المرأة الأوروبية: مساواة في الحقوق الاجتماعية وتهميش في أماكن العمل
٢٥ مارس ٢٠٠٦ظهرت الحركة النسائية إبان السبعينيات من القرن الماضي وبرزت من خلال دفاعها عن المساواة بين المرأة والرجل. وكان جل الشباب آنذاك يعرف الحركة وأهدافها. أما في الوقت الحاضر فلا تعرف الكثير من الفتيات الكثير عنها. ويُعزى ذلك إلى أن غالبيتهن يشعرن بالمساواة مما لا يستدعي خوض النضال من أجل الحصول على حقوق أوسع. في هذا الإطار تعد تجربة السيدة لي شوتر مدربة رياضة الكونغفو خير دليل على تلك المساواة التي تتمتع بها المرأة الأوروبية المعاصرة. وتعود هذه التجربة إلى الثمانينيات حين التحقت بفرقة تدريب خاصة بهذه الرياضة وحظيت مع مرور الوقت بالنجاح في مجال طالما احتكره الرجال. وفي الوقت الحالي تقوم لي بالإشراف على تدريب فرقة صغيرة من الشابات اللواتي يرغبن في تعلم فنون القتال الرياضية.
سيدات تقتحم عرين الرجال
تعد السيدة لي من بين النساء القلائل أللواتي كن يعملن في مجالات اعتبرت ذكورية. ولم تكن تجربتها سهلة، إذ كان ينتابها شعور مفجع بين الفينة والأخرى لاسيما وأن المدرسة كانت قاسية وما تزال. كما أن الرجال فيها يتمتعون غالبا بتفوق جسدي واضح مقارنة مع النساء. لكن ذالك التفوق سرعان ما يفقد أهميته حين يتعلم المرء كيف يتعامل مع الخصم وفقا لم تقوله لي، وغالبا ما يتم التوصل إلى تلك التقنيات انطلاقا من مجهود فردي دون مساعدة أحد. وعليه فقد اضطرت لي خلال تدريباتها إلى التفكير في تعلم تقنيات جديدة تمكنها من ترجيح كفتها أمام خصم يتفوق عليها في القوة البدنية. ولم تكن ترغب في الاقتصار على إجراء التمارين الرياضية في مجموعة مكونة فقط من النساء. وعليه فقد أصرت على ممارسة فنون القتال جنبا إلى جنب مع زملائها الذكور. أما اليوم فقد تغيرت الأوضاع بشكل كبير. فالبنات والذكور يتلقون التدريبات الرياضية في مجموعات مختلطة بشكل بديهي. فمفهوم الأنوثة تغير هو الآخر من جيل إلى آخر. وقالت لي في هذا الشأن: "لقد انتابني شعور بأن هذا لم يعد موضوعا جوهريا كما كان عليه الحال أيام تعلمها. السياسة والحركة النسوية كانتا بالنسبة لنا في غاية الأهمية." لقد فقدت الحركة النسوية لدى الشابات الألمانيات الأهمية التي حظيت بها في العقود السابقة" لكنها استطردت بالقول: :"إن المساواة بين الرجل والمرأة لم تكتمل بعد".
الدستور الألماني يضمن المساواة بين الجنسين
الدستور الألماني يضمن المساواة بين المرأة والرجل في تبوء كافة المناصب منذ العام 1949. ومنذ أن بلغت موجة الحركة النسائية أوجها إبان السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ترسخت فكرة المساواة في عقول الناس. كما أصبح سلوك البنات يقترب شيئا فشيئا من سلوك الذكور، خاصة على صعيد القدرة على فرض الإرادة والاستقلال بالذات. تقول إحدى البنات وهي تركية الأصل ولدت في تركيا و جاءت إلى ألمانيا وهي في سن الثانية عشره: " سأبذل ما بوسعي كي أزاول العمل. لا أريد مطلقا أن أكون تابعة لزوجي أو لدعم مالي من أحد". إلى ذالك أعربت الفتاة عن سعادتها لأنها تحظى في المانيا بإمكانية خوض حياة مستقلة.
لكن رغم تلك المساواة التي تنعم بها النساء في المانيا تبقى فرص الفتيات في الظفر بعمل يتناسب مع الكفاءات العلمية التي تحملها ضئيلة مقارنة مع الرجال. فالإحصائيات التي أجريت في هذا السياق أثبتت عدم تساوي فرص النجاح المهني. فهي تختلف بشكل ملفت بين الرجال والنساء. وترى أنا شتريتهورست الطالبة في جامعة بون الألمانية والناشطة في مجال المساواة بين المرأة والرجل، أن كثيرا من النساء لا يأخذن التهميش الذي يتعرضن له في أماكن العمل محمل الجد وقالت: "يوجد نساء يتوقعن أنهن لا يتعرضن للتهميش. أرى أنه يمكن إقناعهن بوجوده بعد إطلاعهن على الأرقام التفصيلية لتلك الظاهرة."
حقوق المرأة ليست مكتملة
ما زالت المرأة الأوروبية تناضل من أجل مزيد من الحقوق والمساواة. وتظل المرأة الشابة العاملة أكثر دراية بالتهميش الذي تتعرض له النساء في أماكن العمل. فقد أظهرت استطلاعات للرأي أن 89 في المائة من النساء العاملات اللواتي لم تتجاوز أعمارهن سن 29 يطالبن بضرورة اتخاذ مزيد من التدابير من أجل تحقيق مساواة أفضل بين الرجال والنساء. هذا ما يدفع إلى التأكيد على أن الدفاع عن هذه المساواة بحاجة إلى لاستمرارية من أجل تحقيقها في مجالات لا تزال فيها حقوق المرأة مهضومة.
دويتشه فيله