حملة تشهير بالمثليين في المغرب تهدّد حياتهم
٢٤ أبريل ٢٠٢٠عبّر الكثير من المثليين في المغرب عن خوفهم على حياتهم بعد أن قامت إحدى الشخصيات "المؤثرة" على موقع إنستغرام بالتسبب في موجة كراهية موجهة ضدهم. جاءت الدعوة من صوفيا طالوني، شخصية عابرة جنسياً يصل عدد متابعيها على إنستغرام إلى 600 ألف متابع.
وبحسب ما نقلت المنظمتان الحقوقيتان "نسويات" و"كيفكيف"، قام (ت) طالوني بنشر مقطع فيديو في 13 إبريل/نيسان حث (ت) فيه النساء على إنشاء حسابات وهمية على تطبيقات المواعدة التي يستخدمها المثليون مثل Grindr و Planet Romeo ليتمكن من كشف المثليين في محيط عائلاتهن وأصدقائهن.
تسببت هذه الدعوة في حصول الكثيرين على معلومات وصور شخصية لمستخدمي هذه التطبيقات، وأدت إلى "موجة من الكراهية ضد المثليين في المغرب"، بحسب ما صرّح مثلي مغربي رفض ذكر اسمه لـDW. وأضاف الشخص، الذي كان أحد الذين انتشرت صورهم على مواقع التواصل الإجتماعي: "أعيش في خوف مستمر، وقد أخسر كل شيء إذا علمت عائلتي بالأمر. بل قد أخسر حياتي في جريمة دفاع عن شرف العائلة".
تعد المثلية "وصمة عار" في المجتمع المغربي، كما تعد جريمة أيضاً وفقاً للبند 489 من القانون الجنائي المغربي وتصل عقوبتها لثلاثة أعوام في السجن.
حملة كراهية
ليس من الواضح السبب الذي دفع طالوني (تعيش خارج المغرب) للدعوة بفضح الأشخاص المثليين في المغرب، لكن يخمن البعض أن الدافع هو الانتقام. فقد قام (ت) بنشر فيديو آخر للحديث عن "رفع القناع عن الرجال المغربيين المنافقين" الذين يتركون تعليقات كراهية على منشورات هذه الشخصية لكنهم في الحقيقة "مثليين مكبوتين"، بحسب ما قالت جماعة الدفاع عن حقوق المثليين الإيطالية "Il Grande Colibrì". وقام موقع إنستغرام بحذف حساب طالوني بعد عدة أيام من نشر الفيديو.
وعلى الرغم من أن منشور طالوني لم يحث المتابعين على إيذاء المثليين بشكل مباشر، إلا أن إجراءات العزل الإجتماعي الحالية في المغرب بسبب كورونا وجلوس الناس في بيوتهم قد يكون أسهم في تحول فيديو قصير إلى حملة تهديد وإبتزاز على منصات التواصل الإجتماعي. وحسب المتحدث/ـة باسم منظمة "نسويات" لـDW:" المغرب في حالة إغلاق تام، والجميع في بيوتهم، ما يسمح لمشاهير مواقع التواصل بالوصول إلى جمهور أكبر".
لا مكان آمن بسبب كورونا
تسبب الفيديو في إختراق لخصوصية الكثير من المثليين، وأضاف العزل الإجتماعي بسبب كورونا إحساساً بعدم وجود مكان آمن يلجئون إليه. وتقول شيرين الفقي، وهي باحثة في قضايا الجنس والذكورة في العالم العربي:" لا يوجد مكان ليختبئون فيه، فهم محبوسون مع عائلاتهم. فأين سيذهبون؟" وتضيف:" في الوضع الحالي نعلم أن نسبة العنف المنزلي ترتفع حول العالم، لكن ليس النساء فقط اللاتي يتعرضن للعنف."
وتقول الفقي إن نتائج إستطلاعات للرأي أجرتها في المغرب بمشاركة منظمة "Promundo"، وهي منظمة تدعو للمساواة بين الجنسين، أظهرت أن الكثيرين يتغاضون عن المثلية بشرط أن يلتزم المجتمع المثلي بالصمت عن أنشطته. وتضيف الفقي أن معظم المطالبين بوقف تجريم المثليةليس هدفهم حرية إعلان التوجه المثلي، بل فقط الحق على خصوصية البيانات الشخصية، والتي تم إنتهاكها بسبب فيديو طالوني.
أثر قاتل
تقول منظمات حقوقية إن من الصعب التكهن بعدد الأشخاص الذين تم إستهدافهم، لكن منظمة "نسويات" أعلنت حصولها على تأكيدات من قبل أكثر من مئة مثلي أنه تم الكشف عن هوياتهم. وكان الصحفي هشام طاهر، والذي وثق بعض التهديدات بالقتل التي تعرض لها المثليين، نشر على تويتر أن أحد الأشخاص انتحر في مدينة الرباط المغربية خوفاً من التشهير به. وأضاف طاهر في منشوره أن" والدة الضحية لا تفهم سبب انتحار إبنها". كما قالت منظمة "نسويات" إنهم سمعوا عن حالتي إنتحار ولكن قد يكون هناك المزيد. (تويت هشام طاهر بالفرنسية:)
إجراءات الأمان جاءت متأخرة
أصدر تطبيق المواعدة Grindr تحذيراً لمشتركيه بعدم نشر صورهم الشخصية على التطبيق، كما قام تطبيق المواعدة Planet Romeo بحذف جميع الحسابات التي تم إنشائها بعد تاريخ نشر فيديو صوفيا طالوني. وقال ينس شميدت، وهو مؤسس تطبيق Planet Romeo، إنه مصدوم من حملة التشهير في المغرب، وقام باتخاذ إجراءات فورية. وأضاف شميدت: "نحن نعلم أن الكثيرين يتعرضون لتهديدات مماثلة في العديد من الدول. هذه القضية {في المغرب} أكدت أن المثليين ليسوا هم السيئون، بل الظروف التي يضطرون للعيش فيها هي السيئة."
وفي نفس السياق أعلنت شركة فايسبوك، وهي أيضاً المالكة لإنستغرام، أن صوفيا طالوني قام/ت بمحاولات عديدة لإنشاء حسابات جديدة، إلا أن الموقع قام بحذفها. وأضافت الشركة في بيان أرسله المتحدث بإسمها إلى DW:" نحن لا نسمح للناس بفضح أعضاء "مجتمع الميم" لأن ذلك يعرضهم للخطر. لقد أوقفنا حسابات هذه الشخصية {طالوني} على فايسبوك وإنستغرام ونتخذ إجراءات استباقية لمنع محتويات مماثلة على صفحاتنا."
إلا أن الإجراءات التي إتخذتها تطبيقات المواعدة ومواقع التواصل الإجتماعي جاءت متأخرة قليلاً للبعض، فيقول قارئ DW الذي رفض ذكر إسمه:" الأمر لا يتوقف، بل يزداد سوءاً بمرور الوقت. أنا أعيش في حالة خوف مستمر على حياتي."
تنويه: إذا كنت أنت أو أحد تعرفه مسه هذا التقرير نفسياً أو كنت ممن تم إستهدافهم، فإن المنظمة الحقوقية "نسويات" تقدم إستشارات إلكترونية مجانية باللغة العربية والفرنسية والدارجة. تستطيع التواصل معهم عن طريق البريد الإلكتروني: [email protected].
توم ألينسون/ س.ح/ع.ج.م