بطريرك الموارنة: الحل في سوريا دون منتصر أو منهزم
٤ ديسمبر ٢٠١٥كان تصريحه واضحا بشكل قلما تتحدث به شخصيات مهمة من الكنيسة او من عالم السياسة، حيث قال بطريرك الموارنة بشارة بطرس الراعي:" إن النزاع في سوريا و في أجزاء من العراق هو في الأساس نزاع سياسي بين قوتين إقليميتين، أي بين العربية السعودية السنية و إيران الشيعية. كلاهما تحاربان من أجل الهيمنة ولأهداف سياسة واقتصادية واضحة وأيضا بهدف الهيمنة الدينية ، كما يلاحظ البطريرك مضيفا. "والناس في المنطقة هم الذين يدفعون الثمن".
ليس البطريرك الراعي رجل سياسة، بل رجل كنيسة يتمتع باحترام كبير وهو الآن في الخامسة والسبعين من العمر. إنه بطريرك المسيحيين الموارنة والذين تربطهم شراكة كنسية بالكنيسة الكاثوليكية، وبالتالي هم شركاء الكنيسة التقليدية التي يعود تاريخها الى 2000 سنة. خلال زيارته لألمانيا هذه الأيام حذر البطريرك من ضياع تلك التقاليد المسيحية بمنطقة الشرق الأوسط ومن اضمحلالها، مشيرا إلى أن عمرها هناك يوازي عمر المسيحية في تلك المنطقة.
ملايين اللاجئين
البطريرك الراعي قدم بلده لبنان بشكل مثالي، فهو دولة تقوم على دستور، وتوزع المناصب العليا الثلاث للدولة على المسيحي و السني و الشيعي. ومنذ شهور والخلاف قائم هناك حول اختيار رئيس ماروني. كما يأوي البلد منذ مدة طويلة نصف مليون لاجئ فلسطيني و أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري، علما أن عدد سكان البلاد يبلغ أربعة ملايين نسمة، كما بيّن المتحدث.
ويتساءل الراعي قائلا: "تصوروا لو وجب على ألمانيا استقبال 40 مليون لاجئ، أي نصف عدد سكانها" طبعا لا يمكن تصور ذلك بالنظر إلى النقاشات الكثيرة في ألمانيا حاليا. البطريرك الراعي تناول بموضوعية التحديات القائمة في لبنان، واعتبر أن وضع اللاجئين محفوف بالمخاطر، حسب قوله.
وصرح البطريرك الراعي وهو يتحدث بلغة فرنسية جميلة عن موضوع استقبال مئات الآلاف من اللاجئين في ألمانيا بالقول: "لقد كانت لألمانيا الشجاعة في القيام بعمل إنساني. المطلوب حاليا هو التضامن مع اللاجئين." وعبر البطريرك اللبناني عن اعتقاده أن أكبر جزء من اللاجئين سيعودون إلى منطقة الشرق الأوسط عندما يعود الأمان إلى هناك وعندما تتضح الأفاق، ويحصلون على مساعدات لبناء منازلهم.
نزاع استمر على مدى 1400 عام
أقام البطريرك بشارة الراعي لبعض الوقت في برلين ، وقد استقبله وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير. وفي المساء تحدث في أحد المنتديات مع رئيس جناح الحزبين المسيحيين في البوندسطاغ، فولكر كاودر. وفي الوم التالي، التقى بأعضاء برلمانيين من الجمعية البرلمانية. وتحدث الكاردينال الذي يتمتع باحترام كبير عن علاقات الجوار التي جمعت بين المسيحيين والمسلمين واليهود في منطقة الشرق الأوسط على مدى التاريخ وقال: " منذ 1400 سنة ونحن نعيش جميعا مع المسلمين. إنهما ديانتان مختلفتان ولاشك، غير أن التعايش حصل بشكل عام". ثم يشكو البطريرك الراعي من "الإرهاب" و" التطرف" ويلاحظ أن "المناخ تغير بين عشية وضحاها بسرعة بعد الربيع العربي"، مضيفا أن جماعات غريبة و إرهابية استغلت التحركات لضربها". فأصبحت "حربا حقيقية"، معتبرا أنها حرب تدمر الهوية الثقافية للمنطقة.
وقد يلاحظ بعض التناقض السياسي في بعض المطالب التي تطرق إليها البطريرك الراعي. فهو يطالب بحماية المسيحيين الذين لازالوا يقيمون في المنطقة وبمناطق آمنة لحماية المسيحيين الذين لا يودون الهروب إلى أوروبا. غير أن فولكر كاودر، رئيس جناح الحزبين المسيحيين في البوندستاغ يشير إلى مثال البلقان ويعتبر " أن إقامة مناطق أمنة سيؤدي الى تطورات في الاتجاه الخاطئ، مما قد يؤدي إلى تقسيم البلاد"، فيما أكد البطريرك أن التوصل إلى حل للنزاع في سوريا لن يتم إلا إذا لم يكن هناك منتصر ومنهزم."