بعد "رسائل" الشرطة والجيش.. هل فقد البشير كل أوراقه؟
١٠ أبريل ٢٠١٩بمرور حوالي أربعة أشهر على اندلاع الاحتجاجات ضد النظام الحاكم في السودان، يبدو أن الحراك الشعبي هناك وصل لمفترق طرق. فمطالب المحتجين للجيش السوداني بوقف دعمه للرئيس عمر البشير، تضعه تحت مزيد من الضغط لاتخاذ قرار لتجنب انزلاق السودان نحو الفوضى.
منذ بدء الحراك ضد الرئيس السوداني في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تلخصت استجابته برفض الاستقالة من منصبه وإعلان حالة الطوارئ ومحاولة قمع الاحتجاجات ضده باستخدام القوة. ومع حديث قوات الجيش والشرطة عن "وحدة السودان" و"حماية المواطنين" تظهر علامات الاستفهام حول الأوراق المتبقية في يد البشير وسيناريوهات المستقبل القريب.
"البشير لن يحكم السودان بعد الآن"
يُطالب تحالف الحرية والتغيير، والذي يضم أحزابا سياسية معارضة وقوى مدنية ومجموعات مهنية بـ "التواصل المباشر بين قوى إعلان الحرية والتغيير وقيادة القوات المسلحة لتيسير عملية الانتقال السلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية".
وفي حوار مع DW عربية يرى خالد عمر يوسف، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني المُعارض، أحد أعضاء تحالف الحرية والتغيير، على أنه لم يعد للبشير أي دور للخروج من المأزق الحالي وأنه "لن يحكم السودان بعد الآن". ويضيف بأن تحالفه قدم مقترحا واضحا لنزع فتيل الأزمة عبر التفاوض المباشر مع الجيش السوداني لأن البشير "لا يملك من الأوراق ما يجعله قادر على المناورة أو استمالة الناس"، وبالتالي "لا يوجد خيار آخر أمام قيادات القوات المسلحة سوى الدخول في مفاوضات لأن الرئيس السوداني نفسه انتهى"، حسب رأيه.
أما الباحثة المصرية أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقد أعربت في حوارها مع DW عربية عن مخاف بشأن ما يمارسه التيار الإسلامي من ضغط على الرئيس السوداني لعدم التخلي عن السلطة وتقول: "الوضع مازال معقدا لوجود فئات تضغط على الرئيس البشير للاستمرار في الحكم إلى أن ترتب أوضاعها، وبالتحديد الحركة الإسلامية ورموزها المتورطة في قضايا فساد وقمع ضد الشعب السوداني، وربما هذا يفسر الاجتماع الذي تم مؤخرا بين البشير وقيادات في حزب المؤتمر الوطني (الحاكم)".
وكان البشير قد ترأس اجتماعا مفاجئا للمكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم يوم الثلاثاء، كما نفى حسن إسماعيل، المتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية، تقارير إعلامية بشأن اقتراب قيام البشير بتسليم السلطة للجيش والتساؤل حول الشخصية التي قد تخلفه على كرسي الحكم، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السودانية سونا.
دور الجيش والشرطة
موقف الشرطة من الحراك الشعبي في السودان يبدو أوضح قليلا مقارنة بموقف الجيش، حيث أعلنت الشرطة عن دعمها لما وصفته بـ "الانتقال السلمي للسلطة" كما دعت إلى "عدم التعرض للمتظاهرين". أما بالنسبة للجيش، فقد تحدث وزير الدفاع السوداني، الفريق ركن عوض بن عوف، عن "تقدير أسباب الاحتجاجات" لكنه أكد في الوقت نفسه على "عدم التسامح مع أي مظهر من مظاهر الانفلات الأمني".
وفي هذا الإطار يقول خالد عمر يوسف، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني المُعارض إن "الجيش والشرطة، ولطبيعة التركيبة الاجتماعية لهما، يعتبران أقرب للمجموعات الاجتماعية الداعمة للثورة، وخاصة على مستوى الرتب الأدنى، أما التناقض فهو موجود على مستوى القيادات العليا التي لديها مصالح مع النظام الحاكم بما يفسر ترددها".
بيد أنه يبدو واثقا أن الجيش، رغم تردده، لن يجازف بإصدار أوامر بضرب المتظاهرين تجنبا لوقوع تمرد بين صفوفه إذا رفض الجنود إطلاق النار على "إخوانهم وأخواتهم".
من جانبه، أصدر رئيس الأركان المشتركة كمال عبد المعروف بيانا منفصلا يؤكد فيه على "وحدة وتماسك المنظومة الأمنية"، وذلك في إشارة إلى القوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن والدعم السريع.
وتؤكد الباحثة المتخصصة بالشأن الافريقي أماني الطويل، على ضرورة حسم الرئيس السوداني أمره واتخاذ الجيش قرار بشأن من سيتولى السلطة بعده قائلة: "كلما مر المزيد من الوقت كلما وجدنا نفسنا أمام سيناريو الانزلاق لمواجهات مسلحة، خاصة مع انقسام الجيش ما بين جيل القيادات المُنتمي للحركة الإسلامية والمُلاحق بارتكاب جرائم إنسانية في دارفور، والجيل الأصغر المُنحاز للحراك الشعبي".
وتضيف الطويل: "الخطورة في الموقف السوداني هو أن هناك أكثر من طرف يحمل سلاحا، وبالتحديد قوات الأمن الشعبي ذات الطبيعة الإيديولوجية لانتمائها إلى الحركة القومية الإسلامية، وبالتالي يمكن أن تقع احتكاكات تؤدي لمواجهات مسلحة وفوضى؛ خصوصا وأن قتلى بدأوا يسقطون في صفوف الجيش بسبب الاعتداء من جانب قوات الأمن الشعبي على المتظاهرين".
دعوة للاستقرار أم الصدام
ومع ما يعكسه الحراك الشعبي من انعدام لشعبية عمر البشير في الشارع السوداني، أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم دعمه لتنظيم مسيرة حاشدة يوم الخميس لـ "تأكيد الالتزام باستقرار السودان"، في دعوة ربما تكون الورقة الأخيرة التي يُلقي بها النظام الحاكم.
وفي حواره مع DW عربية، وصف الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني المُعارض، هذه الدعوة باعتبارها "حيلة بائسة للأنظمة الشمولية" قائلا: "ليس لدى الحزب الحاكم وجود حقيقي في الشارع السوداني، وبالتالي سيقوم بحشد المجموعات التابعة له وهو ما يثير مخاوف من وقوع صدام مع المعتصمين ضد النظام الحاكم في حالة اقتراب المشاركين بهذه المسيرة من مكان الاعتصام".
دينا البسنلي