المرضى المسلمون في المستشفيات الالمانية
١٢ نوفمبر ٢٠٠٦يعيش في المانيا اكثر من اربعة ملايين مسلم. إذا مرض أحد هؤلاء ينقل الى احد المشافي التي يتبع أغلبها إحدى الكنائس (أغلب المشافي الالمانية تكون مرتبطة إما بالكنيسة الكاثوليكية أو البروتستانتية). في هذه المشافي غالباً ما تكون هناك حالة من عدم الاطمئنان المتبادل بين المرضى المسلمين من جهة والمرضى الآخرين والعاملين في المشفى من جهة اخرى. عدا عن ذلك في حال وفاة مسلم، يمكن ان يكون ذلك مشكلة لعائلته من حيث مراسيم الدفن حسب التعاليم الإسلامية، لأن ذلك إشكالي في الكثير من الولايات الألمانية.
مشاكل المسلمين في المشافي الالمانية
إن إحدى المسائل التي شغلت مجموعة العمل الاسلامية – المسيحية في المانيا هي كيفية ممارسة أو اتباع المسلمين لتعاليم دينهم في المشافي الالماينة. القس كلاوس فيرت، الرئيس السابق لمجموعة العمل الاسلامية – المسيحية في مدينة مونستر، يقول في هذا السياق إن "مسألة كيفية تمكين المسلمين من التزام تعاليم دينهم في المشافي التي يتبع أغلبها الكنيسة في مدينتنا، شغلت مجموعة العمل الاسلامية - المسيحية منذ مدة طويلة، إضافة الى تفهّم زيارة المرضى وحتى بحث امكانية تخصيص مكان للعبادة في المشفى." كما كان للقس فيرت دور اساسي في إصدار كراس بعنوان: "المسلمون في المشافي" بهدف تعريف المسيحيين بوضع المرضى والموتى المسلمين في ألمانيا.
تعد مسألة التعامل مع المرضى المسلمين مشكلة لكثير من الاطباء والعاملين في المشفى، حيث تشوب هذه العلاقة حالة من الضبابية والقلق. الدكتور فولفغانغ كوش الطبيب المسؤول في احد مشافي مدينة مونستر يقول معلقاً: "إن العقبة الاساسية هي اللغة، التي تبدأ معها بقية المشاكل، وذلك لعدم وجود ضمان للتفاهم اللغوي. وهذه المشكلة توجد بشكل خاص لدى الجيل الأول وجزئياً لدى الجيل الثاني من المرضى المسلمين. وذلك لانه بدون التواصل اللغوي تصبح مسألة تشخيص المرض وحيازة ثقة المريض صعبة للغاية وهذه هي المشكلة الاساسية. إضافة الى ذلك هناك مشكلة أخرى لدى المرضى المسلمين حسب الباحث الاسلامي رأفت أوزتورك، وهي كثرة الزوار حيث أن المسلمين لا يتركون مرضاهم لوحدهم فيزورونهم ويتمنون لهم الشفاء، وهذا ما ينتظره المريض. وبالمقابل فإن كثرة الزوار تسبب ازعاجاً للمرضى الالمان. لذلك قامت مجموعة العمل الاسلامية – المسيحية بنشر كراس حول الموضوع من اجل التقريب والتفاهم بين المرضى من الطرفين.
أما بالنسبة للمسنين من المرضى المسلمين، فإن مسألة أداء فريضة الصلاة أثناء المرض تعتبر مهمة وأساسية. ففي احد مشافي مدينة اِسن، تم تخصيص غرفة للصلاة وهي الوحيدة في ولاية شمال الراين - وستفاليا. القس البروتستانتي إنغو شرودر، الواعظ في هذا المشفى، يري أن الانسان، مسلما كان أم مسيحيا، حين يكون في أزمة، عادة ما يتمسك بالدين بشكل أكبر منها في الظروف الطبيعية. لذلك، وحسب رأيه، يجب أن يتمكن المسلم حين يكون في أزمة من أداء شعائره الدينية ليشعر بالأمان، وبالتالي يجب تخصيص مكان للعبادة.
إشكالية دفن الموتى إسلامياً
لا يوجد لدى المسلمين مؤسسات مختصة في شؤون الوعظ الديني كما هو الحال لدى المسيحيين. لذلك يلعب الأقارب دوراً هاماً في هذا المجال وخاصة حين يرقد المسلم على فراش الموت. وفي هذا الصدد يقول الباحث الإسلامي رأفت أوزتورك: "عندما نتحدث عن الوعظ الديني، يمكن ان يكون كل فرد من العائلة واعظاً، وهذا يعني أن الأب أو الام أو حتى أحد الأصدقاء أو المعارف يمكن أن يكون واعظاً. وحين لا يكون أحد هؤلاء حاضراً، يمكن أن يقوم إمام المسجد أو رئيس إحدى الجمعيات الإسلامية بهذا الدور. وحسب التعاليم الإسلامية، لا يترك المسلم لوحده في سكرة الموت، لذلك يتجمع المسلمون حول فراشه ويعيشون معه لحظات انتقاله من الدنيا إلى عالم الآخرة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهم يدعون له ويقرأون آيات من القرآن.
وعن مراسيم الموت والدفن لدى المسلمين يقول أوزتورك: "حين يكون المسلم على فراش الموت يوجّه رأسه باتجاه مكة، وحين يتوفى يتم إعلام إحدى الجمعيات الإسلامية أو إمام المسجد أو رجل دين مسلم لاستلام جثة المتوفى. بعض المساجد لديها غرفة يغسل فيها الميت ويكفّن ويدفن بعد ذلك. كذلك تخصص الكثير من المشافي الألمانية غرفاً لغسل الأموات. ولكن تبقى هناك مشكلة أخرى وهي كيفية دفن الميت. فالمسلمون يدفنون موتاهم وفق تعاليم الدين الإسلامي بدون النعش، وهذا لا يسمح به عادة في ألمانيا. عدا عن ذلك هناك حرمة للميت لدى المسلمين حيث تبقى الجثة راقدة في القبر إلى ما لانهاية.
وتجدر الاشارة في هذا السياق الى أن المسلمين في المانيا غير معترف بهم رسمياً كمجتمع ديني، لذا ليس لهم الحق في المطالبة بتخصيص مقابر لهم، ولكن هناك بعض البلديات التي خصصت بعض المساحات في مقابرها للمسلمين لدفن موتاهم حسب تعاليم دينهم.