المقاهي العربية في برلين- تمسك بتقاليد العرب وانفتاح على المجتمع الألماني
٢٠ مايو ٢٠٠٨ازداد بشكل ملفت للنظر عدد المطاعم والمقاهي العربية في العقد الأخير في العاصمة الألمانية برلين، التي يقرب عدد سكانها من أربعة ملايين نسمة. وعلى الرغم من أنها تقدم جميعها نفس الوجبات كالفلافل والشاورما، إضافة إلى الشيشة، إلا أنها تختلف في طريقة تقديم الخدمات لزبائنها. فمنها من حافظ بشكل كامل على العادات والتقاليد العربية، ومنها من مزج عاداته العربية بالعادات الألمانية، ومنها من اتجه تماماً نحو العادات الألمانية.
أم كلثوم في برلين
يحدد الأسلوب، الذي يتبعه صاحب المطعم أو المقهى، في الغالب شريحة الزبائن التي ترتاد محله. والمقصود بالشريحة هنا ليس مستوى الزبون المادي، وإنما كونه عربياً أم ألمانياً. فقهوة أم كلثوم مثلاً الواقعة في شارع الزونن آليه، وهو شارع يتميز بكثافة الوجود العربي فيه، تعتبر أول مقهى عربي في برلين، فقد افتتحت عام 1998 وتفردت بطابعها العربي. ومعظم روادها من العرب، الذين يقصدوها ليعيشوا أجواء المقاهي العربية الشعبية، إذ يبلغ عدد العرب في برلين بضعة عشرات الآلاف.
ويقول صاحب المقهى أبو محمد رمو: "لا نقدم المشروبات الكحولية أو أي شيء يتنافى مع عاداتنا العربية. فقد رسمت منذ البداية هذا المنحى ولن أغيره". كما يفخر أبو محمد بأن زوار مقهاه من مختلف المشارب ولا يعيرون للطائفية أي اهتمام يذكر. وهو أمر مهم في وقت تزداد فيه اللهجة الطائفية ارتفاعاً في بلاد عربية عدة كبلده الأصلية لبنان.
"شيشة بار"
وعلى عكس مقهى أم كلثوم نجد قهوة شهرزاد تتخذ منحى آخر، إذ يمكن إدراجها تحت "شيشة بار"، التي تعد موضة دارجة هذه الأيام. والشيشة بار عبارة عن مقهى على الطراز الغربي ولكنها تتميز أنها تقدم لزبائنها الشيشة الشرقية. وقد أراد قاسم ومحمد، صاحبا المقهى الذي يقع في حي برنتسلاور برغ ذي الغالبية الألمانية الشبابية، منذ البداية أن يتوجها للزبائن الألمان في المقام الأول، فجاء تصميم المحل شرقياً خالصاً أما ما يقدمه من مشروبات كحولية وكوكتيلات فكان غربياً بامتياز.
"فلافل" بنكهة ألمانية
وبين أم كلثوم وشهرزاد اتخذ محمود كلّم، صاحب مطعمي السنابل، موقعاً وسطاً، فهو يرى أنه لا بد من المزج بين التقاليد العربية والألمانية، وهو حسب رأيه سر نجاحه. ويقع مطعم السنابل في حي كرويتسبرغ العريق، حيث يعيش الألمان مع غير الألمان جنباً إلى جنب. ويبدأ المزج عند محمود بألوان المطعم ولوحاته وطاولاته التي اختارها جميعاً بعناية مع زوجته الألمانية سابينه ليكون "جسراً بين الشرق والغرب" -حسبما ذكر-، بل ويصل هذا المزج إلى خلطات الأكل الشرقي كالفلافل مثلاً. ويرى محمود أنه من الضروري أن يناسب الطعام الشرقي أذواق الألمان، الذين لا يحبذون البهارات الحارة أو الثوم وما شابه. ولم يتخل محمود عن عاداته العربية من حيث الكرم واستقبال الضيف والاحتفاء فيه. وفي هذا السياق تقول سابينه: "إن الطعام العربي الذي يقدمه محمود رائع وجيد للغاية بكل المقاييس، فهو يراعي ذوق الزبون الألماني والنوعية الجيدة بالإضافة إلى الضيافة العربية التي تستقطب الزبون الألماني" الذي بات يقدر تلك العادات.
سر النجاح
على الرغم من وجود فوارق شتى بين النماذج الثلاث المذكورة إلا أن ثمة قواسم مشتركة تجمعها سوية تتمثل بالموقع الحيوي داخل العاصمة برلين والموسيقى العربية وكرم الضيافة. إضافة إلى ذلك فإن وضوح رؤية أصحاب المقاهي والمطاعم الناجحة في برلين فيما يخص "نوعية" شريحة الزبائن التي يودون استقطابها كانت العامل الرئيسي لنجاحهم التجاري.