الولايات الألمانية تتفق على إنشاء بنك بيانات لمكافحة الإرهاب
٥ سبتمبر ٢٠٠٦عقد وزراء داخلية الولايات الألمانية بحضور وزير الداخلية الاتحادي فولفغانغ شويبله أمس (04.09.2006) اجتماعا استثنائيا تمخض عنه اتفاق هام يٌمهد الطريق أمام إنشاء بنك للبيانات المتعلقة بمحاربة الإرهاب. وفي تصريح صحفي حول الموضوع قال وزير داخلية ولاية بفاريا غونتر بيكشتاين إن بنك البيانات "سيتكون من شقين أساسيين." وأضاف أن الشق الأول من تلك البيانات "سيحتوي على معلومات متعلقة بهوية المشتبه بهم بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية، فيما سيحتوي الشق الثاني من تلك البيانات على معلومات إضافية تشمل بيانات عن الانتماء الديني للمشتبه بهم ومعلومات أخرى عن الرحلات التي أجروها إلى خارج البلاد." كما ستتضمن البيانات معلومات عن رخص حمل السلاح. وصادق وزراء داخلية الولايات الألمانية بالإجماع على مختلف جوانب المشروع الأمني بعد تسوية الخلافات العالقة بشأن بعض جوانبه. ويأمل المسؤولون الأمنيون الألمان في أن يساهم بنك البيانات في تنسيق العمل الأمني بين مختلف الأجهزة الأمنية داخل البلاد وتبادل أفضل للمعلومات فيما بينها. حيث ستوضع البيانات تحت تصرف الشرطة الألمانية وأجهزة المخابرات الألمانية، ما سيسهل عمل تلك الأجهزة بشكل فاعل في مجال مكافحة الإرهاب.
تحفظات تجاه المشروع
في الشأن ذاته، أثار ضم معلومات عن الانتماء الديني إلى الشق الثاني من البيانات المتعلقة بمكافحة الإرهاب حفيظة عدد من الساسة الألمان، إذ كادت الخلافات أن تحول دون التوصل إلى اتفاق مشترك يرضي كافة الأطياف السياسية. وفي هذا الصدد قال نائب رئيس الكثلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديموقراطي، فريتز رودولف كوربر في تصريح لإحدى الصحف الألمانية الصادرة في مدينة لايبتزيغ إن شويبله، وزير الداخلية الاتحادي كان قد توصل إلى اتفاق مرض مع وزيرة العدل الاتحادية، بريغيته تسوربرس. ويشمل الاتفاق أن يقتصر الشق الأول من البيانات المتعلقة بمكافحة الإرهاب على المعلومات الأساسية المتعلقة بهوية المشتبه بهم. فيما سيحتوي الشق الثاني من البيانات على معلومات إضافية مثل الانتماء الديني أو رحلات المشتبه بهم إلى خارج ألمانيا تظل مخفية. وكان بيكشتاين هو الآخر قد أشار قبل بداية الاجمتاع إلى أنه تم التوصل إلى تسوية بشأن ضم معلومات حول الانتماء الديني للأشخاص المشتبه بهم إلى البيانات المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي شكلت مصدر خلاف داخل حكومة الائتلاف. وقال الوزير في هذا الصدد إنه من الممكن أن يتم الاستغناء عن الإشارة إلى الديانة في حال تعلق الأمر بمسلم ليبرالي أو مسلم متسامح، أما بالنسبة للآخرين، والمقصود هنا المتشددون، فسوف يتم ضم تلك المعلومات إلى البيانات،" على حد تعبيره.
الإرهاب والمخاوف الألمانية
يسود نوع من الجزم بين الأوساط الثقافية والسياسية أن محاولات التفجير الفاشلة التي تعرضت لها ألمانيا مؤخرا ساهمت إلى حد كبير في تمهيد الطريق أمام بنك البيانات المتعلق بمكافحة الإرهاب. فقد بات خبراء الأمن الألمان يدركون جيدا أن ألمانيا أصبحت هي الأخرى مهددة من قبل جماعات متطرفة وأن المصلحة الوطنية باتت تحتم على مختلف السياسيين بذل المزيد من الجهد لحل خلافاتهم واختلاف وجهات نظرهم بأسرع وقت ممكن، لكن دون المساس بمبادئ الدستور والحريات العامة. فربما يكون اجتماع وزراء داخلية الولايات الألمانية قد وضع حجر الأساس لمشروع بنك البيانات لكنه في آخر المطاف لا يملك السلطة التشريعية. ومن جانبه قدم وزير الداخلية الاتحادي، فولفغانغ شويبله نص مشروع قانون بهذا الشأن إلى الأحزاب التي تشكل حكومة الائتلاف لدراسته وعرضه على البرلمان الألماني في وقت لاحق.
الجالية الإسلامية بين الترحيب والتحفظ
وفي حوار مع إذاعة "راديو ألمانيا" رحب الأمين العام لمجلس المسلمين الأعلى في ألمانيا، أيمن مازيك بقرار وزير الداخلية الاتحادي فولفغانغ شويبله الذي يطالب إشراك المنظمات الإسلامية في ألمانيا في محاربة الإرهاب. وأشار مازيك إلى أنه من باب الواجب الإسلامي والوطني التبليغ عن الحركات المتشددة. غير أنه دعا المسؤولين السياسيين والمجتمع الألماني إلى المبادرة باحتضان الشباب المسلم لتسهيل اندماجه في المجتمع الذي يعيش فيه وتعزيز الشعور بالانتماء لديهم. تلك الخطوة تظل في نظر الفاعلين في الجمعيات الإسلامية أهم وسيلة لاجتثاث التطرف من بين صفوف الشباب المسلم وليس تشديد الإجراءات الأمنية. وقد ذكر الأمين العام لمجلس المسلمين الأعلى في هذا السياق أنه لا وجود لإرهاب باسم الإسلام ولكن هناك إرهاب باسم الإجرام.