بعد 10 سنوات.. ماذا حققت انتفاضة البحرين؟
١٧ فبراير ٢٠٢١رأت الناشطة البحرينية مريم الخواجة التي تعيش في منفاها الاختياري بمدينة كانساس سيتي الأمريكية بارقة أمل في جائحة فيروس كورونا، بعد أن سمحت لها السلطات في وطنها بالتحدث مع والدها السجين عبر الإنترنت لأن الزيارات الشخصية في السجون ممنوعة.
تحكي مريم لرويترز عن المكالمة التي أجرتها بالفيديو مع والدها ، قائلة: سُنحت لي الفرصة لرؤية وجهه للمرة الأولى منذ 2014". وقد تحدث الاثنان في عدة مكالمات منذ ذلك الحين.
وقالت مريم إن والدها بدا أنحف مما كان عندما شاهدته في المرة السابقة شخصيا وذلك عندما اعتقلتها السلطات في البحرين وسمحت بزيارة عائلية لها. وأضافت أن وجهه تغيّر أيضا بفعل كسر في الفك أصيب به وهو رهن الاعتقال.
وتروي الشابة البالغة من العمر 33 عاما، أنها أحست وكأنها عاشت ذلك الموقف من قبل عندما شاهدت مقطعا مصورا في نشرات الأخبار ظهر فيه الأمريكي جورج فلويد وهو يتوسل لشرطي أمريكي جثم بركبته على رقبته العام الماضي قائلا "لا أستطيع التنفس". وتابعت بأن والدها نطق بهذه الكلمات ذاتها في 2011 عندما سحبه رجال الشرطة البحرينية على السلم.
والد مريم هو عبد الهادي الخواجة الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد لدوره في الحركة المؤيدة للديمقراطية في البحرين، عندما اجتاحت احتجاجات "الربيع العربي" مصر وتونس وليبيا وسوريا قبل عشر سنوات، وكانت البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي وصلتها رياح "الربيع العربي".
"خسارتنا كبيرة"
شاهدة أخرى على الأحداث وهي روت آلاء الشهابي التي تعمل الآن بالتدريس في جامعة لندن. تتحدث روت عن الأمل الذي شعرت به خلال مسيرة سلمية إلى القصر الملكي خارج العاصمة المنامة في عام 2011.
قالت وهي تسترجع ذكرياتها "كنّا نقف عند بوابة القصر وبدت تلك البوابة وكأنها الشيء الوحيد الذي يحول بيننا وبين تحول سياسي في البحرين". وأضافت "اعتقدنا أنه لم يكن هناك شيء يمكن أن نخسره. واتضح أن خسارتنا كبيرة".
أما ذاق سيد أحمد الوداعي الناشط الحقوقي الذي فرّ إلى لندن مبكرا عندما شارك عشرات الآلاف من البحرينيين في جنازة محتج سقط قتيلا بالرصاص، فقد جرّد من الجنسية في 2015 عندما نظم احتجاجا مناهضا للملك حمد بن عيسى آل خليفة أثناء زيارته لبريطانيا "شعرت بالحرية الحقيقية في ذلك اليوم. كنا نستطيع أن نقول ما نشاء". وفي 2019 أعاد الملك الجنسية لمئات البحرينيين الذين جردتهم السلطات منها، لكن القائمة التي اطلعت عليها رويترز لم تشمل شخصيات رئيسية في المعارضة والناشطين.
أحداث دامية
قبل عشر سنوات خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بإصلاحات. وانتشر العنف عندما انتفض أفراد الأغلبية الشيعية على الأسرة الحاكمة السنية. وأعلنت السلطات الأحكام العرفية واستطاعت المنامة بمساعدة قوات سعودية قمع تلك الاحتجاجات.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 توصلت لجنة خاصة عيّنتها البحرين لتقصي الحقائق إلى أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة في قمع المظاهرات المطالبة بالديمقراطية ولجأت في سبيل ذلك إلى التعذيب وانتزاع الاعترافات قسرا. وقالت اللجنة إن 35 شخصا أغلبهم من المحتجين سقطوا قتلى وبلغ عدد المقبوض عليهم 3000 فرد وفقد أكثر من 4000 شخص وظائفهم وتعرض المئات لسوء المعاملة في السجون.
وقبل أن ينفجر الوضع بفترة طويلة كانت المعارضة تشكو من التمييز بحق الشيعة في أماكن العمل والخدمات العامة وطالبت بملكية دستورية تشكل من خلالها حكومة يختارها برلمان منتخب. بينما تنفي الحكومة التمييز وتتهم إيران الشيعية بتأجيج الاضطرابات غير أن طهران من ناحيتها تنفي ذلك.
وفي إطار محاولة لرأب الصدع أطلقت القيادة فيالبحرين حوارا وطنيا في يوليو /تموز 2011 وفي العام التالي أعلن الملك حمد آل خليفة تعديلات دستورية منحت البرلمان سلطات إشرافية أكبر.
غير أن محادثات المصالحة فشلت في نزع فتيل التوتر. وحلت السلطات أحزاب المعارضة الرئيسية ومنعت أعضاءها فيما بعد من خوض الانتخابات التشريعية. وتلا ذلك محاكمات جماعية نددت بها الجماعات الحقوقية ودخل الآلاف السجون وفرّ البعض إلى خارج البلاد.
بينما يقول علي الأسود عضو البرلمان السابق من حركة الوفاق وهي حركة المعارضة الرئيسية التي حلتها السلطات، إن المصالحة في البحرين تتوقف على نزع القوى الخارجية فتيل التوتر في المنطقة. وصدر على الأسود حكم غيابي بالسجن المؤبد. وحسب علي الأسود "لن يوجد حل لاضطرابات البحرين دون خطوات إقليمية ودولية أوسع لتخفيف التوترات سواء بين إيران والسعودية أو بين الولايات المتحدة وإيران".
و.ب (رويترز)