بين السكن المشترك والسكن في بيت الوالدين
٨ أبريل ٢٠١١عندما تعود والدة الطالبة تينا روتش مساء إلى البيت، تكون هذه الأخيرة في الغالب قامت بواجباتها الدراسية، بعدما قضت كل الوقت في البيت لوحدها. ربما لهذا السبب تفضل الطالبة تينا البقاء في السكن مع والديها تحت سقف واحد. لكن مشكلة روتش الوحيدة تكمن في سؤال ذويها عن نشاطات حياتها اليومية، كما تقول: "المشكل الوحيد يكمن في تلك الأسئلة المتكررة: أين كنت؟ إلى أين تذهبين؟ من ستصاحبين هذا اليوم؟ متى ستعودين إلى البيت؟ ليست لدي الرغبة دائماً في إعطاء مثل هذه المعلومات الشخصية لوالدَي. ما عدا ذلك، فكل شيء على ما يرام."
"بيت العائلة أقل تكلفة"
وعلى خلاف العادة تقطن الطالبة تينا روتش في بيت والديها على خلاف غالبية الطلاب الألمان الذين يفضلون السكن المشترك منذ سنوات عديدة. فمن جهة تضمن هذه التشكيلة الاستقلالية الشخصية والابتعاد عن السلطة المباشرة للوالدين، وهو ما يعتبره الكثيرون عاملاً مهماً في تطوير الشخصية. من جهة أخرى يساعد السكن المشترك على الاندماج في الحياة الجامعية بشكل أفضل.
أما تينا روتش البالغة الحادية والعشرين من العمر، والتي تدرس علوم التربية في جامعة كولونيا في الفصل الثالث، ففضلت البقاء في بيت والديها، في الغرفة نفسها التي كانت تسكنها وهي طفلة صغيرة. وتبقى الرغبة في التفرغ للدراسة بشكل أفضل خلال المراحل الأولى هو السبب الأساسي لاختيارها ذلك. فهي تحتاج إلى كثير من الوقت في الدراسة. "يمكنني أن أتفرغ بشكل أفضل لواجباتي الدراسية هنا في بيت والدي، لكوني أتمتع بالراحة والهدوء. إضافة إلى ذلك فإن السكن في بيت العائلة أقل تكلفة."
فوائد السكن المشترك
ويبقى العامل المادي من الأسباب الرئيسية التي تدفع بالعديد من الطلاب إلى تفضيل السكن في بيت الوالدين على تأجير شقة خاصة بهم أو الإقامة في السكن المشترك، فالكثير منهم لا يمكنهم تحمل الأسعار العالية للسكن التي تعرفها بعض المدن الألمانية، كمدينة كولونيا مثلاً. الوضع المالي يزداد تعقيداً في المدن والولايات التي تُـفرض فيها الرسوم الجامعية، والتي لا تقل عن خمسمائة يورو في الفصل الواحد، كما هو الحال في ولاية شمال الراين ويستفاليا التي تقع فيها مدينة كولونيا.
لكن إمكانية السكن في بيت الوالدين ليست متاحة للطلاب الأجانب. فالطالب السوري سليم سري نجاري الذي يدرس التجارة والاقتصاد في جامعة فرانكفورت يدفع ثلاثمائة يورو شهرياً إيجار غرفة في شقة يتقاسمها مع شاب ألماني. تجربته في السكن المشترك لم تكن دائماً جيدة كما يتذكر الطالب السوري ذو الأربعة وعشرين عاماً. فقبل أن ينتقل إلى مدينة فرانكفورت، كان سليم يشارك ثلاثة طلاب آخرين في شقة مشتركة في مدينة دريسدن، حيث قضى أولى مراحل دراسته: "لم يهتم الآخرون كثيراً بنظافة المرافق المشتركة. وهذا ما أزعجني كثيراً".
لكن تجربة السكن المشترك لديها فوائد أيضاً، كما يقول سليم سري نجاري. فهو يقاسم شاباً ألمانياً السكن منذ ثلاث سنوات ولا يواجه مشاكل كتلك التي واجهها في بيته في مدينة دريسدن. فمن جهة "هناك مشاكل خاصة بالسكن قد لا يمكنك حلها بسهولة إذا كنت طالباً أجنبياً، كالمسائل المتعلقة بضرائب السكن، أو أخرى مرتبطة بعقد الإيجار مثلاً. الطالب الألماني له في العادة معرفة بمثل هذه المشاكل. كما أنه قد يتلقى مساعدة من طرف عائلته." من جهة أخرى استطاع سليم تحسين معرفته باللغة الألمانية من خلال الاحتكاك المتواصل مع زميله.
الكاتب: سفينيا أويغ/ خالد الكوطيط
مراجعة: عماد م. غانم