الهيدروجين الأخضر ـ رهان دول الخليج على "وقود المستقبل"
١٧ أغسطس ٢٠٢٣بعد أن حقّقت أرباحًا هائلة من الوقود الأحفوري على مدى عقود، تضع دول الخليج حاليًا نصب عينيها الهيدروجين الأخضر في إطار رغبتها المعلنة في جعل اقتصاداتها صديقة للبيئة. وتستثمر السعودية والإمارات وسلطنة عمان كثيرًا في هذا الوقود في وقت تبحث عن مصادر عائدات بديلة عن النفط والغاز.
ويقول الخبير كريم الجندي من معهد "تشاتام هاوس" للدراسات الذي يتخذ من لندن مقرًا، "دول الخليج تطمح إلى ريادة سوق الهيدروجين العالمية". ويضيف لوكالة فرانس برس "تنظر إلى الهيدروجين الأخضر على أنه أساسي لأنه يسمح لها بالبقاء كقوى كبرى في مجال الطاقة، والاحتفاظ بنفوذها مع تراجع الطلب على الوقود الأحفوري". وبخلاف الهيدروجين الذي يتمّ إنتاجه من الوقود الأحفوري الملوّث ولا يزال مستخدمًا على نطاق واسع، يتمّ إنتاج الهيدروجين الأخضر من المياه باستخدام الطاقات المتجددة على غرار الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية.
إلا أنّ هذا الوقود النظيف الذي يمثّل حاليًا أقلّ من 1% من مجمل إنتاج الهيدروجين، ليس قابلا للحياة بعد تجاريًا ويحتاج إلى زيادة هائلة في مصادر الطاقة المتجددة، وهي عملية قد تستغرق سنوات. وفي حين أن الوقود الأحفوري ينتج غازات الدفيئة، لا ينبعث من الهيدروجين الأخضر سوى بخار المياه. ويتمّ الترويج لاستخدامه في القطاعات الأكثر تلويثًا مثل النقل والشحن وصناعة الصلب.
وبفضل رأس مالها الاستثماري الهائل، تقوم السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ببناء أكبر محطة لإنتاج للهيدروجين الأخضر في العالم في مدينة نيوم المستقبلية الضخمة في شمال غرب المملكة التي ستبلغ كلفتها 500 مليار دولار. وستضمّ المحطة التي بلغت كلفتها 8,4 مليار دولار، طاقة الرياح والطاقة الشمسية لإنتاج ما يصل إلى 600 طن من الهيدروجين الأخضر في اليوم بحلول أواخر عام 2026، بحسب السلطات.
في تموز/يوليو، أقرّت الإمارات التي ستستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف حول المناخ (كوب28) أواخر العام الحالي، استراتيجية للهيدروجين تهدف إلى إنتاج 1,4 مليون طن متري من الهيدروجين سنويًا بحلول عام 2031، ما سيجعلها واحدة من أكبر الدول العشر المنتجة للهيدروجين.
غير أنّ سلطنة عُمان التي تحلّ في مرتبة متأخرة لجهة إنتاج الوقود الأحفوري مقارنةً بجيرانها، تبدو مستعدةً لقيادة سباق الهيدروجين النظيف في الخليج. إذ إنها ستصبح بحلول نهاية العقد الحالي سادس أكبر مصدّر للهيدروجين الأخضر في العالم والأوّل في الشرق الأوسط، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة الطاقة الدولية نُشر في حزيران/يونيو. وتطمح السلطنة إلى إنتاج ما لا يقلّ عن مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030، وما يصل إلى 8,5 مليون طن بحلول 2050، "ما سيكون أكبر من مجمل الطلب الحالي على الهيدروجين في أوروبا"، وفق الوكالة.
وبحسب شركة "ديلويت" للتدقيق المالي العملاقة، فإن دول الشرق الأوسط وفي المقام الأول دول الخليج، ستقود تجارة الهيدروجين عالميًا على المدى القصير، عبر تصدير نصف إنتاجها المحلّي بحلول 2030.
وبحلول 2050، يتُوقع أن تصبح دول شمال إفريقيا وأستراليا الأكثر قدرةً على الإنتاج، رغم أن دول الخليج ستبقى "رائدة في التصدير"، بحسب ما جاء في تقرير للشركة صدر في حزيران/يونيو.
ا.ف/ ع.ج.م (أ.ف.ب)