المخرجة صحراء كريمي: طالبان تحتقر الفن فلا تتفاوضوا معها
١٧ أكتوبر ٢٠٢١بعد هروبها من أفغانستان قبل اقتحام طالبان لكابول، دعت المخرجة الأفغانية صحراء كريمي المجتمع الدولي إلى المساعدة في إنقاذ الثقافة الأفغانية بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة. بيد أنها اليوم، ترغب في إرسال رسالة جديدة للعالم مفادها: "لا تتفاوضوا مع طالبان".
وفي مقابلة مع DW، قالت "نعلم أن طالبان تبحث عن اعتراف دولي، لكن الآن يبدو أن القوى الأجنبية هي الساعية للحصول على اعتراف من طالبان. وهذا أمر سخيف ومؤلِم للغاية". وجاء تحذير المخرجة الأفغانية خلال كلمتها في قاعة الفنون في مدينة بون الألمانية حيث نُظم ملتقى أُطلق عليه اسم "الرحلة الأخيرة من كابول.. آفاق الفن والثقافة في أفغانستان" الثلاثاء الماضي.
وانتقدت المخرجة التقارير التي تشير إلى لقاء بين ممثلين ألمان ومسؤولين من طالبان، واصفة الأمر "بالمخزي" إذ دعت ألمانيا ودول العالم إلى عدم الاعتراف بحكم طالبان. وفي ذلك، قالت "أناشد ألمانيا والدول الأخرى بعدم خلق صورة كاذبة توحي بأن طالبان قد تغيرت. أوكد أن طالبان لم تتغير".
جذب انتباه العالم "مرة أخرى"
وتعد كريمي – التي ولدت في طهران عام 1985- مخرجة أفغانية استثنائية إذ كانت أول امرأة ترأس منظمة الفيلم الرسمية في بلادها فيما عرضت أفلامها "حافا" و"مريم" و"عائشة" لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي عام 2019. وقبل اقتحام طالبان لكابول، نجحت كريمي البالغة من العمر 36 عاما في الفرار هي وأخوتها وأبناؤهم من أفغانستان وتحديدا في الخامس عشر من أغسطس/آب.
وقتلت طالبان في السابق أفرادا من عائلة كريمي التي تعيش حاليا كلاجئة في أوكرانيا حيث تعكف على إخراج فيلم يوثق رحلتها وهروبها من أفغانستان. ومنذ ذلك الحين، أخذت كريمي على عاتقها التحدث عن معاناة الشعب الأفغاني في العديد من المناسبات التي شاركت فيها.
وفي هذا السياق، قالت "عن طريق الحوار واللقاءات، نُبقي الضوء مسلطا على محنة الأفغان. لأنه في المستقبل سوف تكون هناك عناوين جديدة تأخذ الاهتمام وسينسى العالم أفغانستان". وشددت على أنه من المهم التحدث عن طالبان في الوقت الحالي لأن الإعلام لم يكن يركز عليهم في السابق وقد يُحدث هذا تغييرات جذرية.
الثقافة والمرأة الأفغانية
وعندما سُئلت عن جوانب وأشكال الفنون التي يُمكن أن تكون عرضة للضياع عقب سيطرة طالبان، أجابت كريمي "الموضة والسينما والموسيقى". وذكرت أن الأزياء الأفغانية التقليدية كانت قد بدأت في اكتساب شهرة مرة أخرى بعد سنوات من تأثير الأزياء الباكستانية والهندية والإيرانية، مضيفة "لقد أصبح (الزي الأفغاني التقليدي) جزءً من حياتنا وكان هناك العديد من المحال تبيع الأزياء التقليدية وبل وكان هناك أيضا مصممي أزياء بارعين معظمهم من النساء."
بيد أنه ومع سيطرة طالبان على زمام الأمور في أفغانستان تغير هذا وهو ما أشارت إليه كريمي بقولها: "عندما قررت طالبان منع النساء من الذهاب إلى العمل أو كشف وجوههن، فماذا سيترتب على هذا فيما يتعلق بملابس المرأة الأفغانية؟ فيمكن القول بأن المستهدف هي الموضة بشكل مباشر".
يشار إلى أنه في منتصف سبتمبر / أيلول الماضي، أطلقت النساء الأفغانيات حملة على مواقع التواصل الاجتماعية للاحتجاج ضد قانون حركة طالبان الجديد الصارم بشأن زي الطالبات تحت وسمين "لا تلمس ملابسي" و"ثقافة أفغانستان" حيث قمن بنشر صورهن بملابس تقليدية زاهية الألوان. وكانت طالبان قد فرضت الفصل بين الجنسين في الجامعات الأفغانية مع ضرورة إلزام الطالبات بارتداء الحجاب.
وشددت كريمي على أن السينما ستكون ضحية حكم طالبان خاصة وأن أبرز المخرجين في أفغانستان من النساء، مضيفة "لقد أردنا تغيير الصورة النمطية عن أفغانستان وإحياء قصص جديدة". بيد أن كريمي وغيرها من السينمائيات الأفغانيات قررن الهرب خوفا من طالبان.
الحرية بلا خوف
واتفقت كريمي على أن "النهضة الثقافية" التي تحققت في أفغانستان خلال العشرين عاما الماضية لم تلق القبول من كافة أطياف الشعب الأفغاني، إلا أن الذين خالفوا التقاليد الأفغانية لم يخشوا من عواقب وخيمة في حينه. وأضافت "لم تُقتل فتاة بسبب عدم ارتدائها الحجاب أو قامت برسم صور تكشف عن جسد المرأة إذ كان أسوأ شيء يمكن أن تتعرض له هو أن يُسأ فهم الأمر أو يتم الحكم على الفتاة استنادا لما قامت به.
لكن لم يصل الأمر إلى حد إلحاق الأذى بالفتيات أو وضعهن في السجون. كانت الفتيات يعيشن في حرية، لكن لم يكن يحصلن على دعم كافيء للقيام بأنشطة ثقافية وفنية لأن الحكومة السابقة لم تولي لهذه الأمور اهتماما كبيرا".
وخلال حضورها الحدث الفني في بون، شددت كريمي على أن الدعم المالي الدولي لم يكن يصل إلى الشبان والشابات العاملين في مجال العمل السينمائي. واتفق في هذا الرأي مارتن كوبلر سفير ألمانيا السابق في باكستان بين عامي 2017 و2019 والذي شارك في هذا الفعالية.
وأضاف "كان هناك أموال كافية للغاية، لكنها لم تكن تصل إلى الفئات المستهدفة دائما. كان يجب أن تذهب هذه الأموال إلى الشباب الأفغان والشابات الأفغانيات الذين يصنعون أفلاما لأبناء الشعب الأفغاني، لكننا تغاضينا الطرف عن ذلك". من جانبها، شددت كريمي على أن الأفغان وحدهم القادرون على إنقاذ ثقافتهم وفنونهم.
الضغط الدولي
وفي سياق مستقبل أفغانستان في ظل حكم طالبان، أكدت كريمي على أنه بصرف النظر عن دعوتها مرارا وتكرارا للمجتمع الدولي بعدم التفاوض مع طالبان، لكنها الآن لا تستطيع التكهن بأي حل للمأزق الأفغاني سوى "إبقاء أفغانستان في ضمير المجتمع الدولي".
وقالت كريمي إنها تعتقد أن ألمانيا تستطيع كدولة مؤثرة داخل الاتحاد الأوروبي على الضغط على طالبان لإرغامها على احترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة والقيم الديمقراطية والحريات الثقافية والمجتمع المدني في أفغانستان.
بريندا هاس / م ع