المغرب - ناشطات تكافحن من أجل المساواة مع الرجل في الإرث
٥ يناير ٢٠١٦توفى والد أمينة .ح ( 45 عاما) وترك لها ولأختها ولأخيها ثروة لابأس بها، حيث إنه كان يمارس التجارة. وطبقا لأحكام الإرث في الشريعة الاسلامية فقد ورث الابن الوحيد نصف الثروة بينما تقاسمت الاختان النصف الباقي. لكن أمينة تتحسر على نصف الثروة المتمثلة في عقارات ومحطة وقود، والتي بذرها "الأخ السكير والمقامر" أو استفرد بها بالتحايل على القانون والرشوة: "كلها ذهبت أدراج الرياح في الخمر والليالي الحمراء والهدايا القيمة التي أنفقها على صديقاته."
وتقول أمينة في لقاء مع DW"أنا مسلمة وملتزمة دينيا لكنني أؤمن بأن الدين منفتح وقابل للتغيير، حسب متطلبات العصر والحاجة" في اشارة الى مساندتها للمواقف المطالبة بتغيير نظام الارث الذي يعبتر أن " للذكر مثل حظ الانثيين" وذلك من خلال تطبيق نظام " المناصفة " كما يطالب به عدد من الجمعيات الحقوقية والحداثيين عند الحديث عن توزيع التركة بين الرجل والمرأة.
وتضيف المتحدثة أنها وأختها استفادتا من تدبير جزء من الثروة الموروثة وأنهما أدارتا مشاريع لا بأس بها، تدر عليهما دخلا محترما، وتتساءل: "لكن أليس حراما ان يذهب أكثر من نصف ثروة العائلة سدى؟"
أما فاطمة الرويشي 52 عاما، فكان وضعها اسوأ عندما تركها ابوها وسط خمسة من اخوانها الذكور، حيث تحايلوا على قسمتها ولم تستفد من نصيبها من ارض شاسعة في إحدى القرى بالاضافة الى عقارات في مدن مختلفة. وتلاحظ قائلة: "الله عادل ولا يقبل الظلم وللذكر مثل حظ الانثيين كانت قاعدة ممتازة وعادلة لو كانت تطبق دائما كما جاءت في النص القرآني ولو بقي المجتمع كما كان سابقا، حيث يتكلف الرجل بكل واجبات النفقة على المرأة وبيته واسرته".
وتشير فاطمة إلى وضعها: "زوجي يشتغل في تجارة صغيرة لا تدر عليه دخلا قارا ومحترما، وقد اضططرت للعمل للمساعدة على اعالة الاسرة حيث اتحمل اكثر من 80 بالمائة من مصاريف البيت والاولاد."
وكان المجلس الوطني لحقوق الانسان وهو هيئة حقوقية رسمية منذ اكثر من شهرين قد فجر جدلا كبيرا اثارت جدلا كبيرا بين المحافظين والحداثيين، عندما شدد في آخر تقرير له على ضرورة تحقيق المساواة والمناصفة بين النساء والرجال في المجتمع المغربي، بما في ذلك المساواة في الأرث.
وأوصى تقرير المجلس بشأن "وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب" بضرورة تعديل مدونة الاسرة بشكل يضمن للمرأة المغربية حقوقا متساوية مع الرجل في الارث، وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على كل اشكال التمييز ضد المرأة، وطبقا للمعايير الدولية. واعتبر التقرير أن "المغرب لايمكنه ترسيخ الديموقراطية وتحقيق تنمية مستدامة دون تحقيق المناصفة والمساواة."
مدونة الاسرة التي اقرها العاهل المغربي محمد السادس قبل عشر سنوات اعتبرت آنذاك اكثر مدونة في تاريخ المغرب المعاصر تطورا وضمانا لحقوق المرأة في مواضيع الزواج والطلاق والحضانة، لكن تبقى فيها ثغرات غير محقة تجاه المرأة.
وكان عبد الإله بن كيران رئس الحكومة المغربية وزعيم حزب العدالة والتنمية قد واجه ردود فعل منتقدة من طرف الحداثيين والمدافعين عن حقوق المرأة، عندما رفض في حوار تلفزيوني توصية المجلس بخصوص المناصفة في الارث وطالب "بالاعتذار للمغاربة" .
ويرى عبدالواحد بوغريان، الناشط الحقوقي، وممثل مؤسسة فريدريتش نومان في الرباط" أن الوضع في يومنا هذا قد تغير. فالنساء يشتغلن. وحسب احصائيات رسمية، فإن نسبة خمس عدد العائلات المغربية يتم إعالتها من لدن امرأة. كما ان هناك رجال عاطلين عن العمل! فلماذا التشبث بقاعدة "للذكر مثل حظ الانثيين؟." ويتساءل بوغريان: هناك نساء لم يرثن عبر التاريخ في مناطق "الاراضي السلالية" في المغرب، ولم تتغير القوانين الا في عهد العاهل محمد السادس الذي اعطى للمرأة الحق في وراثة تلك الاراضي"، منتقدا بذلك الأصوات المدافعة عن تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في الأرث.
ويشير بوغريان إلى وجود نصوص قطعية في القرآن، مثل قطع يد السارق ورجم الزانية وتحريم الربا ويلاحظ : "لكننا استطعنا ان نتجاوز هذه النصوص القطعية ووجدنا مخرجا بحيث لا نقطع يد السارق ولا نرجم الزانية ونتعامل بالربا مع الابناك."
ويقترح بوغريان ضرورة التعامل مع موضوع الارث من منظور الوصية، مثلا ، يوصى رجل بتقسيم ثروته بين أبنائه بالشكل الذي يراه مناسبا، حسب احتياجات كل واحد منهم أو ترك الأمر لمعادلة الارث القرآنية.
من جهته اعتبر احمد الخمليشي مدير مؤسسة دارالحديث الحسنية، وهي مؤسسة رسمية، أن "موضوع الارث طويل ومتشعبا ملاحظا انه " يحتاج الى سلسلة من الندوات والمؤتمرات لمناقشة النصوص الشرعية".
أما الفقيه محمد الفيزازي الذي كان معتقلا على خلفية مواقف سلفية متشددة اتهمته بها السلطات المغربية قبل ان ينال عفوا ملكيا فقد اعتبر "ان المجلس الوطني لحقوق الانسان ليس مؤهلا للحديث في موضوع الارث." وأن للدولة مؤسسات "ولابد من احترام تخصصات كل مؤسسة على حدة."
وتعتبر الناشطة الحقوقية ليلى ماجدولين عضوة تحالف "ربيع الكرامة" المدافع عن حقوق النساء في تصريحات لDW أن "النساء في عصرنا الحالي لسن مجرد ربات بيوت مستهلكات بل مسؤولات يشتغلن داخل وخارج البيت ويدفعن الضرائب وهن مصدر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ورائدات في الفكر والاقتصاد، فكيف نحرم نصف المجتمع من حقوقه؟."