اللاجئون السوريون في الأردن بين الواقع المر وأمل العودة
٢٥ أكتوبر ٢٠١٢يوسف هو أب لابنتين: رنا التي تبلغ أربع سنوات من العمر و سحر في السادسة من العمر. في دمشق كان ليوسف - مثل والده- متجر لبيع السخانات. وكان يوسف يوفر كل شهر من عائدات المتجر إلى أن دمرت إحدى الدبابات متجره. يقول يوسف:" كنت قلقا على أمن أطفالي وعائلتي. لذلك ارتشيت موظفا في المطار بالمال الذي وفتره من التجارة، ليسهل لنا السفر إلى عمان".
ولأنهم جاؤوا إلى الأردن عن طريق الطائرة، لم يكن مسموحا لهم بالعيش في مخيمات اللاجئين. يعيش يوسف مع زوجته وطفلتيه في بيت صغير في عمان، لكنه مرتب. لقد استطاعت هذه الأسرة تحقيق قدر من الحياة الطبيعية. ولكنهم وكبقية اللاجئين لديهم معركة مع الذكريات السيئة التي عاشوها في سوريا في الوقت الأخير.
بصوت منخفض يحكي الأب عن الساعات التي قضاها مع أسرته في قبو، هربا من القتال. لقد حاول أن يشرح الأمر لأطفاله، بقوله إن الأمر مجرد لعبة و أن العائلة تقوم بنوع جديد من التخييم في القبو.
رنا وأختها سحر ترتديان نفس الملابس: حذاء أبيض مزين بورود زرقاء، وسروال وردي، وفستان أبيض. في سوريا كان لرنا صديق متخيل: تميم. كانت تحكي لتميم كل شيء. ومنذ مجيئها للأردن، لم تعد تتكلم معه، تقول:" لقد مات تميم".
مخيمات خاصة بالجنود الفارين
بينما تعيش أسرة يوسف في بيت صغير، هناك عدد من اللاجئين الذين يقيمون في المخيمات. بالنسبة للجنود السوريين الفارين، هناك مخيمات خاصة بهم. حيث يتم فصلهم بحزم عن المدنيين. الكثير من هؤلاء الجنود تركوا وراءهم طريقا طويلا وصعبا.
لكن لا يستقر كل هؤلاء الجنود في هذه المخيمات. بعضهم قدم نفسه كمدني بهدف النجاة من" وضع التحفظ عليه". ومنهم الجندي عبد القادر. فهو نجح بطرق ملتوية في الحصول على غرفة في عمان. عبد القادر، طويل القامة وعمره 21 سنة يضغط بقوة على اليد عند المصافحة. وهو ودود وخجول شيئا ما. كان حارسا شخصيا لأحد القياديين في الجيش السوري، وهرب عندما طلب منه إطلاق النار على الشباب المتظاهر، ولكن تم إلقاء القبض عليه.
يقول عبد القادر: "عندما وصلت إلى السجن وضعوا غطاء على رأسي، وجردوني من ملابسي، و بدأوا في تعذيبي". خمسة عشر يوما قضاها الجندي تحت التعذيب. ثم تابع حديثه وهو يسحب نفسا عميقا من السيجارة: " أتلقى كوب ماء واحد كل يومين وخبزا فاسدا، وكنت واثقا أن هذه هي النهاية، و أني سأموت لا محالة".
بعد أشهر عديدة، نجح عبدالقادر في الهروب إلى الأردن بمساعدة من الجيش السوري الحر. ويقول:" أريد أن أقاتل مجددا. عدد كبير من أصدقائي من الثوار. أنا في حاجة إلى جواز سفر حتى أستطيع دخول سوريا عن طريق تركيا". ويرفع رأسه قائلا:" لن أغفر لهم ما فعلوه بي. سأنتقم منهم وأقتلهم". ثم أطفأ السيجارة وحدق في صمت.
البرلماني الهارب
من بين الاجئين حاتم الطاهر الذي تمكن أيضا من الهروب من سوريا. فهو يجلس على أريكة فاخرة في شقة في عمان ويحكي قائلا:"لقد شجعت الناس على الانضمام للثورة. وعندما عُرف الأمر أرادوا اعتقالي". وعلى إثر ذلك أسرع في مغادر سوريا بعد ما كان قبل شهور قليلة نائبا برلمانيا في مجلس الشعب السوري.
جاء النائب الطاهر عن طريق درعة رفقة زوجته وأطفاله الخمسة. وبفضل علاقاته الجيدة في الأردن استطاع العثور على شقة. ويضيف أن الكثير من أقاربه ما يزالون في سوريا." إنه اختبار للعالم إن كانت حقوق الإنسان مهمة فعلا أم أن الدفاع عنها هو مجرد نفاق."
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تتوقع ارتفاع عدد اللاجئين السوريين إلى 700.000 لاجئ حتى نهاية هذا العام. صور عيش اللاجئين السوريين في الأردن كثيرة وتبدو في أشكال مختلفة غير أن كل اللاجئين هناك يشتركون في شيء واحد، وهو الأمل في العودة سريعا إلى بلدهم.