بافاريا: معاناة اللاجئين ومطالب سياسية بتصحيح أوضاعهم
١٨ أكتوبر ٢٠١٤عشرات اللاجئين يتوافدون يوميا على ميونيخ،عاصمة ولاية بافاريا في محاولة للحصول علي حق اللجوء في الولاية الثرية جنوب ألمانيا. يمكن رصد تجمعاتهم سهولة أمامنقطة الشرطة في محطة القطارات الرئيسية. وأفادت إحصاءات رسمية لمكتب شؤون اللاجئين في بافاريا أن أعداد اللاجئين الذين دخلوا ميونيخ منذ بداية العام الحالي وحتى شهر أكتوبر يقدر بحوالي 17 ألف لاجئ. ومن المتوقع أن يصل العدد بحلول نهاية هذه السنة إلى 21 ألف لاجئ.
استمرار المعاناة
في ضاحية "فيست كرويتز" البعيدة نسبيا عن وسط ميونيخ بحوالي 20 كيلو متر، يقع أحد مراكز إيواء الاجئين. المكان يبدو كئيبا ومعزولا عن محيطه، والوجوه بداخله تبدو شاحبة، والتواصل بين المقيمين فيه ضعيف بسبب تعدد ثقافاتهم وتنوع جنسياتهم ولغاتهم المتباينة. ومنهم أيضا من يشكو من مشاكل نفسية جراء ما تعرضواله أثناء رحيلهم من معانات.
يشكل السوريون النسبة الكبرى من سكان هذا المأوى. وهم أكبر جالية من بين اللاجئين العرب في العاصمة البافارية، حسب مكتب شؤون اللاجئين في ميونيخ. ويبلغ عددهم حوالي 5276، يليهم العراقيون بعدد 4561. ويقول "أبو كرم" شاب سوري في هذا المركز لإيواء اللاجئين، إنه ينتظر البت في طلب حق اللجوء ويضيف قائلا: "الصعوبات أمامنا تكمن في قوانين ولاية بافاريا الصارمة، فنحن لا نستطيع الدراسة، ولا العمل، ولا حتى مغادرة نطاق المدينة. علينا الانتظار حتي يتم البت في طلبات اللجوء، وقد يستمر الأمر عدة سنوات، لذلك لا نستطيع فعل شئ غير الانتظار ، ويقول شاب آخر من العراق: "نحن هناعبارة عن مجموعة من عدة أشخاص في حجرة ضيقة واحدة، لا تزيد مساحتها عن 12 مترا. ولذلك نذهب أحيانا للمبيت عند أصدقاء لنا بالمدينة.
إعانات الضمان الإجتماعي غير كافية
يحصل اللاجئون في ميونيخ علي إعانة شهرية من الولاية كمساعدة بالإضافة إلى الطعام المجاني والملابس. ويقول أحد الاجئين من أريتريا: "إن هذا المبلغ لا يكفي على الإطلاق، لذلك نسعى للبحث عن عمل ما بكل الوسائل. وغالبا ما يكون غسيل الأطباق في المطاعم أو العمل في مخازن الخضروات الضخمة المتسامحة في فحص الأوراق. وهؤلاء هم المستفيدون بالطبع، أما نحن فلا نتمتع بأية حماية أو تأمين" ، ويؤكد اللاجئ ( م.ح ) من العراق على ضرورة تسريع البت في طلبات اللجوء المقدمة، حتى يمكن تحسين الوضع المعيشي للاجئين ،ويتساءل: "ليس من المنطق أن نظل هكذا مهددين لوقت طويل في مراكز مأوى الاجئين، بدون عمل أو تعليم أو السفر!
أما إحدى الفتيات اللاجئات من سوريا فمع تأكيدها على أن"حياة اللجوء هي الأقرب إلى حياة المنبوذين"فإنها تعتبر نفسها سعيدة في هذا الوضع لأنها لم تعد تسمع أزيز الطائرات وصوت القنابل ولم تعد ترى جثث القتلى، وتؤكد أنها عازمة على الاعتماد علي نفسها في إثبات الذات.
من جهة أخرى يرى السيد"شرانبرجر" من مكتب شئون اللاجئين في ميونيخ أنه من الضروري إدخالإصلاحات إنسانية عاجلةعلي قوانين اللجوء في ألمانيا. فتقييد حركة اللاجئين وعدم السماح لهمبالعمل يدفع بهم للعمل بأقل الأجور، ويشير إلى أنهم قد يصابون بعقد نفسية ، ويتجنبوندخول المستشفيات، ويبتعدونعن الأماكنالعامة ،وقد يؤثر ذلك على التعليم المدرسي لأطفالهم،وهذالايتوافق مع قوانين حقوق الإنسان.كما اعتبر أنه لا أحد يستطيع وقف عمليات الهجرة واللجوءإلى ألمانيا ، لأن اللاجئين يهربون أيضامن الفقر في بلادهم ويبحثون عن حياةأفضل في الدول الأوروبية.
حقوق مهضومة
رغم الانتقادات الكثيرة يصعب حاليا على ولاية بافاريا حل مشاكل اللاجئين بشكل سريع، نظرا لارتفاع أعدادهم في الأشهر الأخيرة. وانتقدت الكنيسةالكاثوليكية ومكتب رعاية اللاجئين غياب بعض المرونة في التعامل مع بعض الحالات لأسباب إنسانية، خصوصا تجاه المهاجرين غير الشرعيين والذين يقدرعددهم ما بين30 إلى50 ألفلاجئ. من جهته طابحزبالخضر بضرورة دمج هؤلاء داخلنظام الشبكةالاجتماعيةالقائم، بدلا من وضعهم في لوائحخاصة. واستند في ذلكإلىحكم للمحكمة الدستورية العلياعام 2012 اعتبر أن المساعداتا التي تقدم للاجئين في ألمانيا بشكل عام لاتتوافق مع الحقوق الأساسية المرتبطة بضرورة منحهم حدا أدنى من المساعدات لضمان عيشهم الكريم.
في هذه الأثناء يزداد وضع اللاجئين تأزما بسبب ارتفاع عددهم الكبير في الولاية في الأشهر الأخيرة. فمراكز اللجوء لم تعد قادرة علي استيعاب تلك الأعداد المتزايدة منهم، فيما تتباين مواقف المسئولين في كيفية التعامل مع هذا الوضع الجديد. ففي الوقت الذي تقرر فيه عمدة مدينة جارمش الواقعة جنوب بافاريا " زيجريد ميرهوفر" من الحزب الديمقراطي الاجتماعي تحويل أحد المقرات المهجور للقوات الأمريكية إلى معسكر لاستقبال لاجئين جدد، يرفض هيمل كرون، عمدة مدينة " جيرهارد شنيدر" من الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، تحويل أحد الفنادق المهجورة إلى مأوى للاجئين، ويمكنه استيعاب 180 شخصا. وهكذا يستمر الجدل في الولاية وتستمر الأزمة وسط آمال في أن تتدخل الحكومة البافارية لأعلان اصلاحات واسعة النطاق، تشمل الجوانب المختلفة لملف اللجوء في ولاية بافاريا.