اللباد: السعودية تستخدم الحج كجزء من قوتها الناعمة
٣١ يوليو ٢٠١٧عادت مسألة تدويل الحج إلى المشهد من جديد بعد إعلان السعودية بأن المطالبات بها تعتبر إعلاناً للحرب ضد المملكة، في إشارة إلى قطر التي نفت تلك اتهامات. ويرى بعض الخبراء أن الدوحة لن تخوض هذا الصراع مع الرياض التي تستخدم الحج كقوة سياسية ناعمة. هذه التطورات جعلت قضية استخدام الحج كورقة سياسية تطفو على السطح من جديد. وفي إطار هذا الموضوع كان لـ DW عربية، الحوار التالي مع الدكتور مصطفى اللباد، رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية:
DW عربية: كيف تنظر إلى التجاذب الحالي بين قطر والسعودية فيما يتعلق بملف الحجاج القطريين والزعم بأنهم مُنعوا من أداء فريضة الحج هذا العام على يد السعودية؟
الدكتور مصطفى اللباد: موضوع السيادة على موسم الحج والأراضي المقدسة سياسي بامتياز وهو أساس مشروعية النظام السعودي. قبل تأسيس المملكة استولى مؤسس السعودية الملك عبد العزيز آل سعود على الأماكن المقدسة (مكة والمدينة) عام 1925، ومن بعدها أعلن المملكة العربية السعودية بعد ضم الحجاز. لكن حادثة مقتل حجاج إيرانيين في تدافع للحجاج قبل عامين أعادت موضوع التدويل إلى الأضواء مرة أخرى، إلا أن الموضوع كان دائماً محل نقاش ولكنه لم يكن محض اهتمام.
في هذا الصدد فإن طرح قطر الحالي بخصوص ملف الحج يؤلم السعودية ويزعجها لأنه (الطرح) يمسّ مشروعية السعودية المستمدة من الأراضي المقدسة، حتى وإن كانت الدعوات إلى إدارة مشتركة لمكة والمدينة غير متوقع نجاحها.
تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية أشار مؤخراً إلى أن السعودية استخدمت حصص الحجاج وورقة المساعدات المالية للضغط على دول أفريقية ذات أغلبية مسلمة كي تقف إلى جانبها ضد قطر. هل هذا يعزز – برأيك – من كون ملف الحجاج إحدى أدوات السياسة الخارجية السعودية؟
كما أسلفت، فإن توظيف ملف الحجاج وحصص الحجيج سياسياً كان – منذ تأسيس المملكة – وما يزال أداة تستخدمها الرياض كجزء من قوتها الناعمة، وهذا أمر طبيعي أن تلجأ لهذه الأداة من أجل فرض هيمنتها في المنطقة، سواء في مواجهة إيران أو في مواجهة قطر.
إذا ما كان ملف الحجاج ورقة سياسية بيد السعودية، فإن التساؤل هو عما يمكن فعله لإخراج هذا الملف من دائرة السياسة والإبقاء عليه كملف ديني بعيد عن التجاذبات. هل هذا ممكن؟
المعارضون لسيطرة السعودية على ملف الحج حالياً هم فقط إيران وقطر. أعتقد أنه عندما تبدي بقية الدول الإسلامية موقفاً مشابهاً لذلك، فيمكننا حينئذ أن نرى تغيراً. إلى حين ذلك تبقى فرص نجاح المطالب بإدارة مشتركة لمكة والمدينة ضئيلة.
ما البديل إذاً من وجهة نظرك؟
هذا الموضوع مرتبط بتوازن القوى في المنطقة. إدارة ملف الحج رهن موازين القوى في المنطقة. هذا الملف ليس سياسياً فقط من الرياض، بل إن قطر تستخدمه أيضاً سياسياً في الأزمة لأن الخوض فيه يزعج السعودية.
هل تتوقع في حال استمرار هذا الملف أو تصعيده تدخل قوى خارجية؟
لا. لا أتوقع تدخل أطراف دولية في هذا الملف. الموضوع سياسي بحت يلتحف بغطاء ديني، وأي تدخل أجنبي فيه سيعتبر مساساً بالشعائر الإسلامية والمقدسات الدينية.
ما هو توقعاتك لهذا الملف بالذات، إذاً؟
أتوقع أن تستمر إيران في مطلب تدويل ملف الحج لأنها تخوض صراعاً ضارياً مع السعودية. أما قطر فلا تخوض مثل هذا الصراع لأنها لا تمتلك الموارد والنفوذ الذي تمتلكه إيران. قطر تخوض أزمة طارئة ومؤقتة مع السعودية وهي لجأت إلى هذا الملف لتخفيف الضغط السعودي الممارس عليها.
الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية