جولة مصورة في عالم البكتيريا والفيروسات
٢ يونيو ٢٠١١
الإنسان والميكروبات
تنشُرُ جرثومة لا ترى بالعين المجردة الخوف والهلع في أوروبا. اسمها العلمي هو "إشريكيا كولي" وتعرف اختصارا باسم (إي إتش إي سي). هذه الجرثومة موجودة عادة في أمعاء كل إنسان دون أن تلحق به الأذى، وهي من فصيلة بكتيريا "إيكولي" واسعة الانتشار. لكنها تحوّرت وأصبحت تسبب النزيف الحاد لكل من يصاب بها، فالنوع الجديد من هذه البكتيريا يدمر كريات الدم ويسبب غالباً الفشل الكلوي.
أبحاث العدوى
يستطيع العلماء جعل الكائنات الدقيقة مرئية، ومن بينها جرثومة إشريكيا كولي. لهذا الغرض يقومون بزرع البكتيريا كي تتكاثر في أطباق يطلق عليها اسم "أطباق البتري" المصنوعة من البلاستيك الشفاف. وتكون هذه الأطباق معقمة وفيها محلول هلامي تتغذى البكتيريا عليه. ومنذ انتشار جرثومة إيكولي النزفية، طور البروفيسور الألماني هيلغه كارخ فحصاً سريعاً للكشف عن إصابة شخص ما بهذه الجرثومة، تظهر نتائجه خلال ساعات قليلة.
رائد علم البكتيريا
يعتبر الطبيب الألماني روبرت كوخ (1843-1910) رائد علم البكتيريا وواضع أسسه. فقد نجح في عام 1876 في زراعة البكتيريا المسببة لمرض الجمرة الخبيثة وتقديم وصف مفصل لها. وفي عام 1882 اكتشف العامل المسبب لمرض السل، الذي كان آنذاك أحد أكثر الأمراض فتكاً بالبشر. واليوم، يعتبر المعهد الذي يحمل اسم هذا العالم، أحد أعرق المعاهد العلمية المتخصصة بأبحاث البكتيريا والفيروسات وأمراضها في ألمانيا. وابتداء من أول حزيران/ يونيو ينظم المعهد معرضاً في مدينة هامبورغ الألمانية عن علم الميكروبات وتاريخه.
البرهان
كان روبرت كوخ أول من نجح في تصوير الكائنات الدقيقة عبر المجهر، وبذلك كشف عن هويتها. هذه الصورة، المطبوعة على زجاج، سيتم عرضها في معرض "الإنسان والميكروبات" في خزانة تاريخية لزراعة الميكروبات تعود إلى فريق عمل روبرت كوخ.
البحث العلمي قبل مائة عام
نجح روبرت كوخ في تلوين بكتيريا السل في هذه القارورة باستخدام الميثيلين الأزرق. وفي طبق البتري في يمين الصورة، يوجد خلاصة هلامية لطحالب أغار- أغار، تتغذى البكتيريا عليها. والمسحوق الذي يظهر في طبق البٍتري في يسار الصورة، يُستخرج منه لقاح ضد بكتيريا مرض السل.
صياد الميكروبات
في عام 1905 فاز روبرت كوخ بجائزة نوبل في الطب تقديراً لجهوده كمؤسس لعلم البكتيريا وعلم أحياء الكائنات الدقيقة. ولعب روبرت كوخ دوراً رئيسياً في تأسيس طب أمراض المناطق الحارة. ولهذا الغرض سافر في عام 1896 إلى جنوب إفريقيا، بدعوة من الحكومة البريطانية، لإجراء أبحاث على مرض طاعون الأبقار. وكان المجهر واحداً من أهم أدوات المختبر التي أخذها معه.
الميكروسكوبات الحديثة
واليوم أيضاً، مازال الميكروسكوب يعتبر أهم أداة يستخدمها علماء البكتيريا في أبحاثهم. وسيتمكن زوار المعرض من مشاهدة صور مكبّرة لأنواع مختلفة من البكتيريا، وفي الصورة نشاهد دودة طفيلية تدعى (Loa Loa)، أما النقاط الكروية فهي كريات الدم.
الفيروسات
منذ استحداث المضادات الحيوية، أصبح بالإمكان مقاومة معظم أنواع البكتيريا المسببة للأمراض. لكن في المقابل شكلت الفيروسات تحدياً جديداً للأطباء، لأن كل إنسان يحتاج إلى تطوير مناعة خاصة بجسمه ضد هذا الفيروس أو ذاك ولأن الفيروسات تتحوّر بسرعة. في الصورة تظهر فيروسات نورو المسببة لأمراض المعدة والأمعاء وإصابة الإنسان بالإسهال والتقيؤ. وهي مشهورة بسرعة تكاثرها.
المصافحة والعدوى
في معرض "الإنسان والميكروبات" يمكن للزوار أن يختبروا شخصياً سرعة انتقال البكتيريا من شخص إلى آخر عن طريق المصافحة. ولخوض هذه التجربة يحتاج الزائر إلى وضع حبر سري على يده، وهو حبر يظهر للعيان فقط عند تعريض اليد لضوء أسود. وحين يصافح شخصاً آخر، ينقل إليه الجراثيم أو الفيروسات.
القاتل الجماعي
يعتبر فيروس مرض الأنفلونزا (A H1N1) المسبب لأكبر وباء عرفته البشرية حتى اليوم. ففي عام 1918 وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى انتشر وباء عرف باسم "الأنفلونزا الإسبانية". هذا الفيروس، وسوء التغذية بعد الحرب أدّيا إلى موت 21 مليون إنسان بالتهابات الرئة التي سببتها البكتيريا. وفي عام 2009 عاود الظهور بشكل متحوّر فيما عرف بوباء انفلونزا الخنازير في المكسيك، وانتشر منها بسرعة في معظم أنحاء العالم.
الماء كوسيلة لنقل العدوى
لا أحد يستغني عن الماء، لكن الماء قد يكون قاتلا: في الصورة حقيبة لتحليل المياه ومجسمات لبكتيريا مسببة للأمراض من عهد روبرت كوخ. وتظهر المجسمات من اليسار إلى اليمين: الزحار الأميبي، الفيليقية أو (ليغيونيلا) التي تصيب الجهاز التنفسي والمسببة لمرض التهاب الكبد الوبائي A. وفي مقدمة الصورة يظهر نوع من الطفيليات المسببة لمرض البلهارسيا كما تظهر البكتيريا المسببة لحمى التيفوئيد.
الطفيليات
في كثير من الأحيان، تنتقل الفيروسات والبكتيريا عن طريق الطفيليات. فحشرات القراد المنتشرة في المناطق المدارية والاستوائية تحمل مثلاً مرض الحمى الإفريقية. وتنجم هذه الحمى عن عدوى بكتيرية تحملها الطفيليات إلى الإنسان.
جرثومة المستشفيات الشريرة
خطر الإصابة بالعدوى موجود حتى في المستشفيات. فجرثومة "الراكدة" والتي تسمى باللاتينية (Acinetobacter)، يمكن أن تسبب التهابات في الجروح أو التهاب رئوي أو التهاب السحايا، الذي يصيب قشرة الدماغ. وهذه الجرثومة مقاومة للمضادات الحيوية ومن الصعب الشفاء منها.
فابيان شميدت/ عبد الرحمن عثمان
مراجعة: عماد مبارك غانم