القارة القطبية الجنوبية .. أرض عذراء يطمع فيها الإنسان
٤ يونيو ٢٠١٣من المسؤول عن عمليات الإنقاذ في حال سقوط طائرة في القارة القطبية الجنوبية؟ ومن يهتم بأن لا تتحول القارة إلى مكان للصراع بسبب ثرواتها الطبيعية؟
"هذه القارة التي تبلغ مساحتها 14 مليون متر مربع ليست تحت سلطة بلد ما". يوضح الألماني مانفريد راينكه لـ DW، السكرتير التنفيذي لاتفاق القارة القطبية الجنوبية منذ عام 2009، مضيفا أن هذا الاتفاق ينظم كل ما يهم القارة من حوادث وحتى ثرواتها الطبيعية.
اتفاق القارة القطبية الجنوبية تم التوقيع عليه عام 1959 أيام الحرب الباردة. وينص على أن لكل دولة حق الانضمام إليه. أما حق الانتخاب فينحصر بالدول التي تثبت أن لها بعثات بحثية ناشطة على أرض القارة. وكل سنة يجتمع الأعضاء التسعة والأربعون في إحدى دولهم حسب الترتيب الأبجدي لهذه الدول. وهذه المرة ستناقش الدول الأعضاء كيفية التعامل مع الكوارث أو الحوادث على أرض القارة، مثلا جنوح سفينة أو غرقها هناك.
تعاون دولي
"القارة ليست تحت سلطة دولة ما أو مجموعة دول، فكل ما يدور حول القارة يتم مناقشته خلال اجتماعات الدول الأعضاء وبالاتفاق". حسب راينكه، الذي يشير إلى أن الرابح الأكبر من الاتفاق السلمي بين هذه الدول، هو بعثاتها البحثية على أرض القارة، رغم أن هناك سبع دول تسيطر فعلا على مساحة من الأراضي هناك.
وفي هذا العام تستضيف بلجيكيا اجتماع الدول الأعضاء. وهي من الدول التي لها تاريخ طويل في عمليات البحث العلمي هناك. حسب ما يقول أليان هوبيرت، مدير المؤسسة البلجيكية الدولية للقطب الجنوبي. إذ إن أول بعثة بقيت خلال موسم شتاء كامل في القارة هي البعثة البلجيكية.
ويرى الخبير البلجيكي أن القطب الجنوبي هو مثال ناجح على التعاون الدولي، ويقول: "في الوقت الذي يزداد فيه عدد الناس حول العالم، تُطرح أسئلة حول كيفية العيش معا على هذه الأرض؟. والقطب الجنوبي هو رمز للتعايش بين الناس، ونموذج للإدارة المشتركة لجزء هام من الأرض".
تحريم .. ولكن
في عام 1991 تم التوقيع على بروتوكول إضافي لحماية البيئة في القارة القطبية الجنوبية. ويحرم البروتوكول استخدام أي ٍ من المصادر الطبيعية في القارة من نفط وغاز أو مواد أولية. "مع ذلك فإن القارة نظام بيئي حساس جداً. كما أن هناك عددا قليلا جدا من الناس يعيش على أرض القارة المتجمدة، وبالتالي نشاط بشري محدود جدا". يقول مانفريد راينكه، ويضيف: "عدد السياح إلى القارة يصل إلى حوالي 35 ألف شخص سنويا، وتتركز وجهة أغلبهم في مناطق معينة من القارة". وبسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض في الأعوام الماضية "يتطلب الأمر حذرا كبيراً للحفاظ على طبيعة القارة من الزوال". حسب الخبير الألماني.
وتركز البعثة البلجيكية عملها على دراسة نتائج التغيرات المناخية على القارة. حسبما يقول أليان هوبيرت، الذي يعمل بنفسه خلال موسم الصيف في مركز البعثة هناك. ويضيف "يجب التمييز بين النصف الغربي للقارة وبين نصفها الشرقي. ففي الجزء الغربي يلاحظ المرء تأثير التغييرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، مثلما هو الحال في مناطق جبال الألب وغرينلاند.
أما في الجزء الشرقي منها فإن درجات الحرارة مازالت تحت الصفر المئوي". ويبحث العلماء حاليا، إن كان الجزء الشرقي من القارة سيلاقي نفس مصير الجزء الغربي. حينها سيشكل ذلك سببا في ارتفاع منسوب مياه البحار، ما سيؤدي إلى حدوث مشكلة كبيرة للمجتمع الدولي.
باب الانضمام مفتوح
ذوبان جليد القارة القطبية الجنوبية، حفز دولا كثيرة لإرسال سفنها الباحثة عن مصادر الطاقة مثل النفط والغاز. فهل ستصمد القارة أمام المصالح الاقتصادية؟ هوبيرت يقول، إن الضغوط تزداد على القارة لاستغلالها اقتصاديا. فالمسالة تبقى مسالة تكلفة لاستخراج النفط والغاز منها. والاتفاقية بين الدول في النهاية هي من ورق. دليل ذلك، هي قضية صيد الأسماك في مياه القارة، والتي يطلق عليها اسم اتفاقية (CCAMLR). إذ رغم وجود هذه الاتفاقية إلا أن بعض الدول تقوم بصيد الأسماك بشكل غير متفق عليه.
لكن مانفريد راينكه متفائل بأن القارة ستبقى بعيدة عن الاستغلال الاقتصادي خلال الأعوام القادمة. "مازالت القارة مكانا يصعب الوصول إليه. إذ يصل سُمك طبقة الجليد في بعض المناطق إلى ثلاثة كيلومترات. ومحاولة استغلال ثروات القارة تواجه صعوبات اقتصادية وتقنية". وأخيرا يشير راينكه إلى أن الاتفاقية مفتوحة الزمن وليست محددة بتاريخ معين. ويمكن الانضمام إليها حتى عام 2048.