تجارب لاجئين تكشف بعض أسرار صداقاتهم مع ألمان
١٤ فبراير ٢٠١٧خالدة ديركو لاجئة سورية تعيش منذ سنة وشهرين في ألمانيا مع ولديها وابن أختها. تتحدث عن نجاحها في تكوين صداقات مع الألمان: "لدي تجارب رائعة في تكوين صداقات مع الألمان من أول يوم جئت فيه إلى ألمانيا، عندما كنت في الكامب (مخيم اللاجئين) تطوعت في العمل مع الطاقم المشرف علينا في الذهاب مع المرضى إلى المشافي وعيادات الأطباء، وهذا ساعدني في التعرف على الألمان بشكل كبير"، تروي خالدة لـ DW عربية.
وتشرح خالدة كيف استطاعت بناء علاقات طيبة مع الألمان بشكل قياسي وتضيف: "اللغة كانت أهم وسيلة للتواصل بيننا، إتقاني للغة الإنجليزية سَهل عليه التحدث والنقاش معهم بأمور مختلفة وتكوين صداقات".
في مثال آخر مشابه لحالة خالدة أوضحت اللاجئة العراقية رؤى محسن من خلال حديثها مع DW عربية أن عامل اللغة هو نقطة التواصل بينها وبين الألمان مضيفةً: "عندما أتيت إلى هنا ساعدني أخي الذي كان يتقن اللغة الألمانية بشكل جيد في التعرف على كثير من أصدقائه الألمان، وبهذا علمتُ أنهم متواضعون جداً ويهتمون بالصداقات كثيراً، وعن طريق أخي تعلمت اللغة سريعا واستطعت من خلالها تكوين صداقات معهم بنفسي". تواصل رؤى حديثها بالإشارة إلى أهمية الثقة والصدق معهم في العلاقات العامة، وإلى أنه من دونهما لا يمكن تكوين صداقات حقيقية، وتقول: "تسعدني أهمية الصدق والثقة هنا، وهذا ما جعلني أشعر بالراحة والسعادة في ألمانيا".
البيئة تؤثر على تكوين الصداقات
في حديث لـ DW عربية مع اللاجئة السورية ستيرك سيتو القادمة من حلب مع عائلتها، تروي عن استقبال وترحيب رائع من قبل الألمان، على حد وصفها. عند قدوم ستيرك مع زوجها وطفليها قبل حوالي السنة، عاشوا في البداية في قرية في ولاية سارلاند وكان أهالي القرية سعداء بوجودهم معهم، وتضيف ستيرك: "السكان هناك، لا أروع منهم. كانوا يأتون لزيارتنا من حين لآخر ويخرجون معنا للتنزه ورؤية معالم القرية والتعرف عليها". وتشير ستيرك إلى أن أهالي القرية كانوا متأثرين كثيراً بما حصل لهم من معاناة بسبب الحرب في سوريا وكانوا متعاطفين جداً معهم.
لكن هذا لم يدُمْ طويلاً بسبب انتقال أسرة ستيرك إلى مدينة أكبر يسهل فيها التسوق والمواصلات. "رغم كوني سعيدة بوجودي في المدينة الجديدة، لكن لا يوجد أي نوع من الكلام مع سكان المنطقة ولا أذكر يوماً أنهم تحدثوا معنا أو سألوا عنا"، تشرح ستيرك لـ DW عربية. يعود عدم تواصلها مع الألمان في مدينتها الجديدة إلى كونها من اللاجئين السوريين على حد تعبيرها. وكثرة اللاجئين في منطقتها تجعل بعض الألمان يحترسون من الاقتراب منهم ومن محادثتهم. ورغم مرور فترة من الزمن في مدينتها الجديدة إلا أن ستيرك لم تستطع إلى حد الآن تكوين علاقات معهم.
اللاجئة العراقية الإيزيدية هندستان تعاني من مشكلة مشابهة لكن بطريقة أخرى. هي تعيش في منطقة يسكنها كبار السن، ولا تجد أحداً من عمرها لتكوين صداقة معه. وفي جوابها على سؤال لـ DW عربية عن سبب عدم تكوينها صداقات مع كبار السن، خاصةً وأن أعمارهم لا تمنع تكوين علاقات طيبة معهم، أجابت هندستان: "أنا هنا منذ ثلاثة أشهر فقط وما زلت لا أتقن اللغة الألمانية، وأفكر في التسجيل بالجامعة لإتمام دراستي، وهناك أريد تكوين صداقات مع طلبة من عمري". وتضيف: "لا أعتقد أني سأجد المرح مع من هم أكبر مني سناً".
تعتقد هندستان أن تكوين صداقات مع الألمان ليس بالأمر الصعب مقارنة بدول أوروبية أخرى. فقد كانت العام الماضي في بولندا وحاولت كثيرا أن تكون علاقات هناك لكن محاولاتها باءت بالفشل.
العيش معا بداية لصداقة متينة
الوضع مختلف تماماً في حالة اللاجئ السوري ريزان صالح، وهو كفيف يعيش منذ سنة ونصف في ألمانيا. فقد نجح في تكوين صداقات حقيقية مع الألمان وكأنهم يعيشون تحت سقف واحد. وفي حديث له مع DW عربية قال ريزان: " تجربتي بسيطة جداً وكوني أعيش في مدرسة داخلية فمن الطبيعي أن أختلط مع المقيمين معي، إن كانوا موظفين أو طلاباً". لكن قبل دخوله المدرسة الداخلية لم يكن الأمر سهلاً كما هو عليه الآن. فسابقاً لم يستطع تكوين صداقات مع الألمان سوى مع العائلة التي ساعدته عند قدومه إلى ألمانيا. "كنت أظن نفسي فاشلاً في التعامل مع الشعب الألماني"، يشرح ريزان حالته لـ DW عربية، ويتابع: "بعدما بدأت بالدراسة في المدرسة الداخلية تغيرت مفاهيمي تماماً. لقد استطعت بسهولة ويسر التعامل مع أصدقاء حقيقيين وكأننا نعيش في بيت واحد".
ويوضح ريزان أن التعايش المشترك في نفس المبنى هو السبب الرئيسي الذي ساهم في تسهيل تعامله مع بقية الطلبة. لكنه ما زال يجد صعوبة في تكوين علاقات مع جيرانه، رغم مرور سنة على وجوده هناك. ويضيف: "إلى حد الآن أستطيع القول إني فشلت في تكوين صداقة مع جيراني الألمان بالرغم من أني أصبحت أتحدث اللغة بشكل لا بأس به".
فهم الآخرين رغم اختلاف ثقافاتهم
من جانب آخر، نجح اللاجئ السوري إبراهيم ليس فقط في تكوين صداقات مع الألمان وإنما أيضا في تأسيس منظمة لمساعدة اللاجئين في مجال الترجمة لدى الدوائر الحكومية والأطباء بالتعاون مع أصدقائه الجدد، ويضيف إبراهيم: " كان الأمر محل احترام كبير من الألمان أن يقوم اللاجئون بمساعدة أنفسهم بأنفسهم، وكانت لدينا لقاءات عديدة مع رؤساء بلديات القرى ومبادرات أخرى، نقوم فيها بتوزيع الورود وبطاقات معايدة في الأعياد". ويوضح إبراهيم من خلال حديثة لـِ DW عربية أن هذه النشاطات ساعدته كثيرا في تكوين صداقات مع الألمان بسهولة وخاصة في التواصل وفهمهم دون أحكام مسبقة.
غير أن إبراهيم أشار إلى احتمالية فشل بعض العلاقات مع الشباب الألماني بسبب اختلاف الثقافة وطريقة التعبير، وأضاف: "تتعرض علاقات الصداقة بين الألمان والعرب للفشل وتخف الاتصالات عند حدوث أمر قد يفسره الشاب الألماني بسوء تقدير. لقد فقدت صديقين ألمانيين وذلك لأسباب صغيرة لا تُذكر، بحكم أني شرقي بادرت بفهم السبب والتحدث بالأمر، إلا أن الألمان لا يحاولون معرفة السبب ويكتفون بالصمت"، على حد قوله.
ولخص إبراهيم مفهوم الصداقة بين اللاجئ والألماني في حاجة الوافد الجديد إلى ألمانيا للمساعدة التي يجدها عند الألماني المتطوع. فمن خلال هذه الحاجة تبدأ أول بذرات المحبة وتتوسع العلاقة فيما بعد.
زينب الخفاجي