انترنيت غوغل في أفريقيا: خدمة المصلحة الخاصة أم من أجل الصالح العام؟
٥ يوليو ٢٠١٣أصبح الارتباط الهاتفي بالمحمول جزءا من الحياة اليومية في اغلب بلدان العالم المتقدم، حيث لم يعد يفكر أحد في أهمية هذا الأمر ولو لوهلة قصيرة، لكن الوضع يختلف في أماكن أخرى من العالم، وخاصة في إفريقيا، ولذلك يسعى عملاق الانترنيت غوغل إلى تغيير ذلك.
فهدف غوغل في أفريقيا هو تسهيل الوصول إلى وصلات الانترنيت، بحيث يصبح الويب في متناول كل الأفارقة، مما يساعد على تقوية النظام الايكولوجي للانترنيت، كما عبرت عن ذلك لينا فاغنر، الخبيرة في مؤسسة غوغل خلال لقاء مع DW.
وفي الواقع فإن عملاق التقنية الرقمية يتعاون مع حكومات وسلطات محلية عبر أفريقيا وجنوب شرق آسيا لربط الشبكة العالمية.
وتشمل البرامج القائمة حاليا " امتدادا متعدد الفضاءات للتلفزيون في جنوب إفريقيا، مثل مشروع توظيف الترددات التلفزيونية الحرة لتوصيل الانترنيت إلى المدارس ومشروع " وازي واي فاي" في كينيا، إضافة إلى برنامج غوغل الذي يسعى إلى دعم إيصال خدمة "واي فاي" للجامعات الإفريقية" كما تضيف فاغنر.
منفعة للصالح العام؟
نوايا غوغل في أفريقيا ليست لغرض فعل الخير، كما يقول المحرر ومحلل التقنية اللاسلكية براد ريد في تقرير " بوي جينيوس ليبورت"، حين يقول:" من السهل أن نفهم لماذا تسعى غوغل إلى توصيل خدمة التواصل بالمحمول عبر خطوط الضغط العالي إلى إفريقيا، فالشركة تريد أن تضمن بداية مبكرة لهذه التقنية تؤمن بها أجيالا قادمة من الزبائن".
خدمات التواصل في تقنيات الانترنيت والهاتف المحمول في أفريقيا تعد بنمو اقتصادي جيد لغوغل، " فقد يكون التطور الجاري غير مربحا، لكن آفاق المستقبل لن تكون كذلك. ذلك أن 78 بالمائة من ريع غوغل السنوي البالغ 50 مليار دولار يأتي من الإعلانات، وهكذا فأن توسيع نطاق تحرك غوغل ينطلق إلى حد كبير من حجم أعداد زبائنه "، كما يقول كارول كوب في صحيفة وال ستريت جورنال.
وهو يرمز في ذلك الى أفريقيا وآسيا. حيث يستخدم 16بالمائة من سكان أفريقيا خدمات الانترنيت ، فيما يستخدمها واحد من كل ثلاثة أشخاص في آسيا وجزر المحيط الهادي كما جاء في ماركت ووتش.
أول الوافدين سيضمن قاعدة البيانات
الحصول على موطئ قدم قوي في الوقت الحاضر يضمن حصاد فوائد ربحية عالية مستقبلا، لأن استخدام الهاتف النقال ينمو ويتسع بسبب انخفاض الكلفة والكم المعروض في أسواق هذه الهواتف . وهذا يعني أن غوغل يتطلع إلى" مئات الملايين من الزبائن المحتملين، والذين يستعلمون مهاراتهم الرقمية الأولى من خلال استخدام وصلات وخدمات غوغل" كما يصرح المحلل ريد. ويوافقه في هذا الرأي أنثوني مولن خبير الاتصالات التلفزيونية في مؤسسة أبحاث فورستر، والذي يقول: " مهمة غوغل تبدو في الظاهر وكأنها مكرمة إيثار مجانية، لكن هناك في نفس الوقت خطة استحواذ طويلة الأمد على المستهلكين الأفارقة ".
التأثير الجوهري لسيطرة غوغل على السوق الإفريقية في هذا المجال يبدو جليا ، حيث" يدورالحديث دائما عن المعلومات، إذ تُتيح هذه المعلومات منفذا لمعرفة سلوك الأفارقة عموما تسمح باندماج المعطيات فيما داخل نسيج المعلومات التي يمتلكها غوغل، فتصبح بذلك قاعدة تؤمن لغوغل النفوذ إلى المليارات من البيانات عبر العالم"، حسب مولن.
وتسعى غوغل إلى استخدام الأقمار الصناعية والمرسلات الهوائية المحمولة في المناطيد كما جاء في إعلان الشركة الرامي إلى توسيع التواصل عبر خطوط الضغط العالي عبر إفريقيا.
وقد تختلف التقنيات المطلوبة باختلاف البيئات، و" فيما يكون استخدام نظام فايبر ( وهو مشروع أمريكي يوظف البنية التحتية لنشر استخدام نظام خطوط الضغط العالي) أمرا جيدا في البلدان المتطورة، هناك تطبيقات جديدة أخرى تناسب مناطق أخرى من العالم، ويمكن نصبها من خلال المناطيد التي تضمن انتشار الموجات والترددات وتقلل من احتمالات الاحتكاك، كما إنها لا تحتاج إلى بنية تحتية على الأرض، وكل ذلك يتناسب مع معطيات اتساع رقعة القارة الإفريقية" كما يؤكد مولن.
المستقبل: تقنية كومبيوتر متفوقة في إفريقيا
لكن تقنية الفضاء الأبيض التي تسمح بانتقال الإشارة إلى مديات بعيدة و تخترق الجدران لتتفوق بذلك على شارة واي فاي وشارة بلوتوث على الترددات الإذاعية وكذلك شارة الهواتف المحمولة الكلاسيكية، مثل هذه التقنية توفر تطورا واعدا بكل معنى الكلمة.
وبغض النظر عن الدوافع الحقيقية التي جعلت غوغل يوجه نظره الى إفريقيا، هو انتشار استخدام الانترنيت في بلدان الدول النامية وعلى وجه الخصوص في بلدان إفريقيا. فقد يؤثر ذلك بشكل قوي على مجال النمو الاقتصادي وعلى الخدمات والحركات الديمقراطية ونشرها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي كما حدث في دول الربيع العربي، كما يمكن أن يؤفر بشكل جيد في مجال مكافحة الأمراض من خلال بث المعلومات والثقافة الصحية ومن خلال الشبكة العنكبوتية مساعدة صغار المزارعين مثلا على تطوير وسائل إنتاجهم.
" إنه أمر جيد لأفريقيا، فسوف يستفيد المستهلكون وستتنفس الحكومات تتنفس الصعداء، ويمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الاعتماد بكل معنى الكلمة على البنية التحتية المؤهلة ". كما يستخلص تقرير فورستر.