المغرب.. كيف خلقت الأمطار الغزيرة بحيرات في الصحراء؟
عادة ما تكون الصحراء الكبرى في شمال وغرب إفريقيا واحدة من أكثر الأماكن جفافاً على وجه الأرض. لكن قبل أسابيع تسببت الأمطار الغزيرة في تكوين بحيرات في الصحراء. النموذج من المغرب.
مياه مع الكثبان الرملية
ما تراه هنا ليس سرابا، هذه الكثبان الرملية في الصحراء مغطاة جزئيا بالمياه. وقع هذا الحدث الفريد في بداية سبتمبر/أيلول، في منطقة مرزوقة، جنوب شرق المغرب. عاشت المملكة المغربية أياما من الأمطار الغزيرة، التي تجاوزت كمية الأمطار خلالها 200 لتر لكل متر مربع، وهو المقدار الذي يهطل عادة في المنطقة خلال عام واحد.
مشهد نادر
في هذه الكثبان الرملية، غاصت أشجار النخيل في المياه بشكل شبه تام، لأن التربة الجافة غير قادرة على امتصاص سوى كميات ضئيلة من المياه، ولأن الصحراء لا تحتوي على نباتات قادرة على حبس الماء، ما جعل الأمطار تتجمع في الوديان والمنخفضات، وأدت إلى تكوين بحيرات مؤقتة كبيرة استمرت لمدة الوقت. أطلقت أسماء على بعض هذه البحيرات لها، مثل بحيرة ياسمينة في مدينة مرزوقة، التي نراها هنا.
"نعمة من السماء"
هذه المناظر الفريدة كانت لصالح السياحة في المنطقة، إذ تسببت الأمطار الغزيرة في ازدهار السياحة. يقول المرشد السياحي يوسف آيت شيغا لوكالة فرانس برس: "نحن سعداء للغاية بالأمطار الأخيرة". لكن ليس السياح وحدهم، فالأمطار عموما تعدّ في المغرب، خصوصا في المناطق الجافة "نعمة من السماء".
بحيرات سريالية
إذا رأيت هذه البحريات من أعلى، وكنت من عشاق الفن التشكيلي، ستذكرك هذه المنحنيات الناعمة للبحريات بلوحة لسلفادور دالي، خصوصا أن المشهد يبدو بالفعل سريالياً بالقدر نفسه في وسط الصحراء. لكن هطول الأمطار الغزيرة في الصحراء الكبرى لم يعد أمرا غير معتاد، فقد ذكرت الجامعة التقنية في زيورخ وقوع أكثر من 42 ألف حالة هطول أمطار غزيرة في أكبر صحراء في العالم بين عامي 2000 و 2021 وحدهما.
نعمة في زمن الجفاف
لكن يبقى حجم الأمطار الغزيزة الحالية غير عادي، إذ يقول خبير الأرصاد الجوية المغربي الحسين يوعابد لوكالة أسوشيتد برس: "لقد مرت 30 إلى 50 عامًا منذ أن شهدنا مثل هذا القدر من الأمطار في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن"، مؤكدا أن الأمطار "نعمة للواحات والزراعة التي ضربها الجفاف في المغرب".
ست سنوات متتالية من الجفاف
هذه النقاط الزرقاء التي توضحها صور الأقمار الاصطناعية، تبين مكان البحيرات التي تشكلت بعد الأمطار الأخيرة. سقوط المطر هو موضع ترحيب في المغرب، فالمملكة عانت من جفاف كبير شمل جل أقاليمها، وتراجعت نسبة سقوط الأمطار عام 2023 إلى النصف تقريبا. لكن البشرى في المغرب هو عودة المياه لكثير من البحريات، ومنها بحيرة إيريكي، جنوب المملكة، التي كانت قد جفت لمدة 50 عاما.
وجه آخر للمطر الغزيز
لكن مع ذلك، هناك وجه آخر للمعاناة بسبب الفيضانات. فقد لقي 18 شخصا مصرعهم نتيجة الفيضانات المفاجئة، خصوصا في إقليم طاطا جنوب المملكة، كما دمرت عدد من المباني خصوصا في القرى. ووفق الهيئة المغربية للأرصاد الجوية، فإن الأمطار الغزيرة كانت بسبب "كتلة هوائية استوائية غير مستقرة للغاية".
تغير المناخ يؤثر على المملكة
تؤكد فاطمة دريوش، خبيرة المناخ المغربية، لوكالة فرانس برس: "كل شيء يشير إلى أن هذا مؤشر على تغير المناخ". كما ذكرت هيئة الأرصاد الجوية المغربية أن حوادث هطول الأمطار الغزيرة قد تصبح أكثر تواترا نتيجة لتغير المناخ.