المعارضة السورية.. تغريب وتغييب وسجون
٣١ مارس ٢٠١١طالما وصفت المعارضة السورية بأنها "مستأنسة". تعددت أسماؤها وتنوعت شعاراتها من "الوحدويين الاشتراكيين"، و"الاشتراكيين العرب"، و"الشيوعي السوري"، و"السوري القومي"، و"الاشتراكي العربي"، و"العربي الديمقراطي"، و"العهد الوطني". والعامل المشترك بينها لا يتمثل في "الاشتراكية" و"القومية" ولا "الديمقراطية" مثلما يبدو، بل يتجسد ذلك في حقيقة الانضواء تحت لواء حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، برئاسة بشار الأسد.
تنضوي المعارضة السورية تحت لواء "الجبهة الوطنية التقدمية"، ذاك الائتلاف الذي يحتضن ثمانية أحزاب، يقودها حزب البعث، الذي يفخر بتلك الجبهة، باعتبارها إحدى مكتسبات "ثورة التصحيح"، التي أرسى كيانها الرئيس الأسد الأب في عام 1972.
وكانت هذه الأحزاب المجتمعة تحت لواء " الجبهة الوطنية التقدمية " تشارك حتى في الانتخابات باعتماد قائمة واحدة. وهذا ما سبق أن أكده عضو حزب الوحدويين الاشتراكيين، إسماعيل نوفل في تصريحات صحفية، معللا ذلك بأن جميع هذه الأحزاب يسارية ومن ثم تتبنى مفاهيم القومية العربية.
المعارضة السورية الحقيقية إما في السجون أو المنافي
وعن الخريطة السياسية للمعارضة السورية، قال الصحفي والمحلل السياسي فهد الأرغا المصري لـموقعنا "دويتشه فيله" بأن : "المعارضة السورية الحقيقية أودعت في السجون. هناك من يسمون - بين قوسين - (معارضة). هؤلاء دجنهم النظام من مجموعة أحزاب كرتونية في إطار الجبهة الوطنية التقدمية، التي تكيل بالمديح والثناء والإطراء على الرئيس السوري ونظامه أكثر مما يكيل حزب البعث نفسه".
وأضاف الأرغا "هذه الجبهة لا تقدم ولا تؤخر وأعظم طموحات أعضائها لا تتجاوز أن يكون لكل منهم سائق خاص وحارس خاص وسيارة تنقله من بيته إلى مقر الجبهة. هؤلاء أصحاب مصالح شخصية وليسوا أحزابا سياسية. وبالتالي يشيدون بالنظام ليل نهار، ولا يمكن اعتبارهم أحزاب معارضة على الإطلاق، لأن المعارضة الحقيقية إما في السجون أو المنافي".
وعزا الصحفي المصري حالة "الوفاة السريرية" التي تعاني منها الحياة السياسية منذ خمسة عقود مضت من أيام الوحدة المصرية-السورية. وقال "للأسف تم تغييب الحريات الإعلامية والسياسية منذ ذلك التاريخ، اذ تم حل كل الأحزاب. هناك سياسة الحزب الواحد التي انهارت معها الحريات الصحفية، إلى أن تربع حافظ الأسد على كرسي السلطة في عام 1970 الذي استمر في النهج الاستبدادي القمعي ودولة المخابرات".
وعن توقعاته لمستقبل المشهد السياسي في ظل هذه الأجواء في حال نجاح الثورة، قال الأرغا انه "لا بد من مرحلة انتقالية أولا ريثما يتم تشكيل مجلس وطني وإنشاء دستور وطني حقيقي يمثل كافة الشرائح وتطلعاتها نحو الديمقراطية. هذا يحتاج إلى وقت.. وعلى المؤسسة العسكرية أن تتولى مهامها خلال تلك الفترة".
على الإعلام تعريف الشارع السوري بالأحزاب
أما عن القوى السياسية – والحديث للأرغا – فجميعها "مغيبة عن المشهد والمجتمع السوري. وأضاف أن "هناك مجموعة كبيرة تقيم في الخارج ولها ممثلين بالداخل، بعضهم في السجون، وهناك مستقلين. لكن لا يمكن أن نقول ان أغلبية القوى الصاعدة في الفترة المقبلة ستكون للإسلاميين. الجميع يعلم أنهم مغيبون أيضا عن الساحة السورية منذ أحداث حماة الدامية في فترة الثمانينات. جميع قوى المعارضة والأحزاب، سواء الناشئة أو التقليدية تحتاج إلى وقت لحين يتعرف الشارع السوري على برامجها ليتمكن من الاختيار بينها، والشارع يحتاج إلى التعريف بتلك الأحزاب عبر وسائل الإعلام.. ."
وضرب الأرغا مثالا بأول مؤتمر صحفي للمعارضة السورية عقد في فرنسا في 14ال من مارس الجاري، وبرزت فيه ثلاثة تيارات سياسية. وقال "هناك مؤتمرات أخرى ستعقد لاحقا للتعريف بهم لمد جسور التواصل بينهم وبين الشارع السوري"، الذي، كما اعتبر الأرغا واجه خطابا تحدث فيه الرئيس الأسد عن "مؤامرة". وخلص الأرغا إلى القول ان الخطاب كان صدمة حقيقية للمتفائلين، و"على الأسد تحمل ردة فعل الشارع السوري الغاضب".
أميرة محمد
مراجعة: محمد المزياني