انقسام سياسي وشعبي في قطاع غزة حول إعلان الدولة
١١ سبتمبر ٢٠١١"كيف سلطتنا بدها (تريد) تتوجه للأمم المتحدة وتعلن الدولة والانقسام لسه موجود!؟" بهذا التساؤل بدأ محمد زيدان من غزة حواره معنا مشيراً إلى أن تطبيق اتفاق المصالحة وتشكيل الحكومة وتعزيز الوحدة الوطنية، بحاجة إلى موقف فلسطيني وعربي وإسلامي موحد كشرط هام لنجاح الموافقة على إعلان الدولة المستقلة.
ويوافق هذا الرأي الباحث في الشؤون الإسرائيلية خالد حمد إذ يضيف لدويتشه فيله "كان على السلطة أن تركز أولاً على المصالحة، لأنها تقوي أي توجه يؤكد على التمسك بالحقوق والثوابت"، منوهاً إلى الضغوط الإسرائيلية والأمريكية الهائلة على الدول الأوروبية وغيرها بعدم الاعتراف بإعلان الدولة. وعن الانحياز الأمريكي لإسرائيل يعتبر وائل الريماوي أن قائمة الخسائر الأمريكية ستكون طويلة على المدى البعيد، لعل أبرزها فقدانها للثقة في أوساط الشعوب العربية ونمو المشاعر المناهضة للسياسات الأمريكية في المنطقة.
البعض يؤيد ... وآخرون يعتبرونها فخاً سياسياً
توجهنا إلى ساحة غزة فوجدنا عددا من الشباب تبين أنهم ليسوا على قدر عال من التعليم. حول آمالهم وتطلعاتهم من إعلان الدولة، أعلنوا تأييدهم لهذا التوجه مشددين على أن ما يهمهم هو فك الحصار وعودة حياتهم إلى طبيعتها وعدم انتقاص حق عودة اللاجئين والقدس. أما (ث. ر) الطالب في جامعة الأزهر فيرى أن هذا التوجه اعتمد نتيجة فشل المفاوضات مع إسرائيل. متسائلا:" الأمر مش لعبه..! لو فشل الرئيس عباس ايش (ماذا) حيعمل؟".
الباحث السياسي عمير الفرا أشار لدويتشه فيله إلى أن إعلان الدولة يشكل خطورة على منظمة التحرير الفلسطينية، معتبراً الإعلان فخا سياسيا، موضحا أن منح اللاجئ الفلسطيني الجنسية الفلسطينية سيترتب عليه سقوط صفة اللاجئ عنه بموجب القانون الدولي. وفى هذا الإطار، وفي بيان لها في غزة، طالبت مؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان مؤسسة الرئاسة الفلسطينية بالكشف عن معلومات رسمية حول ماهية وأهمية وفرضيات وآثار التوجه للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية المستقلة.
الرؤى القانونية من إعلان الدولة
ويرى متخصصون في القانون أن إعلان الدولة سيلغي الوضعية القانونية التي تتمتع بها منظمة التحرير في الأمم المتحدة منذ عام 1975 (والمعترف بها دوليا منذ عام 1974) كالممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ويعني هذا بأنه لن تكون هناك أي مؤسسة قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني بأكمله في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المتصلة بها، مما سيؤثر سلبا على تمثيل حق تقرير المصير، لأنه حق يخص كل الفلسطينيين سواء تواجدوا في داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها.
كما يؤكد الرأي القانوني الباحث محمد أبو هاشم، بأن هذا التغيير في الوضع التمثيلي سيهدد بشكل كبير حق اللاجئين للعودة إلى ديارهم و أملاكهم التي هجروا منها قسرا. ويضيف القانوني أبو هاشم أن "القضية الفلسطينية ستتحول من قضية إنهاء احتلال إلى قضية نزاع حدودي بين دولتين مما يضعف القضية الفلسطينية ويفقدها البعد الأخلاقي".
حماس تمنع التحركات الداعمة لإعلان الدولة
وبالرغم من المخاوف التي ذكرت أعلاه فإن غالبية الفصائل الفلسطينية ورؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة باركت هذا التوجه، مشيرة إلى وجود جهود شعبية دعما للحراك السياسي لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. في مقابل ذلك ترفض حركتا حماس والجهاد الإسلامي هذا التوجه لاعتبارات سياسية (وفق تعبيرهما).
ولتعزيز هذا الرفض، كشف محمود الزق، منسق لجنة الأنشطة والفعاليات في هيئة العمل الوطني بقطاع غزة في بيان صحفي: "رفض حركة حماس أي تحرك جماهيري ميداني في قطاع غزة مساند للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة". وأشار الزق إلى وجود حالة من الإحباط لدى العديد من الفصائل من موقف حماس. وأكد عدد من شباب الحراك لدويتشه فيله رفض حماس وأجهزتها الأمنية لأي تجمع لهم يدعم إعلان الدولة متسائلين "خرجنا في مارس الماضي ندعم إنهاء الانقسام بطرق سلمية..لماذا نُمنَع الآن من دعم حلم إعلان الدولة"؟.
استفتاءات حول تباين الآراء
وأجرت وكالة "سما" الإخبارية في موقعها على شبكة الانترنت استطلاعا للرأي حول الموقف من إعلان الدولة. وحسب الاستطلاع أعربت أغلبية الفلسطينيين عن اعتقادها أن توجه السلطة الفلسطينية للأمم المتحدة للحصول على الاعتراف بالدولة لن يمس حق العودة أو مكانة منظمة التحرير الفلسطينية.
كما شارك أكثر من عشرين ألف فلسطيني في استفتاء أجرته وكالة "معا" الإخبارية الفلسطينية على موقعها على شبكة الانترنت على مدار أسبوع. وحسب النتائج فإن الغالبية (حوالي خمسة وسبعين في المائة) رأت أن الفلسطينيين ليسوا موحدين في قضية التوجه للأمم المتحدة. فيما رأى حوالي عشرين في المائة أن الفلسطينيين موحدون بشأن الذهاب للأمم المتحدة، فيما قال خمسة في المائة من المشاركين إنهم لا يعرفون إذا كان الفلسطينيين سيتوجهون للأمم المتحدة موحدين أم لا.
شوقي الفرا – غزة
مراجعة: أحمد حسو