بعد تخلي ألمانيا عن الطاقة النووية.. ما مصير نفاياتها؟
٧ مايو ٢٠٢٣منذ الخامس عشر من نيسان/ أبريل 2023 أصبحت الطاقة النووية جزء من الماضي في ألمانيا. فمنذ الستينات زودت 20 محطة نووية البلاد بالطاقة، وآخر ثلاث محطات للطاقة النووية توقفت عن العمل في الخامس عشر من هذا الشهر.
وعلقت وزيرة البيئة، شتفي ليمكه من حزب الخضر، على ذلك في حوار إذاعي بالقول "أرى أنه يجب أن نركز كل جهودنا على دفع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتوفير في استهلاك الطاقة إلى الأمام ونتوقف عن هذه النقاشات المتخلفة". وبسبب التوتر في سوق الطاقة على خلفية حرب أوكرانيا، لا تزال هناك أصوات تطالب بتمديد عمل محطات الطاقة النووية، لكن هذه الأصوات لم تمنع إغلاق هذه المحطات.
مهمتان صعبتان!
لكن رغم التخلي عنها، سيظل موضوع الطاقة النووية يشغل البلاد، ولمدة طويلة. فمحطات توليد الطاقة النووية يجب تفكيكها والتخلص منها. لكن يبقى موضوع دفن النفايات النووية وتخزينها بشكل نهائي هو الأكثر صعوبة وإثارة للجدل.
مثل باقي الدول التي كانت لديها أو لا تزال لديها محطات للطاقة النووية، لم تجد ألمانيا أيضا بعد مكانا دائما يمكن دفن النفايات النووية فيها بشكل نهائي وآمن، حيث يتم الآن تخزين هذه النفايات في مخازن مؤقته في المناطق التي توقفت فيها المحطات النووية، لكن القانون ينص على أن مخلفات القضبان المشعة يجب دفنها تحت الأرض لآلاف الأعوام بشكل آمن.
مستودعات مؤقتة
فولفرام كونيغ، رئيس المكتب الاتحادي لأمن المخلفات النووية (BASE) يقول في حوار مع DW "المستودعات المؤقتة هي لمدة محدودة، وتبقى قائمة حتى يتم تحضير مستودعات نهائية (أبدية). وإن الخرسانة والأسلاك الشائكة والحراسة والحديد، ليست بديلا لبنية جيولوجية متينة. يجري البحث عن عمق جيولوجي وطبقة مناسبة من الملح أو الغرانيت أو الصخور الطينية التي ستضمن لفترة زمنية غير محدودة عدم وصول المواد المشعة إلى سطح الأرض".
عملية البحث ستستمر لعقود
ألمانيا وحوالي ثلاثين دولة أخرى كانت أو لا تزال لديها محطات للطاقة النووية، متفقة على أن النفايات المشعة يجب دفنها تحت الأرض، لكن أين بالضبط؟ منطقة "غورليبن" في شرقي ولاية ساكسونيا السفلى، كانت ولمدة طويلة المكان المفضل لدى الساسة الألمان لدفن النفايات النووية فيها.
لكن "غورليبن" كانت أيضا دائما مسرحا للاحتجاجات ضد الطاقة النووية، وبالتالي تخلت الحكومة عن اختيار هذا المكان لدفن النفايات النووية. والآن البحث جار في كل أنحاء ألمانيا في أكثر من 90 موقعا عن مكان مناسب بدل غورليبن. وفي هذا السياق يقول فولفرام كونيغ "يجب أن نفترض أن عملية البحث عن مكان نهائي لدفن النفايات النووية، في ألمانيا ستدوم حوالي نفس المدة التي استخدمنا فيها الطاقة النووية، أي 60 عاما".
مشغل المحطة مسؤول عن تفكيكها
كما أن تفكيك حوالي 20 محطة نووية سيستغرق بعض الوقت أيضا. و"تقع مسؤولية تفكيك محطات الطاقة التي تم توقيفها على عاتق مشغليها. إذ عليهم تنظيم عملية التفكيك" يقول فولفرام كونيغ، ويضيف "وهم يعتقدون أن ذلك يحتاج ما بين 10 و15 سنة من تاريخ الحصول على الترخيص بالتفكيك وحتى الحصول على الإعفاء (من المسؤولية) من هيئة الإشراف النووية".
هناك الآن محطات للطاقة النووية في ثلاثين دولة حول العالم. في إيطاليا وكازاخستان وليتوانيا تم إغلاق المحطات النووية. في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة وبيلاروسيا تبنيان الآن محطات للطاقة النووية وستنضمان إلى مستخدمي الطاقة النووية.
دفن النفايات النووية بشكل نهائي وآمن لا يزال مشكلة عالمية لم يتم حلها، وفنلندا هي التي حققت أكبر تقدم في هذا المجال. فيزا لاكانيمي، مدير بلدية أويرايوكي في جنوبي فنلندا قال في حوار مع القناة الألمانية الأولي (ARD) حول إقامة مستودع لدفن النفايات النووية بشكل نهائي في منطقته "من يستفيد من الطاقة الكهربائية يجب أن يتحمل مسؤولية النفايات أيضا، وهكذا هو الأمر في فنلندا. ومن يستخدم الكهرباء المولدة من الطاقة النووية يجب أن يدفع مع الفاتورة تكلفة التخزين النهائي (للنفايات) أيضا". وتقدر تكلفة بناء المستودع النهائي أو الأبدي لدفن النفايات النووية بحوالي 3,5 مليار يورو!
420 محطة نووية لا تزال تولد الكهرباء
حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هناك الآن حوالي 420 محطة للطاقة النووية في العالم، متوسط عمرها حوالي 31 عاما. ويشير تقرير حالة الصناعة النووية في العالم، إلى أنه لا يمكن الحديث عن نهضة في مجال الطاقة النووية.
ويضيف التقرير بشأن توليد الطاقة النووية في العالم بأنه "في عام 1996 وصلت نسبتها من الطاقة إلى 17,5 بالمائة وهي الأعلى، وفي عام 2000 انخفضت هذه النسبة بعد 4 عقود إلى ما دون 10 بالمائة". في أوروبا تريد 13 دولة من أصل 27 الاستمرار في استخدام الطاقة النووية، وبعضها تريد توليد طاقة أكثر مما عليه الحال الآن. أيضا الصين وروسيا والهند تخطط لبناء محطات جديدة لتوليد الطاقة النووية.
لكن وكما دائما ستبقى المخلفات النووية المشعة تشغل ألمانيا لأعوام طويلة قادمة.
ينس توراو/ ع.ج