بحث سبل إحياء عملية السلام من أولويات جولة ميركل الشرق أوسطية
٣ فبراير ٢٠٠٧بدأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم السبت، 3 شباط/فبراير2007 زيارة شرق أوسطية تقودها إلى كل من مصر والسعودية والإمارات والكويت. ويصحبها في هذه الزيارة وفد اقتصادي كبير على رأسه وزير الاقتصاد الألماني، ميشايل غلوز، بالإضافة إلى حوالي أربعين ممثلا عن كبريات الشركات الألمانية. وفي ضوء هذا فإن هذه الزيارة تحمل طابعا اقتصاديا كبيرا رغم الملفات السياسية التي لن تغيب عن محور الاجتماعات مع قادة تلك البلدان .
مستثمرون ألمان مهتمون بالسلام
ويضم الوفد المرافق لميركل ممثلين عن كبرى البنوك الألمانية وشركات الصناعات الثقيلة وإنتاج الطاقة. وستكون مصر المحطة الأولى في زيارة ميركل حيث ستفتتح هناك مع الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، "المنتدى الاقتصادي الألماني-المصري“. ويقول خبراء اقتصاد ألمان إن الشركات الألمانية تشجع ميركل للضغط على مصر من أجل الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، بحيث تستفيد الشركات الألمانية العاملة في هذا القطاع الذي بدأ باكتشاف قدرته التصديرية في الأعوام الأخيرة. كذلك فإن الوفد الاقتصادي المرافق مهتم بتعزيز تعاونه في مجالات الطاقة والبيئة والمال مع السعودية والإمارات والكويت التي ستزورها ميركل في محطات زيارتها التي تمتد من 3 إلى 8 فبراير/شباط الجاري.
وفي حوار لرئيس غرفة الصناعة والتجارة العربية-الألمانية، بيتر غيبفريش، مع موقعنا قال إن "المستثمرين الألمان يعقدون آمالا على زيارة ميركل من أجل الوصول إلى حل سلمي في الشرق الأوسط". ولا شك أن اهتمام المستثمرين الألمان المتزايد بالمنطقة العربية التي تشهد نمو كبيرا يؤدي إلى زيادة ضغطهم باتجاه الاستقرار السياسي في المنطقة من أجل توسيع نشاطاتهم الاقتصادية وتأمينها هناك.
لا وضوح في الآليات التي ستستخدم لتحريك عملية السلام
على الجانب الاقتصادي من الزيارة تبدو الأهداف والآليات واضحة نسبيا، إلا أن هذا ليس الجانب الوحيد في الزيارة. فميركل وعدت بتحريك عملية السلام في الفترة القادمة وتوجهت لهذا الغرض إلى الولايات المتحدة وحصلت من الرئيس الأمريكي على دعم لمبادرتها بشأن تفعيل دور اللجنة الرباعية.
وعلى الرغم من ذلك فإن الآليات التي ستتبعها ميركل في تحريك عملية السلام لا تبدو واضحة حتى الآن، إذ تتسم السياسة الألمانية تجاه المنطقة بالغموض. فمن جهة قالت وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، أثناء زيارتها الأخيرة إلى برلين (18 يناير2007) بأن ألمانيا تؤيد خطة الولايات المتحدة الجديدة في العراق، من جهة أخرى تعلن الحكومة الألمانية رسميا ترحيبها بتوصيات لجنة بيكر الأمريكية التي تخالف استراتيجية الرئيس الأمريكي بوش الجديدة بشأن العراق، خصوصا فيما يخص الحوار مع إيران وسوريا.
وليس لدى المراقب سوى تصريحات فضفاضة حول المبادرة الألمانية تجاه الشرق الأوسط. فميركل تؤكد من جهة أن لديها "انطباعا" بأن هناك تحركا أيجابيا في حلحلة الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني، وأن ألمانيا متفقة مع الولايات المتحدة على ضرورة الوصول إلى حل لهذا الصراع. أما وزير الخارجية الألماني فيرى من جهته أن "الوضع تغير" في الشرق الأوسط بما يتيح المجال لتفعيل دور اللجنة الرباعية.
تنسيق على المستوى الدولي
ما هو واضح الآن أن ألمانيا والولايات المتحدة تنسقان جهودهما بشكل غير مسبوق في الشرق الأوسط. وتكتسب المبادرة الألمانية في الشرق الأوسط هذه المرة زخما أكبر من المحاولات الألمانية السابقة لتحريك عملية السلام. فإلى جانب الدعم الأمريكي لجهود ميركل لتفعيل دور الرباعية، فإن ألمانيا تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي وتقود القوات البحرية التابعة لمهمة اليونيفيل أمام سواحل لبنان، كما تتزعم مجموعة الدول الثمانية الصناعية.
وفي هذا السياق فإن جود ألمانيا في هذا الموقع يهيئ لها الفرصة للعب دور الوسيط الذي لا يمكن تجاهله بين الأطراف الإقليمية والدولية. ومما لا شك فيه أن محادثات ميركل السياسية مع المسؤولين في كل من مصر والسعودية ستكون ذات أهمية كبيرة لتطور الوضع في الشرق الأوسط خلال الأشهر القادمة. ويبدو أن السياسية الألمانية بدأت تدخل بالفعل في إيقاع السياسة الشرق أوسطية.
فقد رحب متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية بدعوة السعودية لممثلين من حركتي حماس وفتح للقاء في مكة. كما أن المستشارة الألمانية التقت العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في برلين وحصلت منه على دعم لمبادرتها بشأن تفعيل دور اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط.
تفاؤل حذر
كثيرة هي المبادرات السياسية الفاشلة في الشرق الأوسط ولذا يتوخى السياسيون إلى الآن الحذر في تصريحاتهم بهذا الشأن. ففي مقابلة لوكيل وزراة الخارجية الألمانية، غيروند إيرلر، مع صحيفة Netzeitung الإلكترونية قال إن "الوضع في الشرق الأوسط حاليا ليس أفضل حالا مما كان عليه في عام 2000، إلا أن الفرصة الحالية لإنعاش عملية السلام هي الفرصة الأولى منذ ذلك الوقت".
ويرى إيرلر أن هذه الفرصة مرتبطة بما يسميه "صدمة حرب لبنان" التي مهدت الطريق للبدء من جديد بجهود السلام. ويبدو أن الولايات المتحدة مقتنعة أكثر من السابق بضرورة التعامل مع منطقة الشرق الأوسط بصورة شاملة. كذلك يؤكد إيرلر على أن إسرائيل وصلت الآن إلى نوع من الاعتراف بأنها غير قادرة على حماية نفسها ضد هجمات المسلحين الفلسطينيين من خلال بناء جدران أمنية.
وفي ضوء الأزمات السياسية الداخلية على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني فإن الحاجة للبحث عن النجاح من خلال إطار اللجنة الرباعية التي تسعى ميركل لتفعيل دورها قد تزداد، وهذا هو ما يجعل إيرلر يعقد أملا باحتمال تحقيق تقدم على هذا الصعيد.