"انهيار الأسد قد يعجل بوقف دوامة الإرهاب في العراق"
٩ سبتمبر ٢٠١٢قام العراق خلال شهر أغسطس/آب 2012 بتصدير ما قدره مليوني ونصف مليون برميل من النفط يوميا، وهو أعلى معدل من نوعه منذ ثلاثين عاما. إلا أن قصص نجاح من هذا النوع لا تزال نادرة في العراق، كما أن الفعالية الاقتصادية لهذه الأرقام غير واضحة تماما، إذ يمثل قطاع المحروقات 90 بالمائة من عائدات البلاد، غير أن ذلك لا يؤثر بشكل مباشر على حياة العراقيين اليومية لأن قطاع النفط يشغل أقل من واحد في المائة من الأيديالعاملة في العراق. أما الزراعة فتلعب دورا أهم، فهي مصدر رزق متواضع لعشرين بالمائة من العراقيين تقريبا، قطاع فقير رغم أهميته، إذ لا تتجاوز نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي سوى أربعة بالمائة.
أما نمو القطاع الخاص، فتعترضه مشاكل كبيرة رغم كل الآمال المعقودة عليه، فيما تبلغ نسبة البطالة في البلاد 18 بالمائة. ومما يزيد الطين بلة الانتشار الواسع لمظاهر الفقر والأمية وتجذر الفساد، كما أن مؤسسات الدولة الجديدة لا تزال هشة وعاجزة عن مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه البلاد.
دوافع دينية وسياسية للإرهاب
لا تزال قوات الشرطة غير قادرة على ضمان حماية أمن المواطنين، في ظل قوة الجماعات الإرهابية المنتشرة في كل أنحاء البلاد، كما ظهر خلال شهر رمضان الماضي. ويتعلق الأمر بمجموعات إرهابية متعددة في انتماءاتها الدينية والعرقية، ففيها تلك التي تنضوي تحت تنظيمات جهادية دولية كالقاعدة، وأخرى ليست لها حوافز دينية. وعلاوة على ذلك، يحاول المتطرفون سواء من السنة أو الشيعة أو الأكراد تحقيق أهدافهم السياسية باستعمال العنف.
وفي حوار مع DWيرى أسامة حسن من مؤسسة كويليام للأبحاث المناهضة للتطرف الإسلامي Quilliam-Foundation" ومقر ها لندن، أن جذور الاحتقان الحالي تعود لكون العراقيين عاشوا طوال ثلاثة عقود تحت القبضة الحديدة لصدام حسين. وأضاف: "على غرار الكثير من البلدان العربية، فإن النظام العام يعتمد على استعمال العنف وعلى جهاز قمعي واستبدادي. صدام حسين أسس نظاما بوليسيا أدواته هي الاعتقال التعسفي والتعذيب والاغتيالات بهدف ترهيب العراقيين". ورغم أن هذا النظام تم سحقه بعد الغزو الأمريكي للبلاد، إلا أن تأثيرات إرثه لا تزال فاعلة إلى اليوم، على حد قول حسن، خصوصا وأن النظام القديم لم يتم استبداله بما يكفي من هياكل دولة الحق والقانون.
الربيع العربي يوقظ آمال العراقيين
من الصعب التكهن بمآل الإرهاب في العراق، إلا أن الأزمة السورية قد تساهم على المدى البعيد في تراجع أعمال العنف في العراق. فقد ترضخ إيران في نهاية المطاف إلى الأمر الواقع، حين ترى أن دعمها للرئيس بشار الأسد لن يبقيه في الحكم، ما قد يدفع طهران إلى اتباع سياسة حذرة في العراق، فاستقرار الوضع في هذا البلد هو في مصلحة إيران أيضا. إن أولوية صناع القرار في طهران هي تقليص النفوذ الأمريكي في العراق، وهو "هدف يمكن تحقيقه دون استعمال العنف" على حد تعبير أسامة حسن.
أما فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، المنافس الرئيسي لإيران في المنطقة، فيرى الخبير الألماني في شؤون الإسلام توماس بييري في حوار مع DW أنها "لا تدعم الإرهاب الإسلامي، وأن الأمر يتعلق بتمويل أفراد من منطقة الخليج، وهؤلاء يدعمون الجماعات الإرهابية في كل مكان كالشيشان وأفغانستان. وهدفهم هو تحقيق اختراق ميداني لتصور صارم ومتشدد للإسلام".
إلا أن قوة المال لها حدود في نهاية الأمر، فالكثير من العراقيين لا يشعرون بأي تعاطف تجاه الجماعات السلفية كما يوضح أسامة حسن قائلا: "حصيلة تنظيم القاعدة في العراق ثقيلة، لذلك لم يتمكن التنظيم من ضمان تعاطف العراقيين معه، فالكثير من القوميين الذين حاربوا الأمريكيين في البداية تعاونوا في النهاية مع الجيش الأمريكي في مواجهة القاعدة، لأنهم يرفضون تأويلات السلفيين للإسلام". ومع ذلك يتعين على العراقيين التعايش مع الإرهاب إلى حين، في ظل تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وعجز الأجهزة الأمنية عن ضمان أنهم وتخبط النخبة السياسية وعدم قدرتها على تحقيق طموحات العراقيين.