EHEC Erbgut
٧ يونيو ٢٠١١في الثاني من شهر حزيران /يونيو 2011 نجح علماء من جامعة مونستر الألمانية في فك الشفرة الوراثية لبكتريا إي كولاي النزفية المعوية. منذ ذلك التاريخ، بات واضحا أن سلالة جديدة من البكتيريا المهجنة، تحمل جينات نوعين من البكتيريا، قد وُلدت وهي آخذة في الانتشار. في البداية حامت الشكوك حول بكتيريا من سلالة HUSEC0104 التي يُشك في أنها تسبب مرض الشعيرات الدموية، لكن هذه البكتيريا أضحت أكثر خطورة بسبب الجينات الجديدة.
الجينات تنتقل أفقيا وعموديا
هناك آليّتان لانتقال الجينات بين سلالات البكتيريا. ففي العادة تتكاثر البكتيريا بالانشطار، وبذلك تنشأ بكتيريا طبق الأصل عن البكتيريا الأم، ويطلق على هذا النوع من توريث الجينات "التكاثر العمودي". لكن هناك إمكانية لتوريث الجينات أفقيا، وهذا يتم حين تعطي بكتيريا ما جيناتها إلى بكتيريا أخرى، حتى ولو كانت من نوع أو سلالة مغايرة.
ويتم التكاثر العمودي بثلاثة أشكال: فعند انشطار الخلية قد "تفلت" أو تنساب مادة وراثية وتنتشر في البيئة المحيطة، "وهناك يمكن أن يتم استيعابها من بكتيريا أخرى"، كما يقول البروفيسور جورج بيترز، مدير معهد علم الأحياء الدقيقة في جامعة مونستر. ويطلق على هذا النوع من انتقال الجينات: التحوّل.
الشكل الثاني من انتقال الجينات يسمى الاقتران، وهو يحدث حين تقترن بكتيريّتان ببعضهما البعض عن طريق نتوءات من البروتين تكون على شكل قناة. وعبر هذه القناة التي تسمى الشعيرة الجنسية "Sex-Pili" تنتقل الجينات من بكتيريا إلى أخرى. وهكذا تظهر سلالات جديدة من البكتيريا لها مزايا جديدة.
أما في الشكل الثالث، فتساعد الفيروسات على انتقال الجينات بين البكتيريا. فالبكتيريا، مثلها مثل الكائنات الحية الأخرى، قد تصاب بعدوى فيروسية أيضا. وإذا انتقل الفيروس من بكتيريا إلى أخرى فإنه يساعد على انتشار جينات البكتيريا الأولى إلى الثانية. وهذه هي الطريقة التي انتقلت فيها الجينات من بكتيريا شيغيلا (Shigella)، - نسبة إلى العالم الياباني كيوشي شيغا- إلى البكتيريا المعوية. وجينات بكتيريا شيغيلا هي المسئولة عن جعل سلالة البكتيريا المعوية "إي كولاي"، تفرز السموم البروتينية القاتلة.
دلائل للحصول على أدوية جديدة
ظهرت البكتيريا المعوية النزفية في عام 2001 في كوريا الجنوبية لدى مريضة تلقت العلاج وشفيت. آنذاك لاحظ العلماء أن هذه البكتيريا تلتصق بجدران الأمعاء. لكن الجديد في هذه البكتيريا بشكلها الذي ظهرت فيه بألمانيا، هي أنها أصبحت مقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية. وأظهرت التحليلات الجينية أن البكتيريا أصبحت مقاومة للعلاج بسبب مزايا جديدة اكتسبتها من جينات بكتيريا إي كولاي أخرى. وحتى الآن لا يعرف العلماء أين كانت هذه البكتيريا ولا أي شكل من أشكال الانتقال الثلاثة اختارت للاندماج مع البكتيريا الحالية.
لكن هناك أمل: فالآن بات العلماء قادرين على مقارنة شفرة جينات سلالات البكتيريا المختلفة وتحضير الدواء المناسب لمقاومتها. ويركز العلماء على سموم شيغا التي تفرزها بكتيريا إي كولاي لأنها تشكل خطرا حقيقيا على حياة الإنسان. ويعتقد العلماء أن الصدفة لعبت دورا في جعل هذه البكتيريا خطيرة على الإنسان، لأن البكتيريا قد تأخذ جينات من بكتيريا أخرى تؤدي إلى فنائها وليس إلى تقويتها. ويقول البروفيسور بيترز "هذا أمر عادي، وهو يحدث في الطبيعة بشكل دائم وسيبقى الأمر كذلك". لذلك ينفي أن تكون البكتيريا المنتشرة في ألمانيا حاليا حربا بيولوجية وإرهابا :"هذا، وحسب المعلومات المتوفرة حاليا وبكل تأكيد، هراء". إضافة إلى ذلك تقوم ألمانيا منذ سنوات، بفحص بكتيريا وفيروسات الأمراض المعدية للتأكد من أنها ليست من صنع الإنسان. وقد أجريت هذه الاختبارات على بكتيريا إي كولاي دون العثور على ما يشير إلى وجود دور للإنسان في تكوينها وانتشارها.
هيلغا هانسِن/ عبد الرحمن عثمان
مراجعة:هبة الله إسماعيل