تجدد الجدل في ألمانيا بخصوص استنساخ الخلايا الجذعية
١٧ يوليو ٢٠٠٧أثارت التوصيات التي قدمها المجلس الوطني الألماني لأخلاقيات البحث العلمي والدراسات، والتي دعت إلى تخفيف القوانين الخاصة بأبحاث الخلايا الجذعية، أثارت من جديد جدلا في الأوساط السياسية والعلمية في ألمانيا.
وكان البرلمان الألماني قد اتخذ قراره حول استخدام الخلايا الجذعية أو ما يعرف بخلايا المنشأ في أبريل/نيسان عام 2002 ووضع قانوناً منظماً لعملية استنساخ الأجنة البشرية لأغراض البحث العلمي. وتضمن القوانين المشار إليها تحريماً مطلقاً لاستنساخ الأجنة البشرية بهدف الحصول على خلايا جذعية جنينية لأغراض علمية. كما فرضت تلك القوانين أيضاً شروطاً صارمة على استيراد الخلايا الجنينية، إذ منع استخدام الخلايا التي دخلت البلاد بعد تاريخ 1 يناير/كانون الثاني 2002.
وتبع إصدار هذا القانون مناقشات عديدة حول تطور الجنين البشري ومتى يمكن اعتباره قد تطور لدرجة يمكن اعتباره فيها إنسانا بالفعل وبالتالي يصبح إخضاعه للتجارب جريمة قتل. وتقبل العلماء والباحثون على مضض هذه القوانين وأكملوا أبحاثهم في ظل الظروف المتاحة. في الوقت ذاته، طالبوا بتوفير المزيد من الحريات ليتمكنوا من الوصول إلى المستوى نفسه كغيرهم من الباحثين الأجانب.
العلماء يحذرون من الانعزال الألماني
وحذر العلماء مرارا من هذه الشروط التي تساهم في عزلهم علمياً عن بقية الدول وتأخرهم لعدة مراحل في مجال أبحاث خلايا المنشأ. وفي الإطار نفسه، يطالب الباحثون بتغيير التاريخ المحدد بالأول من يناير/كانون الثاني لاستيراد الخلايا الجنينية. كما أن هذه الخلايا سيئة الجودة بالمقارنة بخطوط الخلايا التي يعمل عليها العلماء في الدول الأخرى، على حد قولهم. ويريد العلماء المزيد من الحرية المتوفرة لأمثالهم في الدول الأخرى، إلا أنهم في ألمانيا مهددون بعقوبة الحبس في حال لم يلتزموا بتلك القوانين.
تبريرات منتقدي أبحاث خلايا المنشأ
ومن جانبهم، يقول منتقدو الأبحاث الجنينية إنه حتى الآن لم تثبت إدعاءات العلماء بأن هذه الخلايا الجنينة مثل السحر الذي يمكن أن يعالج كل الأمراض. ويؤكدون أن الخلايا التي تستخدم حتى الآن في علاج سرطان الدم (اللوكيميا) هي خلايا لبالغين. ويتفق في ذلك كل من الجناح اليميني والجناح اليساري في الحكومة الألمانية، فاليساريون يجدون في هذه الأبحاث سيطرة اقتصادية وعلمية على الوضع دون أي اعتبار للأخلاقيات، بينما يعلل الجناح اليميني رفضه لذلك بمبادئه التي تستند إلى التعليمات الكنسية، فبالنسبة للكنيسة، تبدأ الحياة في الجنين منذ نشأته. لذلك ترفض الكنيسة أيضاً الإجهاض، معتبرة ذلك جريمة قتل روح حية.
ردود الفعل على توصيات المجلس الوطني
وتعليقاً على هذه المطالبات من قبل العلماء، قال المتحدث عن الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي المسيحي، هوبرت هوبه أمس الثلاثاء 17 يوليو/تموز في حديث لجريدة برلينر تسايتونج:" التغيير المطلوب في هذا الموعد المحدد ببداية عام 2002 أمر غير مقبول، إذ أن منتجي الخلايا الجذعية والباحثين سيعتمدون على أننا سنستمر دائماً في تغيير هذا التاريخ." من ناحية أخرى، اعتبرت السياسية إيلزا أيجنر المنتمية للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري هذا الاقتراح المقدم من مجلس أخلاقيات البحث كنوع من أنواع الحلول الوسطية. وأضافت أيجنر أن عدم الإجماع على هذا القرار حتى داخل المجلس الوطني يعكس الوضع داخل البرلمان الألماني.
ومن ناحيته، اقترح المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، رونيه روسبيل تحديد التاريخ الجديد بأول مايو/آيار 2007، رافضاً الاقتراح المنادي بدراسة كل حالة على حدة، لأنه في رأيه قد يشكل خطراً على هذا الحل الوسطي والذي يهدف إلى ضمان عدم إتلاف أجنة من أجل الأبحاث الألمانية. أما السياسي ميشائيل كريتشمير فقد تحدث عن رفضه التام لتغيير التاريخ القديم. ومن المقرر أن تتم مناقشة هذا القانون مجدداً في البرلمان الألماني بعد الانتهاء من عطلته الصيفية.
والجدير ذكره أن موضوع الأبحاث الجينية الخاصة بالوراثة يعد من المواضيع الحساسة في ألمانيا بسبب التجارب النازية لابتكار جنس أفضل يسيطر على البشرية.