ألمانيا: عقبات كبيرة أمام إدماج اللاجئين في سوق العمل
٢٦ يناير ٢٠١٧الرجل الذي يعمل لدى الشركة الأمنية لا يحق له في الحقيقة أن يبوح بشيء، لكنه رغم ذلك يقول بأن الأمور مع اللاجئين ليست بهذه السهولة. شركته تتوسط في تشغيل أشخاص أو تكوينهم كموظفي أمن وكعاملين في الاستقبالات أو عاملي نظافة أيضا. والمشكلة الكبرى تكمن في عدم تمكنهم من اللغة وحتى في الفحص الأمني. إذ كيف يمكن معرفة هل اللاجئ القادم من سوريا له سوابق عدلية في وطنه أم لا؟
آخرون يعبرون عن تفاؤل أكثر في هذا الصباح في فندق "إستريل" الكبير ببرلين حيث يشارك نحو 200 عارض برليني في "بورصة العمل للاجئين" الثانية. جميعهم يمثلون شركات خدمات التنظيف والعناية الصحية أو فنادق وشركات تحضير الأكل أو شركات صيدلة، وكلها تعرض حوالي 3000 فرصة (موطن) تكوين مهني وتدريب إضافة إلى بعض المهن الأخرى. ونحو 4.500 من اللاجئين أعلنوا عن مشاركتهم.
وفي هذا الصباح يتجول بعض اللاجئين في مجموعات صغيرة داخل الأروقة للتعرف على العروض مثل "غيت وماميت فورة"، الأخوين القادمين من كابول. كلاهما يذهبان إلى المدرسة في ألمانيا حيث ينويان بعدها اجتياز تكوين مهني. "غيت" كمصممة و"ماميت" كخبير في المعلوماتية، والاثنان يعبران عن تفاؤل بإيجاد العمل المحبب لديهما.
من الموظف إلى المتدرب
حمزة الحاج سعيد، سوري يبلغ من العمر 28 عاما من دمشق لا يبدو مسرورا. لقد عمل حمزة سابقا كموظف في إدارة حماية المستهلك، وهو حاصل على شهادة دراسية في تكنولوجيا التغذية. ويأمل حمزة الآن في الحصول على فرصة تدريب. غير أنه يقول بأن سوق العمل الألمانية مختلف تماما بحيث أن الشركات الألمانية تطلب من طالب العمل أن تكون لديه تجربة طويلة.
حمزة اقتنع الآن بأن يخضع لفترة تدريب أولا، وذلك من أجل القيام بكل ما هو ضروري للخروج من وضع العاطل عن العمل. "صعب أن يظل المرء طوال الوقت في البيت"، يقول اللاجئ السوري.
ويضيف هذا الشاب السوري بأنه تحدث مع شركتي صيدلة اقترحتا عليه التعرف عليهما أولا من خلال زيارة موقعهما الإلكتروني وتقديم طلب. وهذا ما سيفعله ـ وسيترقب النتيجة. وسبق للشاب السوري أن قدم عدة طلبات لدى شركات متعددة بدون نجاح إلى حد الآن.
الإشكالية الكبرى: اللغة ونقص الشهادات
والشاب السوري ليس وحيدا في هذه الحالة، خاصة وأن البحث عن العمل يحتاج أيضا إلى صبر كبير، كما يشرح رايموند بيكر من الوكالة الاتحادية للعمل، لأن عددا قليلا فقط من الأشخاص الذين قدموا منذ 2015 إلى ألمانيا هم أطباء أو مهندسون: "نحو 70 في المائة لا يتوفرون على شهادات التكوين العلمية والمهنية التي اعتدنا عليها في ألمانيا".
ويقول بيكر إن ألمانيا "بلد شغوف بالشهادات". فالأشخاص الذين عملوا ربما لسنوات طويلة كميكانيكيين أو كهربائيين لا يجدون فرصا في نموذج التكوين والدراسة الألماني.
إلى ذلك تضاف مشاكل لغوية، لأن الكثيرين مطالبون أولا بتعلم الألمانية. ويمكن تجاوز هذه العقبات: فالحكومة استثمرت في الشهور الأخيرة "الكثير" في دروس الاندماج وتعلم اللغة. ومن خلال عرض فترات تدريب يمكن للشركات أن تتعرف على مستوى معرفة المرشحين للعمل.
ويقول روبرت بار من منظمة "فرص عمل للاجئين" بأن التعاون مع الإدارة ـ مكاتب العمل وإدارة شؤون الأجانب ـ تحسن كثيرا في الشهور الأخيرة. وتعمل هذه المنظمة كوسيط في البحث عن عمل للاجئين. وبعد الفوضى التي كانت سائدة قبل عام في الإدارات المختصة، بات اليوم ممكنا التحدث مباشرة إلى موظفين محددين، كما يقول بار. ويضيف بأن منظمته لها أمثلة إيجابية عن لاجئين تمكنت من التوسط لصالحهم في إيجاد فرص عمل، لكن البيروقراطية ما تزال كبيرة.
البحث عن عمل يتطلب وقتا أطول لدى اللاجئين
لقد تم في كثير من المواقع تخفيف إجراءات ما يُعرف بمبدأ الأسبقية أو التخلي عنه كليا، لأنه كان يجب في السابق دوما التحقق مما إذا كان مواطن ألماني أو من بلد أوروبي آخر له الأولوية في الحصول على عرض العمل قبل اللاجئ. لكن رغم هذه التحسينات، فإن الوقت يستغرق أكثر عند اللاجئ لإيجاد فرصة عمل، كما يلاحظ بيكر من الوكالة الاتحادية للعمل، ويقول: "تكوين لاجئ شاب كي يصبح عاملا متخصصا يتطلب من خمس إلى ست سنوات".
ولهذا يفضل بعض موظفي وكالة العمل في برلين التحدث عن "بورصة اتصالات" يتعرف من خلالها أرباب العمل واللاجئون على بعضهم البعض قبل الالتزام بأي شيء.
ناومي كونراد/ م.أ.م