احتجاجات السودان.. هل يحسم الجيش موقفه لصالح الشعب؟
١٠ أبريل ٢٠١٩في السودان يحصل على ما يبدو تلاحم بين المتظاهرين والجيش. فالآلاف من الناس تجمعوا الأحد في اليوم الثاني على التوالي أمام المقر الرئيسي للقوات السودانية في العاصمة الخرطوم مطالبين هناك باستقالة الرئيس عمر البشير. ويرى المتظاهرون في الجيش حليفا ممكنا.
"السودان ينتفض، والجيش ينتفض"، شعار كان يردده المتظاهرون المتجمعون أمام مقر الجيش، حسب وسائل الإعلام. وكان المتظاهرون يقولون "إنه طالما بقي الجيش في مقره، فلا خوف لدينا منه". ويبدو أن الثقة في الجيش تعود لأسباب، إذ أنه عندما حاولت قوات الأمن فض الحشد، واجهها جنود. وقاال مراسل وكالة الأنباء الإسبانية نقلا عن أحد المشاركين "إن وحدات الجيش قاموا بحماية المحتجين أمام مقر القيادة، عندما حاولت الشرطة فض الاحتجاج بالقوة
لا نهاية للاحتجاجات
وحتى في وسائل التواصل الاجتماعي تروج تقارير حول تلاحم الجيش والسكان.
وبالنسبة إلى هذا القارئ يحصل التضامن بين المتظاهرين والجيش في لحظة عاطفية
والاثنين تواصلت الاحتجاجات، وأفاد شهود عيان أن عناصر المخابرات ورجال الشرطة تقدموا لفض حشد المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع. وحتى هذه المرة تقدم جنود لحماية المتظاهرين وأطلقوا أعيرة تحذيرية.
الجنود الشباب لا يعرفون إلا رئيسا واحدا
بداية الاحتجاجات السبت، الموافق للسادس من أبريل كانت رمزية جدا. ففي السادس من أبريل 1985 بدأت الانتفاضة التي أدت إلى سقوط الرئيس السابق جعفر النميري الذي وصل إلى الحكم في 1969 بتنفيذ انقلاب عسكري ـ بمساعدة الجيش الذي أجبره بعد 16 عاما على الاستقالة ونقل السلطة إلى الحكومة المنتخبة تحت صادق المهدي الذي امتدت مدة حكمه حتى 1989 قبل أن يطيح به الرئيس الحالي عمر البشير.
وحتى في تغيير هاتين الحكومتين كان الجيش مشاركا، كما يقول المستشار السياسي وخبير شؤون السودان توبياس زيمون. "في ذلك الوقت انضم ضباط شباب لجهة المتظاهرين". وفي الاضطرابات الحالية لا يُعرف ما هي الأجزاء من الجيش المتعاطفة مع المتظاهرين. "لكن يمكن افتراض أنهم مجددا ضباط من جيل الشباب"، كما صرح زيمون في حديث مع دويتشه فيله.
فالجنود الذين تتراوح أعمارهم حاليا بين 20 و 30 عاما لم يعرفوا سياسيا آخر في سدة الحكم ما عدا عمر البشير، كما يؤكد زيمون الذي يفترض أنهم يشاطرون السكان غضبهم السياسي. "الاحتجاجات في السودان يتم نعتها في الغالب بأنها احتجاجات من أجل الخبز موجهة ضد غلاء الخبز والوقود. لكنها في الحقيقة تتعلق بالحرية وحقوق الإنسان".
وحاول الرئيس عمر البشير إضفاء الشرعية على سلطته المستمدة من انقلاب بالاستدلال بالإسلام، ليمنح سلطته طابعا دينيا. وأراد أيضا توجيه الجيش في هذا الاتجاه، إلا أن شرائح واسعة من الجيش لم تنضم إليه. وهذا ما دفع البشير إلى إضعاف الجيش لصالح المخابرات. وهذا االتطور جعل موقف الجيش غير واضح بشأن فرضية تغير محتمل للسلطة.
مرحلة جديدة من صراع السلطة
ودور الجيش يبدو قد ظهرت معالمه، فالتضامن الذي يعرضه على السكان يتجاوب معه على الأقل جزء من الجيش. وهذا ما يراه مشاركون في عين المكان.
"الصورة تظهر روح الجيش"، يكتب هذا القارئ.
ويقول توبياس زيمون بأن الجيش لا يمثل إيديولوجية واضحة. "فهو بالأحرى مرآة للسكان، وهو يتحرك في هذا الإطار". ويبدو أن أجزاء كبيرة من الجيش قررت الوقوف إلى جانب السكان المحتجين. وإذا ما تحقق هذا الافتراض، فإن "الجيش قد يلعب دورا حاسما في الصراع على السلطة".
كرستين كنيب/ م.أ.م