد. فمنذ حوالي 30 سنة والمؤسسات الألمانية ذات العلاقة تعمل في المنطقة في هذا المجال. ويشير المسؤول الألماني إلى أن هناك تعاون وشراكة مع كل من الأردن ومصر والمناطق الفلسطينية ولبنان واليمن وسوريا.
الجدير بالذكر أن هذا التعاون يتم حسب قوله على مستويين الأول بطريقة مباشرة مع حكومات هذه الدول والثاني بالتعاون مع المنظمات الإقليمية العاملة في هذا المجال، مشيرا إلى أن التعاون لا يقتصر على تقديم الخبرات الألمانية للمؤسسات المختصة حول الكيفية، التي يتوجب اتبعاها للحفاظ على المياه واستغلال الموارد المائية المتاحة فحسب، بل وأيضا من خلال تدريب الكوادر الوطنية، ناهيك عن تقديم الدعم المالي من خلال المؤسسات الألمانية المختلفة مثل المنظمة الألمانية للتعاون الفني (جي تي زد)، التي تقوم بهذا العمل التعاوني منذ حوالي 30 سنة.