باركور غزة ...القفز بدأ من شبكة الانترنت إلى أنقاض الحرب
١٨ نوفمبر ٢٠١٣"في مشهد يبدوا كأنه مطاردة وهروب من شيء ما"هكذا تبدو لعبة الباركور. بين أزقة مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، عام 2005 ، تأسس فريق (Gaza Parkour) من أربعة عشر عضوا. إذ يُعتبر أول فريق فلسطيني للعبة الباركور، الذي اصطحب DWعربية إلى مناطق تدريب وممارسة رياضة توصف بأخطر الرياضات الحديثة التي تعتمد على القفز والحركات والتركيز للانتقال من نقطة إلى نقطة أخرى بأكبر قدر من السرعة والمرونة والقوة البدنية العالية.
وصلنا إلى منطقة تدريب وممارسة تلك الرياضة، فوجدنا أنفسنا وسط مقابر المدينة. ليخبرنا الفريق أنها الملاذ والفضاء الوحيد لممارسة رياضتهم واكتساب مهارات وحركات وقفزات جديدة. فضلا على التدريب أحيانا فوق مباني هدمتها آلة الحرب الإسرائيلية. لعبةٌ ابهر هؤلاء الشباب مشاهديها، فلفتوا الأنظار دوليا تجاههم. "ووسائل إعلام عالمية أجرت حوارات معنا ونجد استحسان وتشجيع كبير منهم، وشرطة حماس تطاردنا وتلاحقنا في كل مكان حتى في المقابر لتمنعنا من ممارسة اللعبة". هكذا يقول أحد أعضاء الفريق.
عُزلة تكسرها شبكة الانترنت
قطاع غزة صغير المساحة المكتظ بسكانه المحاصرين منذ سنوات، لم يمنع عبد الله انشاصى ومحمد الجخبير من الدخول إلى فضاء الانترنت للتعرف على فنون لعبة الباركور، فكانت البداية ليشكلوا أول فريق ممارس لها في فلسطين. موسي عامر عضو مؤسس للفريق يتقن اللعبة باحترافية، بدأ باستعراضٍ هو ورفاقه بحركاتٍ وتخطي أسوار مرتفعة وقفزات سريعة للغاية في الهواء عدة أمتار، مشهدٌ يحبس أنفاس من يشاهده.
ويشير موسي لـDWعربية "هذه استعراضات بسيطة عندنا أكثر من 100 حركة استعراضية أكثر خطورة". موسي يبتكر ويطور وزملاؤه حركات" تُقتبس من أفلام وثائقية للعبة". ويبتسم قائلا "عندما نمارس هذه اللعبة في المنتزهات وبعض المستشفيات والمدارس، يعتقد الناس أننا أشقياء أو مشاغبين، دون وعي وإدراك منهم أنها لعبة عالمية لها قواعدها وأصولها وتعتمد على قوة الجسد والعقل".
محمد زقوت عضو آخر في الفريق - نجل البطل الفلسطيني خميس المصنف الأول عالميا في دفع الجلة - محمد يشكو من عدم توفر أماكن وساحات ونوادي تدريب " لذلك نلجأ إلى المقابر وأماكن تكون بعيدة عن الأنظار وملاحقات الشرطة". بعض الفتيه تجمهروا حول الفريق، وبدؤوا يتساءلون "كيف يستطيع هؤلاء الشباب فعل هذا ؟ ليتنا نفعل مثلهم".
"لعبة خطرة أصابت جميع الفريق بكسور"
انهمك رفيق الفرا ويوسف أبو حطب في قفزات بين حائطين مرتفعين، اجتازهما بنجاح ليقفزا في الجو ليستقرا على الأرض ويستمرا بحركات جمباز سريعة للغاية. قال يوسف بصوت مرتفع "يبدو أنني أصبت". توجه الجميع تجاهه. تبين أن شظايا زجاج ملقي على الأرض جَرح احد كفيه. لكن الجميع قال" الحمد لله بسيطة جميعنا في يديه وقدميه وظهره كسور وبلاتين، وعضو من الفريق فقد الذاكرة أيام قليلة ثم استعادها ثانية، وبدأ ممارسة اللعبة من جديد".
وهنا يُعَبِر بنبره حزينة محمود أبو سيف عن أسفه " عِشقَنا للرياضة يعرضنا لهذه الإصابات باستمرار دون ان يكترث أحد بنا، ولا نملك تأمينا صحيا للعلاج في المستشفيات لأننا جميعا شباب عاطل عن العمل وفقراء، لا نملك حتى رسوم دخول المستشفي إذا ما تعرضنا لإصابات".
"إصرار على التحدي وحب السلام والحرية"
لم تجد لعبه الباركور أدني اهتمام لدى المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة في حكومة حماس. هكذا يقول أعضاء الفريق الذي يقوم باستعراضات في مناسبات وطنية "تبهر الناس". ويضيف أعضاء الفريق أنهم تكرارا ومرارا ناشدوا المسؤولين لتقديم يد العون لهم." دون استجابة". ويُصر الفريق الذي يقوم باستعراضات على أنقاض مباني هدمتها آلة الحرب الإسرائيلية ليقول:" نتحدى الاحتلال لكننا نحب السلام والحرية ولنا فيديوهات واستعراضات كثيرة منتشرة على اليوتيوب مصحوبة بموسيقي التحدي والحياة والإصرار على التغلب على ظروف الحصار والإهمال".
ويضيف رفيق الفرا" نريد أن نثبت للعالم أن في غزة شباب لو توفرت له الفرصة لأبدع، و تلقينا دعوة من احد الأندية في ايطاليا، لكن الدعوة وجهت لعضوين فقط من الفريق للتعرف علينا، وننتظر وثبات كبيرة قد تنقلنا إلى الساحات العالمية ". الخبير الاجتماعي د.محمد عيد يعزوا هذا التحدي والإصرار والمخاطرة لدي فريق وممارسي لعبة الباركور التي بدأت تظهر في غزة " لتفريغ طاقة داخلية دفينة لغريزة المخاطرة التي نشأت بفعل الاحتلال و أزمات غزة، ولإثبات الذات، وتحقيق انجاز ولو بهواية لعبة أي خطأ فيها كارثى".