"امرأة لا تنام".. من هي سيغريد كاغ منسقة المساعدات لغزة؟
٢٩ ديسمبر ٢٠٢٣إنها دبلوماسية لديها خبرة وشغلت العديد من المناصب الرفيعة في الأمم المتحدة. ومع ذلك، فمن المرجح أن يشكل هذا المنصب تحديًا كبيرًا أيضا للخبيرة سيغريد كاغ، فاعتبارًا من 8 يناير/ كانون الثاني 2024، ستقوم الهولندية البالغة من العمر 62 عامًا بتنسيق المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وإعادة الإعمار نيابة عن الأمم المتحدة.
المهمة التي تواجه كاغ وفريقها مهمة هائلة. وحتى قبل أن تهاجم حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وتصنف حماس كمنظمة إرهابية من قبل إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى.
غزة تعتمد على المساعدات الإنسانية
وفي تلك الأثناء، أدت القصف والهجوم البري الذي يشنه الجيش الإسرائيلي، المستمر منذ أكثر شهرين، إلى تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية في قطاع غزة. وقد أدى القتال الدائر في المنطقة، التي تبلغ مساحتها 360 كيلومتراً مربعاً فقط، إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص داخلياً.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي أن يستمر القتال لعدة أشهر، مما يعني أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة سيعتمدون على المساعدات الإنسانية خلال العام المقبل.
وفي الوقت نفسه، هناك قلق في إسرائيل من أن المساعدات الدولية يمكن أن تجلب أيضًا الأسلحة والذخيرة والوقود لمقاتلي حماس إلى قطاع غزة.
في هذه البيئة الصعبة، تم تكليف سيغريد كاغ بتنسيق ومراقبة المساعدات الدولية الطارئة الآن وإنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لتسريع عمليات تسليم المساعدات عبر الدول غير المشاركة في الصراع.
ولطالما كافح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل إصدار قرار يدعو إلى "التوصيل الآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع" إلى غزة. وقبل وقت قصير من عيد الميلاد، تم إقراره، ومعه تم إنشاء منصب كاغ الجديد.
العودة إلى الأمم المتحدة
سيغريد كاغ هي واحدة من السياسيين البارزين في هولندا. وهي تنتمي إلى حزب "D66" اليساري الليبرالي وشغلت العديد من المناصب السياسية العليا كنائبة لرئيس الحكومة ووزيرة سابقة للمالية والخارجية في عهد رئيس الوزراء مارك روته.
ومع ذلك، بعد انهيار الائتلاف الحكومي والدعوة لانتخابات جديدة في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أعلنت الأم لأربعة أطفال انسحابها من السياسة الهولندية. وسبق أن تعرضت كاغ وعائلتها للتهديد عدة مرات، بما في ذلك من قبل منكري كورونا.
الاستراحة لم تدم طويلا. فعندما تتسلم سيغريد كاغ منصبها في الأمم المتحدة في الثامن من يناير/ كانون الثاني، ستكون قد عادت إلى مكان عملها القديم. فكاغ هي مستعربة درست اللغة العربية، وعملت في الأمم المتحدة لعقود من الزمن وشغلت عدة مناصب رفيعة في المنظمة الدولية.
من عام 1994 إلى عام 1997 كانت سيغريد كاغ رئيسة قسم علاقات المانحين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في القدس؛ وبعدها، من بين أمور أخرى، كانت رئيسة الإدارة الإقليمية لليونيسف بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عمّان.
وفي 2013/2014، قادت المهمة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتدمير الأسلحة الكيماوية السورية، وبعد ذلك أصبحت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان.
سيغريد كاغ - امرأة "لا تنام أبدًا"
سيغريد كاغ هي خبيرة موثوقة بشؤون الشرق الأوسط. وتتحدث السيدة البالغة من العمر 62 عامًا ست لغات بطلاقة، بما في ذلك اللغة العربية. وهي متزوجة من الطبيب الفلسطيني أنيس القاق منذ عقود، والذي عمل في عهد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات نائبا لوزير التعاون الدولي في السلطة الفلسطينية.
وفي وقت لاحق، أسس القاق المنتدى الدولي للسلام، الذي يهدف إلى تعزيز الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين والأوروبيين ودول البحر الأبيض المتوسط، وتنفيذ مشاريع التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
وقد أشاد الدبلوماسيون الدوليون بكاغ بشكل خاص لعملها في تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية في سوريا، مما أكسبها لقب "المرأة الحديدية". ويقال إن دبلوماسياً سورياً قال ذات مرة إن سيغريد كاغ هي "امرأة لا تتوقف أبداً عن العمل وفعليا لا تنام".
انتقادات للمستوطنين الإسرائيليين
لكن رغم ذلك، لم يتم استقبال تعيينها بشكل إيجابي في إسرائيل. وذكرت وسائل إعلام مختلفة في إسرائيل أن كاغ انتقدت السياسة الإسرائيلية مرارا وتكرارا في الماضي. وبصفتها نائبة لرئيس وزراء هولندا، يقال إنها اصطدمت مرارًا وتكرارًا مع رئيسها مارك روته بشأن سياساته، التي يُزعَم أنها مؤيدة لإسرائيل.
وفي التسعينيات، اتهمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستخدام "نبرات عنصرية وديماغوجية تجاه الشركاء الفلسطينيين" في محادثات السلام. ويقال إنها وصفت المستوطنين الإسرائيليين ذات مرة بأنهم "مستعمرون غير شرعيين على الأراضي المصادرة".
علاقة إسرائيل مع الأمم المتحدة تعتبر متوترة، وليس فقط منذ خطاب مثير للجدل، ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. في وتنظر إسرائيل للأمم المتحدة بشكل انتقادي بسبب الأغلبية المستقرة المؤيدة للفلسطينيين، من قبل دول الجنوب العالمي، في الجمعية العامة للمنظمة الدولية.
سيتعين على سيغريد كاغ بذل الكثير من العمل الدبلوماسي المقنع من أجل بدء تقديم المساعدات الطارئة للناس في غزة. وربما لن يكون لديها وقت للنوم كثيرا في وظيفتها الجديدة.
أعده للعربية: صلاح شرارة