الفنانون السوريون في الأردن يواجهون صعوبات كبيرة
٢١ نوفمبر ٢٠١٢بعد أن لجأ عدد من الفنانين والمثقفين السوريين إلى الأردن، تفاجأ الكثير منهم "بالمكانة البائسة لواقع الفن في الأردن"، كما واجهوا تحديات كبيرة من أبرزها، قلة مجالات العمل الفني الأمر الذي دفع بعض هؤلاء إلى اللجوء إلى وظائف بعيدة عن الفن والثقافة، فيما اضطر البعض الأخر إلى الخروج من الأردن بحثا عن فرص فنية أفضل في بلدان أخرى.
ويقول المطرب السوري أنس النشواتي، الذي احترف الغناء قبل بدء الأحداث في سوريا بستة أشهر، إنه اضطر إلى الخروج من بلاده في شهر شباط / فبراير عام 2012 بسبب اضطراب الوضع الفني السوري و"المضايقات الأمنية والاعتقالات التعسفية" التي لاحقته بسبب كلامه وانتقاداته لما يجري ووقوفه إلى جانب "الحق السوري في التغيير والحرية" فلجأ إلى الأردن.
"الواقع الفني في سوريا يختلف عن الأردن"
ويضيف النشواتي في حوار مع DW عربية أنه أصيب بصدمة في عمان عندما رأى "حال الفن البائس والثقافة المتواضعة" في الأردن وأنه سعى في بداية الأمر إلى العمل في مجاله الغنائي لكنه لم ينجح. و يقول إن "مجالات الوسط الفني محدودة جداً ويحتاج كل من يعمل فيه إلى معارف" فاضطر للعودة إلى شهادته الأصلية وهي الطب النفسي وهو يعمل الآن في هذا المجال.
ويعبر النشواتي عن حزنه الشديد لما وصل إليه حال بعض الفنانين السوريين الذين "تشتتوا"، كما يقول، في بلدان العالم العربية والأجنبية.
من جهتها تقول بطلة أعمال الدبلجة الإعلامية السورية، مارلين شكيب، في حوار مع DW عربية إن من الطبيعي وجود صعوبات أمام الفنانين السوريين في الأردن، "فطبيعة الواقع الفني في سوريا تختلف عن الأردن رغم وجود تشابه بين البيئتين" وتضيف أن السوري له طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة باقي العرب، "فسوريا معطاءة بكل المقاييس، كما أن الحياة فيها كانت في السابق سهلة، ما دامت بعيدة عن الجوانب الأمنية"، لذلك فالفنان يعيش في بيئة خلاقة والشعب السوري بطبعه "يحب الفرح مهما كانت المآسي التي تحيط به".
"الانطواء تحت مظلة الأحداث السائدة"
وتضيف مارلين شكيب أن الفنان السوري، سواء الممثل أم المطرب أو حتى المثقف، يمتلك جوانب عديدة في شخصيته تؤهله لأن ينوع في عمله، لكن البعض واجه صعوبات في الأردن، من بينها قلة الإنتاج الفني "فمنهم من أتجه لأعمال أخرى، ومنهم من غادر الأردن".
وتلقي شكيب باللوم على الطرفين السوري والأردني وتقول إنه "لو رجعنا بذاكرتنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن التعاون الأردني السوري في مجال الدراما مثلا ليس بجديد، فلماذا لم يستغل الطرفان الظروف والعمل معاً لإنتاج عمل درامي رائد؟" وتعبر عن استغرابها من "انطواء الطرفين تحت مظلة الأحداث السائدة". وتعتبر ذلك نوعا من الكسل، "فالفنان والمثقف مطالب بالتوثيق للواقع"
وحول لجوء بعض الفنانين السوريين في الأردن إلى وظائف بعيدة عن الفن والثقافة تقول مارلين شكيب إن الطبيعة الفنية في الوطن العربي ككل "ضعيفة وهشة"، والسبب دوافع بعض شركات الإنتاج الفنية التي تستغل السوق وتفرض عليها ما يباع دون التفكير بالمضمون. "فالكثير من الفنانين المبدعين السوريين والعرب يعانون من هذا الواقع. وتضيف أن من الطبيعي أن نجد الممثل يتحول لمذيع والعكس وطبعاً المطرب يمثل ويمتهن التمثيل وإلى آخر ذلك للأسف.
"أجعلوا من الواقع مادة دسمة لفنكم"
وترى أنه لم يعد يوجد مهنية مطلقة في مجالات "الميديا" بمختلف أوجهها. وتقول إن هذا الواقع سيتحول نحو الأفضل عندما تصبح الحرية جزءا لا يتجزأ من الحياة، خاصة إذا كانت الحرية حقيقية وليست مزيفة وقتها ستُفرض على المجتمع الاختصاص. و في الوقت ذاته "لا نستطيع مطالبة الكثيرين ممن برزوا في مجالات تختلف عن اختصاصهم أن يتركوا ما هم عليه، لأنهم نجحوا".
وتخاطب مارلين شكيب الفنانين قائلة "لا تستسلموا للواقع ولا تجعلوه يفرض عليكم ما يشاء بل أجعلوا من الواقع مادة دسمة لفنكم".
"أصبحوا عبئاً ويشاطرون الفنانين الأردنيين في أعمالهم"
ويؤكد نقيب الفنانين الأردنيين، حسين الخطيب، في حوار مع DW عربية أن نقابة الفنانين السوريين لم تخاطب نظيرتها الأردنية بشأن فنانين مسجلين في نقابتهم السورية ومتواجدين في الأردن، وذلك للتعاطي معهم أو التعامل مع شأنهم الاقتصادي. ويضيف أن نقابة الفنانين الأردنيين تعاملت مع حالة واحدة فقط، وهي لمسرحي سوري قدم إلى النقابة لطلب تصريح لتسهيل عمله في المسرح.
ويضيف أن نقابة الفنانين الأردنيين تعتمد فقط الفنانين السوريين المسجلين لدى نقابة بلدهم ، أما فيما يتعلق بغير المسجلين فيقول الخطيب إن الذين يعملون في "الكوفي شوب" والمنشآت السياحية كمطربين أو فنانين "أصبحوا يشكلون عبئاً ويزاحمون الفنانين الأردنيين في أعمالهم". ما شكل نوعا من الحمل الزائد وتسبب ذلك في ضرر الفنانين الأردنيين سواء كان عضوا أو غير عضو في نقابة الفنانين الأردنيين.
و يضيف أن النقابة قد تضطر لمواجهة هذا الأمر "فيجب أن تكون الأولوية للفنان الأردني حتى لا تزيد البطالة في هذا القطاع، "فالفنان الأردني أصلا في وضع سيئ وسوق العمل لا يحتمل هذه الأعداد". ويؤكد وجوب أن يكون هناك تنظيم من وزارة العمل "فلا مانع من عمل الفنانين السوريين شريطة عدم الاستغناء عن الأردنيين".