الفندق الذي غير مسار الحرب اللبنانية
١٢ أبريل ٢٠١٣لم يكن فندق "هوليدي إن" مجرد فندق عادي في العاصمة اللبنانية قبل بداية الحرب الأهلية في 13 نيسان/ أبريل 1975، بل كان أحد المعالم المهمة في البلد، حيث يقع في منطقة استراتيجية تطل على البحر الأبيض المتوسط شمالاً وتكشف الأسواق التجارية شرقاً في وسط بيروت والحمراء حتى الروشة غرباً، فيما كان يناطح السحاب بطوابقه الثلاثين، ويعانق مجموعة من الفنادق الفخمة الأخرى مثل فينيسيا وسان جورج ونادي ضباط الجيش اللبناني. أما زبائنه فكان معظمهم من السياح والصحفيين الأجانب.
حتى اليوم لا يزال فندق "هوليدي إن" منتصباً وسط بيروت بجراحه المثخنة، إذ لم يجر ترميمه نظراً نظرا لضرورة هدمه وإعادة بنائه من جديد، الأمر الذي يرتب كلفة مالية باهظة لا قدرة لمالكي أسهمه من اللبنانيين على تحملها في بلد لا يزال حتى الآن غير مستقر أمنياً رغم مرور23 عاماً على نهاية الحرب.
"بسقوط الفندق سقطت سلطة الدولة اللبنانية"
الطرف الذي سيطر على الفندق في البداية كان يتشكل من قوى مسيحية، وقد تحدث رئيس هيئة قدامى القوات اللبنانية، جو إدة، لـ DW عربية، عن أهمية الفندق بالنسبة لحزب الكتائب، قائلاً: "بعد سقوط منطقة الفنادق، والتراجع من جهة هايغازيان والقنطاري وبرج المرّ، أصبح موقع "هوليداي إن" أهم قلعة صمود للدفاع عن المناطق المسكونة من المسيحيين في دائرة تسمّى المقاطعة الرابعة غرب بيروت، والتي كانت تضم مركز القيادة الكتائبية آنذاك، إذن سقوط فندق "هوليداي ان" يعني سقوط كل الشوارع والمناطق" التي كان يقطنها مسيحيون.
القائد الكتائبي إده أوضح أن التحالف المتشكل من الفلسطينيين وقوى اليسار استطاع أن يتقرب إلى المناطق الشرقية ليدور القتال بعد سقوط الفندق في الأسواق التجارية بكلفة خسائر بشرية جسيمة، ثم استقر الوضع القتالي إلى جانب مرفأ بيروت وشارع اللنّبي وفوش. وأضاف إده أن "سقوط الفندق شكلت لنا خسارة اقتصادية ومعنوية وعسكرية. ومن الناحية السياسية، فقدت الدولة اللبنانية هيبتها وقرارها السياسي وانتقل القرار من السلطة السياسية إلى يد الأحزاب المسيحية في الشرقية والفصائل الفلسطينية وحلفائها في الغربية، فانهارت الدولة".
رؤية المعسكر الآخر حسب رواية "المرابطون"
سيطرة القوات الكتائبية على مبنى الفندق كانت قوية، وكان هذا سيجبر الطرف الأخر على استخدام أساليب جديدة في القتال، حسبما روى لـ DW عربية عضو اللجنة التنفيذية في حركة الناصريين المستقلين (المرابطون)، الدكتور سمير صباغ، قائلاً: "كنا نحاول إحراق غرف الفندق من خلال رمي نبال نارية، لكن النيران كانت تنطفئ ، حتى تدخلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وتمكنت من فتح ثغرات في الجدران أفسحت المجال أمام المقاتلين للدخول وتمشيط الفندق بشكل كامل"، مشيراً الى أن "المرابطون" كانوا رأس حربة في هذه المعارك وسقط لهم خمسة قتلى هناك بينهم " القائد الميداني عمر مكداشي الذي قتله قناص كان لا يزال مختبئاً في الفندق بعد سقوطه وتم رميه من أعلى الفندق حين عثروا عليه".
ويرى بعض الخبراء العسكريين أن وجود البنك المركزي اللبناني في منطقة قريبة إلى الفندق كان سببا مهما لاستماتة أطراف الصراع للسيطرة عليه، والى ذلك ذهب
المحلل السياسي يونس عودة، الذي كان مقاتلاً في صفوف حركة فتح، وشارك في حرب الفنادق، شارحا لـ DW عربية، أن "هدف هذه المعركة كان بالدرجة الأولى حماية البنك المركزي في الحمراء ومن ثم دفع القوى المسيحية في اتجاه المرفأ والسيطرة على بيت الكتائب في ستاركو وسط بيروت". شارحا كيفية خوض تلك المعركة من ثلاثة محاور: نزلة جنبلاط لجهة الحمراء ومن البحر جهة عين المريسة ومن جهة القنطاري جنوباً.