باريس تتهم دمشق باستخام غاز السارين وواشنطن تتريث
٤ يونيو ٢٠١٣اتهمت فرنسا اليوم الثلاثاء (الرابع من يونيو/ حزيران 2013) النظام السوري باستخدام غاز السارين على الأقل في حالة واحدة في النزاع المستمر مع المقاتلين المعارضين، مشددة على أن "كل الخيارات باتت مطروحة" حتى لو شمل ذلك عملا مسلحا، في حين طلبت واشنطن مزيدا من الأدلة على استخدام هذا الغاز. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الفرنسي "ليس لدينا أدنى شك بان الغازات قد استعملت (...) وخلاصة المختبر واضحة: غاز السارين موجود"، وذلك بالاستناد إلى عينات حملها مراسلان لصحيفة لوموند من منطقتين في سوريا.
وأضاف فابيوس "في الحالة الثانية (التي حللتها فرنسا) مما لا شك فيه أن النظام والمتعاونين معه" هم المسؤولون عن استخدام غاز السارين. وتابع قائلا: "ثمة خط تم تجاوزه من دون أدنى شك. نبحث مع شركائنا ما ينبغي القيام به وكل الخيارات باتت مطروحة. إما نقرر عدم التحرك وإما نتحرك بما في ذلك في شكل مسلح في المكان الذي تم فيه إنتاج الغاز وتخزينه، (لكننا) لم نصل بعد إلى هذه المرحلة".
أما الولايات المتحدة فأكدت على أنها بحاجة إلى مزيد من الأدلة للإثبات رسميا أن غاز السارين تم استخدامه في سوريا، وذلك في رد غير مباشر على فرنسا التي أعلنت على وزير خارجيتها أنها "متأكدة" من استخدام هذا الغاز. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض "علينا أن نزيد مجموعة الأدلة التي لدينا (...) قبل اتخاذ قرار"، مضيفا "علينا أن نجري مزيدا من التحقيقات". وكان الرئيس باراك أوباما قد أعلن سابقا أن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا من شأنه تغيير "قواعد اللعبة".
وفي وقت سابق قال محققو الأمم المتحدة المعنيون بحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء إن لديهم "أسبابا معقولة" للاعتقاد بأن كميات محدودة من الأسلحة الكيماوية استخدمت في سوريا، وحذروا من أن الدولة الممزقة تشهد تدهورا حادا. وأضافوا في أحدث تقرير لهم، الذي اعتمد على مقابلات مع ضحايا وأطقم طبية وشهود آخرين، أنهم تلقوا مزاعم عن استخدام قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة لأسلحة محظورة إلا أن معظم الشهادات كانت متعلقة باستخدام القوات الحكومية لهذه الأسلحة.
ودقت تقارير متزايدة نواقيس الخطر من استخدام أسلحة كيماوية في ساحة المعارك. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأسبوع الماضي إن استخدام أسلحة كيماوية غير مقبول. وقالت اللجنة إنها فحصت تقارير بشأن أربعة هجمات بمواد سامة في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان، لكنها لم تتمكن من تحديد الجانب الذي يقف وراء هذه الهجمات.
وقال باولو بينييرو الذي رأس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة خلال مؤتمر صحفي في جنيف "هناك أسباب معقولة للاعتقاد باستخدام كميات محدودة من الكيماويات السامة. وتعذر بناء على الأدلة المتاحة تحديد العناصر الكيماوية التي استخدمت على وجه الدقة أو أنظمة إطلاقها أو الجناة." وأضاف بينييرو "الشهود الذين أخذنا أقوالهم بينهم ضحايا ولاجئون فروا من بعض المناطق وأطقم طبية". وتبادلت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ومعارضوها الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية.
ولم يسمح لفريق من مفتشي الأمم المتحدة بدخول سوريا حتى الآن، ولم يتسن لهم التحقق من استخدام أسلحة كيميائية من عدمه. وضم الفريق الحقوقي التابع للأمم المتحدة أكثر من 20 محققا وأجرى 430 مقابلة في الفترة بين 15 يناير كانون الثاني و15 مايو/ أيار وسط لاجئين في دول مجاورة ومع أناس ما زالوا في سوريا من خلال خدمة سكايب على الانترنت. لكن الفريق أوضح أن النتائج التي توصل إليها غير قاطعة وان من المهم أن يسمح لفريق آخر من الخبراء بدخول سوريا بحرية كاملة لجمع العينات من الضحايا والمواقع التي يزعم أنها تعرضت للهجوم.
بوتين: روسيا لم تسلم سوريا صواريخ إس 300
وعلى صعيد آخر أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم أن موسكو "لم تسلم بعد" صواريخ أرض-جو إس 300 إلى سوريا "لعدم الإخلال بميزان القوى" في المنطقة، وحذر في الوقت نفسه من مغبة أي تدخل عسكري. وفي ختام قمة بين روسيا والاتحاد الأوروبي قال بوتين إن العقد لتسليم دمشق هذه الأسلحة المتطورة "وقع قبل عدة سنوات، ولم يطبق حتى الآن".
وأضاف الرئيس الروسي الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي في ايكاتيريبورغ (1500 كلم إلى الشرق من موسكو) والى جانبه رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ، وذلك في ختام القمة الأوروبية الروسية، قائلا: "بالتأكيد سلاح خطير. لا نريد الإخلال بميزان القوى في المنطقة".
وتأتي هذه التصريحات بعد بضعة أيام من تلميح الرئيس السوري بشار الأسد إلى حصول بلاده على صواريخ أرض جو روسية متطورة من طراز إس 300 موازية لصواريخ باتريوت. وكذلك حذر بوتين التي تعتبر بلاده الداعم الرئيسي لنظام الأسد من أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا، معتبرا أن ذلك سيكون مصيره "الفشل". وقال "أؤكد مرة جديدة أن أية محاولة للتأثير على الوضع في سوريا بالقوة عبر تدخل عسكري مصيرها الفشل وستؤدي إلى عواقب إنسانية كبرى".
من جانبه أكد فان رومبوي "أن الاتحاد الأوروبي مقتنع انه لا يوجد أي بديل لحل سياسي في سوريا". ومن المرتقب عقد اجتماع تحضيري للمؤتمر الدولي حول سوريا غدا الأربعاء في جنيف. وقد أطلق وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف مطلع أيار/ مايو الماضي مبادرة لعقد مؤتمر "جنيف-2" بعد اجتماع جنيف الأول الذي عقد في حزيران/ يونيو 2012، على أن يضم ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة.
م. أ. م/ أ.ح (أ ف ب، رويترز)